حسنت النيّات، يمكن القول ان المعنيين بالملف الرئاسي «كل يغني على ليلاه»، وهذا يعني ان لا نقاط التقاء بين هؤلاء.
وفي حين كان الرئيس سعد الحريري يعتبر ان انتخابات الرئاسة هي القضية رقم 1 بالنسبة لاهتماماته، سواء في أحاديثه في الاجتماعات التي يعقدها أو مع الصحافيين أو خلال ترؤسه اجتماع كتلة «المستقبل»، كانت «الكلمات المتقاطعة» أو «لعبة الغميضة» تحكم مواقف كل من «حزب الله» و«التيار الوطني الحر».
ومن دون ان يمنع هذا المشهد المريب الرئيس نبيه برّي من التحضير لطاولة الحوار التي تعقد ظهر اليوم في عين التينة، من دون ان تسجل أي خرق في مستوى الحضور، فالرئيس الحريري لن يُشارك وسيمثل الكتلة و «التيار» الرئيس فؤاد السنيورة، والعماد ميشال عون لن يُشارك أيضاً، ولا زيارة قريبة له إلى «بيت الوسط»، بعد البيان الذي اصدره تكتل «الاصلاح والتغيير» بعد اجتماعه أمس، واستند فيه إلى إعلان «لاهافانا» للمطالبة بالميثاقية والشراكة في الدولة، واصفاً تهميش المسيحيين بأنه ناجم عن «سعي بعض القوى السياسية مدفوعة بعقيدة دنيوية غالباً ما تكون عدوانية».
وعوض ان يتطرق التكتل إلى مسألة مشاركته في الجلسة النيابية المقررة في 2 آذار لانتخاب رئيس الجمهورية، مضى في رفع صيحات المخاطر من «ضرب العيش المشترك ووحدة الوطن لأن المسيحيين ليسوا اتباعاً». (راجع ص 3)
وازاء انعدام اللغة المشتركة، عادت الرئاسة الأولى إلى نقطة الصفر، وبدا ان المأزق آخذ بالتفاقم في ضوء انخراط «حزب الله» ولسنوات بعيدة، وربما قرون في صراعات المنطقة، إلى جانب الجيش السوري لصنع الانتصار على حدّ تعبير أمينه العام السيّد حسن نصر الله الذي شدّد في الخطاب السنوي لمناسبة احياء ذكرى «الشهداء القادة» انه لن يسمح «للجماعات الارهابية» ولا للولايات المتحدة وتركيا بالسيطرة على سوريا، متعهداً بإلحاق الهزيمة باسرائيل في أي مواجهة محتملة. (راجع ص 4)
والسؤال: لماذا تجاهل الأمين العام لـ«حزب الله» وقبله «التيار الوطني الحر» الإدلاء بموقفهما من الدعوة إلى الذهاب إلى المجلس من ضمن الآليات الدستورية وانتخاب من يراه النواب مناسباً للرئاسة الأولى؟
وإذا كانت مصادر الحزب امتنعت عن إعطاء أي تفسير، عزا مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» هذا التجاهل إلى أحد سببين: اما انه ليس لديه شيء ليقوله، أو انه تعمد إيصال رسالة للخصوم بأن موقفه من الاستحقاق الرئاسي لم يتغيّر لجهة اصراره على ان يكون النائب عون مرشحاً وحيداً، أو لا انتخابات رئاسية.
وحول ما قاله السيّد نصر الله عن أهل السنة، بناء على كلام إسرائيلي، اعتبر المصدر ان نصر الله لم يكن موفقاً لا على المستوى الاستراتيجي ولا على المستوى التكتيكي، لا وطنياً ولا إقليمياً، مشيراً إلى ان النظام السوري الذي دافع عنه لم يُطلق وردة على إسرائيل، مؤكداً ان إسرائيل هي التي تحمي نظام الأسد، وهي, أي إسرائيل هي التي ضغطت على واشنطن لعدم الذهاب بعيداً في دعم الثورة السورية.
