حقق تحالف من فصائل كردية وعربية تقدما ملحوظا في محافظة حلب شمالي سوريا، رغم القصف المدفعي التركي المتواصل ضد مواقعه لليوم الثالث على التوالي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين. وتمكن عصر امس من السيطرة على مدينة تل رفعت الاستراتيجية.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «الاشتباكات مستمرة منذ أمس الأحد بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المقاتلة تل رفعت»، أبرز معاقل تلك الفصائل في ريف حلب الشمالي إلى جانب مارع وأعزاز.
وقوات سوريا الديمقراطية عبارة عن تحالف لفصائل كردية وعربية، أبرزها وحدات حماية الشعب الكردية، وقد أثبتت فعالية في قتال تنظيم داعش في سوريا.
وتسيطر فصائل مقاتلة منذ العام 2012 على تل رفعت التي تبعد مسافة عشرين كيلومترا عن الحدود التركية. وتقاتل فيها حاليا حركة «أحرار الشام» و«لواء الفتح» و«الجبهة الشامية».
وواصلت المدفعية التركية قصفها لمواقع قوات سوريا الديمقرطية لليوم الثالث على التوالي، ويتركز القصف على الطريق بين مطار منغ العسكري ودير الجمال باتجاه تل رفعت، في محاولة لقطع طريق التعزيزات عن تلك القوات.
وتستهدف المدفعية التركية أيضا مناطق تواجد الأكراد بين أعزاز وعفرين وتحديدا قريتي قطمة ومريمين. وبالرغم من القصف التركي، نجحت قوات سوريا الديمقراطية، الاثنين، في السيطرة على بلدة كفرنايا التي تقع على بعد كيلومترين فقط إلى الجنوب من تل رفعت، وفق المرصد.
وبالتالي أصبحت قوات سوريا الديمقراطية على بعد ثمانية كيلومترات من مناطق وجود تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي.
وبموازاة تقدم قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي، يتقدم أيضا الجيش السوري بغطاء جوي روسي منذ شن هجومه بداية الشهر الحالي، وباتت الفصائل المقاتلة بين فكي كماشة، القوات الحكومية والمقاتلين الأكراد.
وتعرضت أعزاز لإطلاق نار كثيف مرة أخرى امس. وقال مسعف واثنان من السكان إن 14 مدنيا على الأقل قتلوا عندما أصابت صواريخ مستشفى أطفال ومدرسة ومواقع أخرى.
ويقول معارضون سوريون بعضهم مدعوم من الولايات المتحدة وتركيا وحلفاء آخرين إن وحدات حماية الشعب تقاتل بجانب الجيش السوري ضدهم خلال الصراع المستمر منذ خمس سنوات. وتنفي وحدات حماية الشعب ذلك.
ذكرت وكالة «سانا» أن وحدات من الجيش والدفاع الشعبي بسطت سيطرتها على قرية الطيبة ومزارعها، في ناحية كويرس بريف حلب الشرقي.
وأوضحت الوكالة أن الجيش وسع نطاق سيطرته بريف حلب الشمالي والشرقي بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي تنظيم «داعش» في الطيبة.
وتابعت، نقلا عن مصادر عسكرية، أن وحدات الهندسة عملت على «تمشيط قرية الطيبة ومزارعها لتفكيك العبوات الناسفة والألغام التي زرعها الإرهابيون بهدف إعاقة تقدم الجيش، قبل وقوع عدد منهم قتلى وفرار من تبقى منهم إلى المناطق المجاورة».
وأكدت المصادر العسكرية أيضا «إعادة الأمن والاستقرار إلى قرية كفر نايا» الواقعة على بعد نحو 25 كم شمال مدينة حلب.
وفي وقت سابق، استعاد الجيش سيطرته على قريتي جب الكلب والطامورة، الواقعة جنوب غرب الزهراء والمشرفة على كامل بلدة حيان والأجزاء الشمالية الغربية من بلدة عندان.

ـ الاسد هاجم السعودية وتركيا ـ

قال الرئيس السوري بشار الاسد، ان تركيا والسعودية ليستا دولتين مستقلتين وهما في تلويحهما بشن عملية برية في سوريا تنفذان «أجندة أسيادهما».
ولدى استقباله اعضاء مجلس نقابة المحامين المركزية والمجالس الفرعية في المحافظات بدمشق، قال الأسد: «الحقيقة، عندما نناقش اذا كانت تركيا أو السعودية ستهاجم فهذا يعني اننا نعطيهما حجما كبيرا وكأنهما دولتان تمتلكان قرارا وتمتلكان ارادة وتستطيعان ان تغيرا الخريطة، هما مجرد تابعَين منفذين حاليا».
واستطرد الرئيس السوري قائلا ان أنقرة والرياض «تقومان بدور البوق بهدف الابتزاز... لو كان مسموحا لهما لبدآه منذ زمن طويل على الأقل منذ أشهر. فاذن علينا أن ننظر للسيد، لسيد هؤلاء... اذا كانت هناك رغبة في الدخول في مثل هذه الحرب بين القوى الكبرى أم لا، وليس بين قوى هامشية لم يكن لها دور سوى تنفيذ أجندة الأسياد»...

ـ دي ميستورا في دمشق ـ

الى ذلك، وصل المبعوث الأممي الى سوريا، ستيفان دي ميستورا، الى العاصمة السورية دمشق بشكل مفاجئ.
وأشار المصدر الحكومي السوري الى ان ستيفان دي ميستورا سيتطرق في لقائه مع المعلم الى مسألة استئناف المفاوضات في 25 شباط والى وقف اطلاق النار وكيفية وصول المساعدات الانسانية ال المناطق المحاصرة.
ولم يذكر مدة الزيارة التي يقوم بها المسؤول الأممي الى سوريا، علما بأن دي ميستورا أرجأ مؤتمرا صحافيا كان من المنتظر ان يعقد الثلاثاء، 16 شباط الى الجمعة 19 شباط.

