جدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الخطاب الردعي للمقاومة في وجه التهديدات الاسرائيلية التي تصاعدت أخيراً، على خلفية الاعتقاد بتخلخل هذا الخطاب لانشغال الحزب في القتال في سوريا. وأضاف نصرالله الى خطابه الردعي «جرعة زائدة» لإعادة التوازن الى الوعي الاسرائيلي، رافعاً السقف الى مستوى التلويح، للمرة الأولى، بأسلحة غير تقليدية في أي حرب مقبلة على لبنان الذي «يمتلك قنبلة نووية اليوم»

 

جدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التأكيد أن المقاومة «قادرة على منع الانتصار الاسرائيلي في أي حرب مقبلة على لبنان وعلى إلحاق الهزيمة باسرائيل». ولفت في مهرجان «الوفاء للقادة الشهداء»، في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية أمس، إلى أن «البعض يقول إن الفرصة الاقليمية لإسرائيل متاحة لشنّ حرب على لبنان وضرب المقاومة وإعادتنا 20 سنة الى الوراء»، مشدداً على أن إسرائيل «لا تحتاج ظروفاً إقليمية أو دولية لتشن حرباً. ما يمنع قيام حرب هو وجود مقاومة وحضن لهذه المقاومة والجيش الوطني».

وأكد أن «انشغالنا في أماكن أخرى لن يمنعنا من الانشغال بالعدو الصهيوني. والمقاومة في لبنان قوية وتملك قدرات دفاعية جديدة، والاسرائيلي يحسب ألف حساب قبل أن يفكر في أي حرب مقبلة، ويعرف أن صواريخ المقاومة تطال أي مكان في فلسطين المحتلة، كما نعرف أن لدى إسرائيل نقاط ضعف كثيرة». ولفت نصرالله الى آراء لخبراء إسرائيليين تخشى من أن تستهدف المقاومة في أي حرب مقبلة حاويات غاز الأمونيا في حيفا «التي تجنبنا في حرب تموز أن نمد يدنا عليها»، وهو «ما قد يؤدي الى مقتل 800 ألف شخص ويحدث ضرراً يعادل ما تحدثه قنبلة نووية»، معتبراً أن «لبنان اليوم يمتلك قنبلة نووية، بمعنى بضعة صواريخ من عندنا زائد حاويات الأمونيا في حيفا نتيجتها قنبلة نووية. إذا سقطت بضعة صواريخ في هذه الحاويات في منطقة يسكنها 800 ألف نسمة فسيقتل منهم عشرات الآلاف».


إذا لم تتدخل أنقرة والرياض ستنتهي أزمة سوريا. أما إذا أتوا، فستنتهي أزمة المنطقة كلها

 


ورأى نصرالله أن «الاسرائيليين، بحسب تقديراتهم، يعتبرون أنهم أمام فرصتين وتهديدين: الفرصة الاولى هي تشكل مناخ مناسب لإقامة علاقات وتحالفات مع الدول العربية السنيّة، والثانية هي إمكانية تغيير النظام في سوريا بما ينزل ضربة قاسية بمحور المقاومة». أما التهديدان فـ»الأول هو إيران والثاني حركات المقاومة في فلسطين ولبنان». وأوضح أن «حزب الله خطر على المشروع الإسرائيلي وعلى أطماع إسرائيل وعائق في وجه مشاريعها، لذلك تلجأ الى طرق عدة لإزالة هذا الخطر. ومن هذه الطرق الحرب الشاملة، والخيار الثاني محاصرته سياسياً وشعبياً وإعلامياً ومالياً، وقطع خطوط الامداد، واغتيال قياداته واختراقه أمنياً من خلال الجواسيس وتشويه صورته في العالم، وانكفاء الحاضنة الشعبية حتى يصبح هزيلاً ضعيفاً»، لافتاً إلى أنهم «الآن يعملون على تحويل حزب الله من منظمة إرهابية الى منظمة إجرامية، واتهامنا بالاتجار بالمخدرات وغسل الاموال، وقتل الاطفال واغتصاب النساء. هذه ماكينة إعلامية دولية وخليجية تعمل على مدى الساعة. هذا جزء من الحرب لمصلحة إسرائيل في النيل من أي دولة مقاومة وأي نظام مقاوم وصولاً الى الحرب النفسية والحديث عن حرب لبنان الثالثة»، مشدداً على أن «الحرب النفسية لن تجدي معنا. نحن لن نتراجع ولن نستسلم ولن نضعف وسنواصل في موضوع جاهزية قدراتنا العسكرية والكمية والبشرية والمادية».
وأكد أن «الإسرائيليين وحكومات عربية يدفعون بقوة لتصوير ما يجري في المنطقة كصراع سنّي ــ شيعي رغم أن الصراع سياسي، لأن العنوان الطائفي يخدم مصالحهم»، لافتاً الى «تطابق بين الادبيات الاسرائيلية وبعض الاعلام العربي، وخصوصاً السعودي والخليجي»، والى أن «الاسرائيلي يعتبر تطورات المنطقة فرصة ذهبية ليقدم نفسه صديقاً لأهل السنّة في العالم العربي والاسلامي».


 

وأشار الى أن «إسرائيل تعاطت مع الاحداث السورية كفرصة لتغيير النظام الذي يعتبر عمود خيمة المقاومة، وإذا كسر هذا العمود فسيتلقّى محور المقاومة ضربة قاسية جداً»، فيما تعتبر إسرائيل تنظيمات «القاعدة» و»داعش» و»جبهة النصرة» «خياراً أفضل من نظام الرئيس بشار الاسد الذي كان وما زال وسيبقى يشكل خطراً، من خلال موقعه في محور المقاومة، على المشروع الصهيوني وعلى مصالح إسرائيل في المنطقة». ولذلك، «تتفق مع السعودية وتركيا على أنه يجب عدم السماح بأي حل يؤدي الى بقاء الرئيس الاسد ونظامه، حتى لو حصلت تسوية ومصالحة وطنية سورية، وهم يعطلون المفاوضات ويضعون شروطاً مسبقة ويرفعون الاسقف التي لم تعد مقبولة أوروبياً وأميركياً، ولا مشكلة لديهم في استمرار الحرب، ويعتبرون أيّ مصالحة وطنية خطراً عليهم»، مؤكداً أن «الإسرئيليين سلّموا تقريباً بواقع أنه لا يمكن إسقاط النظام، لذلك يطرحون تقسيم سوريا على أساس أقاليم عرقية وطائفية».


محورنا أمام انتصارات كبيرة، وهذا يدل على أن هناك مساراً جديداً في سوريا والمنطقة

 


وشدّد الأمين العام لحزب الله على أن «إسرائيل فشلت في سوريا، لأن هدفها إسقاط النظام وهذا لم يتحقق، وفشلت في أن تصل بسوريا الى مرحلة التقسيم، لأن الجيش السوري والقوى الشعبية عندما يقاتلون في اللاذقية وحماة وحلب وحمص يؤكدون رفضهم للتقسيم، وما يقال عن أن القتال هو لإيجاد دويلة هو كذب وافتراء. ونستطيع القول إن مشروع القاعدة بجناحيها داعش والنصرة لإقامة دولة جاهلية باسم الاسلام في سوريا قد فشل، وسقط مشروع الإمبراطورية العثمانية الحديثة والجديدة، كما سقط المشروع السعودي في سوريا ولم يجنِ إلا الخيبة، وهو يتجرع اليوم كأس أحقاده وفشله». وأكد «أننا أمام انتصارات كبيرة في محورنا. لا أتحدث عن نصر كامل، بل تطورات ميدانية هائلة وضخمة في ريف اللاذقية وريف حلب الشمالي، وهذا يدل الى أن هناك مساراً جديداً في سوريا والمنطقة».
وعن التلويح التركي والسعودي بالتدخل البري في سوريا، سأل نصرالله: «الآن استيقظت السعودية وتركيا على داعش في الرقة ودير الزور وشمالي حلب؟»، مؤكداً أن «الدافع ليس قتال داعش، وتركيا إذا أرادت التخلص من داعش يكفي أن تقفل المعابر وتوقف شراء النفط الذي يدرّ ملايين الدولارات على داعش، فيما القاعدة وداعش يسيطران على عدن بدعم سعودي. يسلّمون جنوب اليمن لداعش ويريدون قتالها في سوريا؟». وقال: «إذا لم تدخل أنقرة والرياض إلى سوريا فستنتهي أزمة سوريا، ولكنها تحتاج الى وقت، أما إذا أتوا فستنتهي أزمة المنطقة كلها»، لافتاً إلى أن «المهم أن يعلم الجميع أن الإرادة انتصرت حتى الآن، وهي قوية جداً على مستوى القيادة والجيش والقوى الشعبية والحلفاء، ولن يسمح لا لداعش ولا للنصرة ولا للقاعدة ولا لأميركا ولا لإسرائيل أن يسيطروا على سوريا. وستبقى سوريا لأهلها ولشعبها، هم وحدهم يقررون مصيرها، ونظامها، ودستورها، ورئيسها، وموقعها في المعادلة، وستبقى سوريا عمود خيمة المقاومة في المنطقة. ونحن في حزب الله، من موقع الشراكة بالدم، نفتخر أننا ساهمنا بمقدار جهدنا وطاقتنا في مواجهة هذه المشاريع الخطيرة على لبنان وسوريا، وعلى منطقتنا وأمتنا»، مشدداً على «أننا نصنع جنباً الى جنب مع الجيش السوري الانتصار تلو الانتصار في الايام الآتية والسنين الآتية والقرون الآتية، وسنبقى حيث يجب أن نكون وسنصنع الانتصارات».
وكان نصرالله قد استهل خطابه بالتهنئة بذكرى انتصار الثورة الاسلامية في إيران، وبتقديم التعازي بالذكرى الـ11 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، معتبراً ذلك «من واجبنا الأخلاقي رغم الخصومة السياسية مع بعض ورثته، ونأمل أن يأتي يوم تجمع فيه هذه الذكرى اللبنانيين جميعاً». وتوقف عند الذكرى العاشرة لتفاهم مار مخايل مع التيار الوطني الحر «والذي تطور إلى تحالف قوي وأكيد». كذلك توقف عند الذكرى الخامسة لثورة البحرين «التي تواصلت رغم القمع والسجن والقتل»، وحيّا «اليمنيين الصامدين على مقربة انتهاء عامٍ من العدوان الأميركي ــ السعودي على اليمن الذي ما زال جيشه ولجانه الشعبية يسجلان أروع البطولات ويسطران أعظم الملاحم في الصمود والمواجهة وصدّ العدوان».