وفي رأي مصادر خبيرة في تعاطي «حزب الله» مع الملفات، ان السيّد نصر الله تعمد عدم التطرق إلى الملف الرئاسي مستفيداً من طبيعة المناسبة حيث احتلت التهديدات الإسرائيلية وكيفية ردّ الحزب عليها القسم الأكبر من الخطاب الذي ناهز الساعة (70 دقيقة) الأمر الذي لا يعني ان الحزب غير معني بما استجد على صعيد الرئاسة الأولى، بل الاعداد لمفاجآت ضمن سياسة التكتم والتنسيق فقط مع التيار العوني، خاصة وأن مرشحه عون خارج التوافق الوطني والإقليمي والدولي.
واستناداً إلى هذه المصادر، ارتأت قيادة «حزب الله» الابتعاد ما امكن عن الأخذ والرد في هذا الملف، وترك رئيس تيّار «المستقبل» يصفق بيد واحدة، وهو يسعى لإنهاء الشغور الرئاسي.
وقالت ان الامتناع عن التعليق أو إصدار أي موقف يعني ان تحالف حزب الله - عون هو في موقف الدفاع وليس في الهجوم، ويتعاطى مع الرأي العام النيابي والسياسي الضاغط لانتخاب الرئيس بعدم ارتياح، بعد تمسك الرئيس الحريري بترشح النائب سليمان فرنجية، والإعلان صراحة ان لا فرصة متاحة الآن لقبول النائب عون مرشّح توافق أو إجماع وطني.
وانتهت هذه المصادر إلى ان برنامج الانتظارات من اليوم وحتى 2 آذار بات بحكم المقفل، فلا الحوار الثنائي قادر على إنتاج أي تقارب، ولا الترويج العوني لاقناع «المستقبل» بتبني ترشيح عون بات ممكناً، وأن الرهان على موقف الرئيس نبيه برّي خارج تفاهم واسع يمكن ان يكون في محله، خاصة وأن طاولة الحوار ليس في مقدورها احداث أي خرق في الجدار الرئاسي.
حركة الحريري
وفي الانتظار، تؤكد مصادر متابعة للقاءات التي عقدها الرئيس الحريري على أنه ركّز خلال اجتماعاته كافة ومنذ عودته الى بيروت، على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت ممكن، مشيرة الى ان هذا الموضوع كان الطبق الرئيسي على مائدة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وأن كل ما تم البحث به خلال الاجتماع أعلنه الحريري وجعجع أمام الاعلام وهما متفقان على أهمية وضرورة اجراء الانتخابات والنزول الى المجلس النيابي.
وحول ما توجه به الحريري في خطابه لجعجع والذي لقي اصداء سلبية من قبل «القوات اللبنانية» أشارت المصادر الى ان الموضوع انتهى خلال ثلاث دقائق من الاجتماع الذي استمر لثلاث ساعات ، وأن زيارة الحريري الى معراب كانت مفيدة جداً والمباحثات كانت ممتازة وصريحة.
وشددت المصادر على ان طرح حزب الكتائب باحترام الدستور وتطبيق القانون هو طرح طبيعي، لانه لا يمكن انتخاب رئيس لا يحترم الدستور ولا يطبق القانون, فكيف يمكن انتخاب مثل هكذا رئيس، واعتبرت المصادر أيضا ان الموقف الذي اعلنه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط له دلالات ايجابية خصوصا من الموقع الذي أعلن فيه هذا الموقف من عين التينة، في إشارة تدل على ان الرئيس بري غير بعيد عمّا أعلنه جنبلاط.
وأكدت المصادر ان ما يقوم به الرئيس الحريري وقوى الرابع عشر من اذار والنائب جنبلاط في المساهمة بانشاء غالبية نيابية عابرة للطوائف والمذاهب والاصطفافات السياسية مقتنعة في أن تاخذ اللعبة الديموقراطية دورها. اما في حال بقيّ موقف «حزب الله» والعماد عون وسليمان فرنجية بعدم نزولهم الى المجلس النيابي، فهذا يعني خلقهم اصطفافات سياسية غير عابرة للمذاهب وترفض الانتخابات الديموقراطية.