ـ مصر ترفض التدخل العسكري ـ

وفي ظل تقدم الجيش السوري في ريف حلب الشملي وقوات الحماية الكردية والسيطرة على مدينة تل رفعت تصاعدت حرب التصريحات بين موسكو وانقرة، فيما رفضت مصر ما دعت اليه الرياض وانقرة من استعدادات لخوض حرب برية في سوريا بقيادة التحالف الدولي.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري اعتبر أن الحلَّ العسكري في سوريا أثبت خلال السنوات الماضية عدم جدواه، وأن الحلول السلمية هي المثلى.
الوزير المصري في مقابلة مع ديتشه فيلله في إطار تعليقه على اقتراح سعودي بإرسال قوات برية إلى سوريا، قال إن العمل من خلال الأمم المتحدة والمبعوث الدولي هو الوسيلة المثلى لتحقيق وحدة سوريا.
وهدد الرئيس السابق للامن الفدرالي الروسي نيكولاي كوفاليوف الى انه «على السلطات التركية والسعودية أن تدركا، أنه من غير المستبعد، في حال دخول قواتهما إلى الأراضي السورية، أن تقوم القوات الجوية الروسية بقصف مواقعهما».
وفي تصريح له، اوضح كوفاليوف انه «في حال التدخل البري السعودي والتركي سيكون من الصعب تميزيهم عن المسلحين، وروسيا ستتصرف بدعوة من الحكومة الشرعية السورية».

ـ رد سعودي ـ

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان سوريا بلد عربي واسلامي ولا احد يمنعنا من التدخل في شؤونه ومن سيحاول فليجرب.
وفي رد على ما أعلنه وزير الخارجية المصري قال الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، إن الموقف الرسمي لمصر معروف بتأييد التدخل الروسي في سوريا، وأن هناك تقاربا بين النظام في مصر والرئيس السوري بشار الأسد، مشيراً إلى أن رد الوزير سامح شكري يتوافق مع السياسة التي تعلنها القاهرة.
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن إرسال قوات برية إلى سوريا في إطار التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، بات «ضرورة ملحة».
وجاء تصريح الوزير القطري خلال مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد في ألمانيا، وردا على سؤال حول استعداد السعودية ودول أخرى في المنطقة، لشن عملية برية في سوريا.

ـ ايران تشكك ـ

شكك وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في إمكانية خوض تركيا والعربية السعودية عملية برية في سوريا.
ونقلت وكالة «إيفي» الإخبارية عن ظريف قوله «من البديهي أن هذه التقارير (عن جاهزية أنقرة والرياض إرسال قواتها إلى سوريا) ليست سوى شعارات دعائية». وأضاف قائلا:» السكان السوريون لا يحتاجون إلى وصاة، لأنهم هم أصحاب القرار».

ـ اتهامات روسية ـ تركية متبادلة ـ

على صعيد آخر، وجهت روسيا اتهامات لتركيا بشأن مساعدة أنقرة لـ«جماعات جهادية جديدة ومرتزقة مسلحين» على التسلل إلى سوريا لتقديم العون لتنظيم «داعش». ومن جهتها قالت أنقرة إن حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب أداتان بيد روسيا.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن «موسكو تعرب عن بالغ قلقها من الأعمال العدائية التي تقوم بها السلطات التركية فيما يخص الدولة المجاورة». كما نددت موسكو بالقصف التركي «الاستفزازي» لمواقع كردية في سوريا.
من جهته قال رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو إن منظمة «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» الكرديتين «أداتان بيد روسيا». واعتبر أن روسيا تستخدم المنظمتين «لتضييق الخناق على تركيا». وجدد تأكيده على عدم سماح تركيا لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية بالعبور إلى غرب نهر الفرات وتجاوز شرقي عفرين ودخول مدينة أعزاز المتاخمة للحدود التركية. وشدد على أن تركيا لن تتردد في اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية أمنها، مشيرا إلى أنها الأكثر تأثرا من التطورات في سوريا. ووصف روسيا بالتصرف في سوريا كأنها منظمة ارهابية متوعدة برد حاسم.
لكن وزير الدفاع التركي عصمت يلماز نفى دخول أي فرد من الجيش التركي للأراضي السورية، مؤكداً أن العمليات اقتصرت على قصف مواقع تابعة ل «حزب الاتحاد الديمقراطي».
ونفى الوزير التركي، في الوقت ذاته، مزاعم تم تناقلها مؤخراً، حول دخول 100 جندي تركي للأراضي السورية، قائلاً: «هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة».
وفي ردٍّ منه على سؤال من أحد النواب حول «ما إذا كانت مقاتلات سعودية قدمت إلى تركيا، أم لا؟»، قال يلماز: «لم تأتِ تلك المقاتلات حتى الآن، لكن من المنتظر أن تأتي 4 من طراز إف 16، فلقد تم اتخاذ قرار في هذا الشأن. لم يأتوا (أمس)، لكن ربما يأتون غداً. فلقد اتفقنا على ذلك من حيث المبدأ، وأبلغناهم (الجانب السعودي) بأنه بإمكانهم المجيء».

ـ الاكراد يرفضون الانسحاب ـ

في غضون ذلك رفض حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري طلب تركيا بانسحاب المقاتلين الأكراد التابعين للحزب من مواقع قرب الحدود، مؤكدا عزمهم على صد أي تدخل تركي في سوريا.