يقول ابن الأثير في تاريخه عن الوقائع والأحداث في العراق،إنه ما جرى للعراقيين من إشتكاء واليهم "سعد ابن أبي وقاص" إلى الخليفة"عثمان بن عفان" بأنَّ سعداً لا يحسن القراءة والكتابة وبالتالي لا يحسن أداء الفريضة الواجبة حتى الصلاة اليومية، وأنه لا يعدل في الحكم والقضاء ولا يعرف مبدأ المساواة والتسوية، وكانت هوايته الصيد واللهو والتسلية،فطلبوا من الخليفة أن يعزله،وبناءً لطلبهم أمر الخليفة "عثمان بن عفان" بعزل "سعد" وتعيين "الوليد ابن عقبة"....
ما يُروى عن "سعد" أنه أحد المبشرين بالجنة، وأنه من أهل المشورة والشورى والرأي،وله أحقية السبق في الإسلام وإيمانه بالنبي محمد(ص) التي لم يروي هذه الصفات للوليد ابن عقبة، ويستطرد إبن الأثير في روايته"إنَّ سعداً كان مستجاب الدعاء ويؤيد كلامه بالحادثة التي جرت بين "سعد" ووزير المالية "عبدالله بن مسعود" عندما وقع تلاسن وشجار بينهما،أراد "سعد" أن يرفع يديه إلى السماء ليدعو على ابن مسعود،فارتعب خوفاً وقال له "ويلك يا سعد قل خيراً ولا تلعن" فقال سعد: "والله لولا اتقاء الله لدعوت عليك دعوة لا تخطئك"...
ويكمل "ابن الأثير" عندما بلغ سعد خبر عزله عن ولاية العراق، والإتهامات التي طالته من العراقيين، فدعا سعد عليهم بأن لا يريحهم الله أبداً من حاكمٍ يتسلَّط عليهم أبد الآبدين...كلامٌ في ذمة تاريخ ابن الأثير، والتجارب التاريخية تزيد في وعي الإنسان وعقله، فالرواية الأثيرية فيما لو أردنا أن نستحضرها اليوم في سياسة ولاة لبنان، بدءاً من ولاية الفقية الإيرانية، وإنتهاءاً بولاية أولي الأمر في السعودية،عندما طلب انصار الولاية الأولى عزل "سعدنا" اي سعد الحريري قسراً عن ولايته الوزارية، بأنه لا يحسن القراءة والكتابة،وأنه لا يجيد إلا هواية "الصيد والتزلج" ولا يصلح لها فأبعد عنها لسنوات، واستبدل بوالٍ لا محل له من الإعراب، والشعب اللبناني حاله يشبه حال العراقيين،فأتباع وأنصار ولاية الفقيه أدركوا أنَّ "سعداً جاء مرتدياً قميص ولاة الأمر وبات يحسن القراءة والخطابة وفن السياسة،وتبين لهم بأن لا خلاص للشعب اللبناني إلا بإعادة الشيخ سعد إلى منصبه بدلاً من أن يرفع يديه نحو مكة،وبمساندة أيادي خادمي الحرم الشريف، ويبقى لبنان في دائرة الفوضى والشعب اللبناني في ضياع، والكل كارهين لبعضهم البعض، يتصارعون فيما بينهم، تارةً بالسلاح إذا أمكن، وتارةً بالسب والشتم والإتهامات في المجالس العامة والخاصة، أو حتى على الشاشات التلفزيونية،هكذا تورد الإبل يا شيخ سعد..