أشارت صحيفة "غارديان" البريطانية، إلى أن الشهور الأخيرة من الأزمة السورية شهدت ظهور عدة سمات جديدة، متسائلا بقوله: "هل وصل الصراع السوري إلى مرحلة حاسمة؟".
وفي تقرير لمراسل الصحيفة في الشرق الأوسط مارتن شولوف، قالت "غارديان" إن أول هذه السمات هو أن الضربات الجوية الروسية المكثفة وتقدم قوات النظام لم تستهدف تنظيم "داعش".
أما السمة الثانية، فهي أن أقل اللاعبين ظهورا في الأزمة السورية، وهم الأكراد، قاموا أكثر من الباقين جميعًا بتشكيل واقع جديد.
وأضافت "غارديان" إنه بينما كان "حزب الله" والمليشيات العراقية وجنود جيش النظام السوري، الذين تقودهم إيران، يتقدمون نحو حلب، كان مقاتلو "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، مدعومين بغطاء روسي، يقومون بخطوات ثابتة نحو المناطق التي تجنبوها خلال الصراع.
وتقدمت "وحدات حماية الشعب"، الجناح المسلح للاتحاد الديمقراطي، نحو بلدتين سوريتين على الحدود التركية وحلب المحاصرة، بعد أن سيطروا على قاعدة "منغ" الجوية التي كانت تحت سيطرة المعارضة، ومنذ بداية الصراع كان مسلحو المعارضة ينظرون بحذر إلى "وحدات حماية الشعب" التي أخذت مساحة كبيرة من النظام.
وأعطت التقدمات الأخيرة للأكراد جرس إنذار للثوار المشتتين من الأعداء الآخرين، ولتركيا التي تعهدت بألا تسمح للأكراد بالهيمنة على الحدود السورية.
وكلما تقدم الأكراد، ازداد غضب الأتراك، فأنقرة تعتبر "وحدات حماية الشعب" مع "حزب العمال الكردستاني" يسعيان إلى تأسيس موطئ قدم لهما، من عفرين في الشمال الغربي إلى الحدود العراقية، في منطقة كانت عربية منذ عقود، بحسب "غارديان".
وتساعد المقاتلات الروسية مقاتلي الأكراد، إذ إنها تقصف التنظيمات المعارضة المدعومة تركيا، والتي يبدو سعيها ذو الثلاث سنوات لإسقاط بشار الأسد مشتتا ومرتبكا.
وتصر روسيا على أن تعزيز "وحدات حماية الشعب" يساعد "حزب العمال الكردستاني" في انتفاضتهم ضد تركيا، والمستمرة منذ أربعين عاما، إذ ترفض تركيا مطالبهم بالحكم الذاتي، لا الاستقلال، وتنظر أنقرة لمطامح الأكراد على أنها خطر أكبر من تنظيم الدولة.
وما عقد الأمور هو أن الولايات المتحدة استخدمت "وحدات حماية الشعب" كقوة على الأرض لدفع تنظيم الدولة من أجزاء من غرب شمال سوريا نحو الرقة، كما أن المقاتلات الأميركية في عام 2014 حمت مدينة كوباني من هجوم موسع لتنظيم "داعش"، ومنذ ذلك الحين توثقت العلاقات بين الطرفين، على حساب تركيا، حليفة أميركا وعضو تحالف "الناتو".
ويبدو أن معاداة تركيا للأكراد المدعومين من روسيا ستؤدي لحرب ساخنة في المنطقة، وقد علمت موسكو كيف تستفز تركيا، لأن الأكراد نقطة ضعفها، ليظل خطر الخطوات القائمة في الجيب الصغير على الحدود السورية قائما.
ويظل الحزام الصغير شمال سوريا هو خط الدعم المتبقي لتنظيمات الثوار، واللاجئين الهاربين من الحرب، وهو الذي سيحدد مكان تركيا في الحرب، بينما تتفرج بغضب على الثوار الذين يتعرضون لقصف روسي كثيف، لم يبال بدعوات السلام في "جنيف 3".
وأظهر القصف التركي على مواقع "وحدات حماية الشعب" أن الأسوأ قادم إذا استمر التقدم، في حين قصفت المقاتلات الروسية بلدة "إعزاز" الحدودية؛ المدخل الرئيس للاجئين والدعم التركي.
واختتمت "غارديان" المقال بقولها إن تركيا تشعر بأنها تدخل مرحلة حاسمة، ربما قد يؤدي حساب خاطئ فيها إلى صراع يملك الكثير من نقاط الإمداد، كما أن السعي لتكسير أصابع الخصوم لم يكن أعظم من ذلك أبدا، وكذلك المخاطر.
(عربي 21 - The Guardian)