وكان الرئيس الحريري الذي ترأس اجتماع كتلة «المستقبل» بعد مجموعة لقاءات عقدها في «بيت الوسط» مع الرئيس ميشال سليمان وعدد من السفراء والوزراء والنواب، قد وضع نواب الكتلة في أجواء الاتصالات التي يتابعها بهدف الإفراج عن البلد من خلال إعطاء الأولوية للإنتهاء من الفراغ الرئاسي وترتيب البيت الداخلي على صعيد قوى 14 آذار، وإعادة تفعيل الأمانة العامة، بعد الانتهاء من الدراسة النقدية التي دعا إليها في خطابه في «البيال»، من أجل استنهاض هذا التحالف العريض.
وشدّد الحريري خلال الاجتماع على أن تيّار «المستقبل» هو تيّار عابر للطوائف والمذاهب والمناطق، معلناً التزامه بتأييد ترشيح النائب فرنجية إلى النهاية وعدم السير بموضوع عون بأي طريقة، لافتاً إلى أن الأمور مع «القوات اللبنانية» جيّدة، مع أن كل طرف ما زال على موقفه من موضوع رئاسة الجمهورية، وكذلك الأمر مع حزب الكتائب.
ملف النفايات: عودٌ على بدء
إلى ذلك، توقعت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن يُثار ملف النفايات مجدداً في جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد غداً بعد التطورات الحاصلة في هذا الملف، وأشارت إلى أن الجلسة ستستكمل البحث في بنود متراكمة من جداول أعمال سابقة، ومن أبرزها إحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي إضافة إلى البند المتعلق بجسر جل الديب.
وتبلّغ الوزراء، وحسب المصادر، أن تطول الجلسة لإنهاء البنود المتراكمة.
وأبدت المصادر أسفها لما وصل إليه ملف ترحيل النفايات في ضوء المعلومات التي أوردتها وكالة «تاس» الرسمية الروسية، من أن الوثائق التي قدمتها شركة «شينوك» البريطانية، إلى مجلس الإنماء والاعمار بالنسبة إلى موافقة وزارة البيئة الروسية على نقل نفايات لبنان إلى منطقة «كوبان» هي وثائق مزورة، وأن السلطات الروسية لم تمنح وثيقة تسمح بنقل النفايات إلى أراضيها.
وفي حين اعتبر وزير الزراعة أكرم شهيّب المكلّف متابعة ترحيل النفايات أن الدائرة القانونية في مجلس الإنماء والاعمار هي المخوّلة رسمياً التدقيق في الوثائق التي قيل أنها مزورة، أشارت مصادر اللجنة الوزارية إلى أنها لم تتلق حتى الساعة أي اتصال في شأن هذه الوثائق، كاشفة أن مصدرين رسميين روسيين كانا تواصلا مع الجانب اللبناني في شأن الترحيل، متخوّفة من أن تكون جهات لبنانية تعمل عمداً لتعطيل الحل.
وحمّلت المصادر الوزارية الجهات السياسية التي عرقلت خطة طمر النفايات مسؤولية ما يحصل، مشيرة إلى أن الخطة التي كانت وضعت من أفضل الخطط على الإطلاق وأوفر بكثير على الصعيد المالي، ولفتت إلى أن عرقلة الخطة كانت سياسية وليست تقنية، خصوصاً أن المواقع كانت ملائمة جداً بالإضافة إلى وجود الكثير من الكسارات التي يمكن الاستفادة منها.
يُذكر أن سفير لبنان في موسكو شوقي أبو نصار نفى أن تكون للسفارة علاقة بملف الترحيل، مؤكداً أنه لم يتلق أي مستندات من لبنان كي يحوّلها إلى وزارة البيئة الروسية، كذلك نفى سفير روسيا الكسندر زاسبكين أي علاقة للسفارة في معاملات الترحيل.
اللواء : نصر الله وعون يتجاهلان دعوة الحريري لإنهاء الشغور الرئاسي
اللواء : نصر الله وعون يتجاهلان دعوة الحريري لإنهاء الشغور...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
365
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro