تحت عنوان «احترام الدستور واللعبة الديموقراطية» استهلّ الرئيس سعد الحريري حراكه الرئاسي بمروحة زيارات واستقبالات واتصالات دامت منذ الصباح حتى منتصف الليل، وامتدت من السرايا الكبيرة إلى الصيفي وصولاً إلى معراب مروراً ببيت الوسط. ولعلّ أبرز ما ميّز هذه الجولة أنّها أظهرت تقاطعاً واضحاً وصريحاً بين موقف الحريري الذي أعلنه في خطاب «البيال» أول من أمس وأعاد تأكيده أمس، وبين مواقف رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل ورئيس حزب «القوّات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، والتي أجمعت وبصوت واحد، رغم التباين حول الترشيحات، على وجوب مشاركة المقاطِعين من قوى 8 آذار في جلسة انتخاب رئيس.

«قوّة الدفع» هذه، كما وصفها أحد أقطاب 14 آذار، التي عادت مع عودة الحريري إلى بيروت، حرّكت المياه «الرئاسية» الراكدة مثلما فعلت مبادرته بدعم النائب سليمان فرنجية الذي أكّد أمس التزامه بها «إلى النهاية»، ووضعت سقفاً جامعاً بين قوى 14 آذار عنوانه الاستمرار في حضور جلسات الانتخاب مع احترام «حقّ» كل مكوّن من مكوّناتها بترشيح أو انتخاب مَن يريد و«تهنئة مَن يُنتخَب رئيساً»، كما قال الحريري والجميّل وجعجع.

في السرايا

يوم الحريري الماراتوني بدأ في السرايا الحكومية حيث أقيم له استقبال رسمي والتقى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. وقال رئيس «المستقبل» بعد اللقاء إنّه «لا يوجد أي سبب لأن لا تكون هناك انتخابات رئاسية خصوصاً أنّ اثنين من المرشّحين ينتميان إلى 8 آذار فما هو السبب في تأخير الانتخابات؟».

في الصيفي

وبعد الظهر زار الحريري النائب الجميّل في الصيفي حيث أكد أنّ اللقاء تركّز على أهمية «احترام الدستور واللعبة الديموقراطية وأهمية أن ينزل النواب ليؤدّوا واجبهم النيابي وينتخبوا رئيساً»، داعياً إلى ممارسة اللعبة الديموقراطية وعدم القبول بأن «نُجبَر بمرشح واحد مع كل احترامنا للجنرال (ميشال) عون».

أمّا الجميّل فقال إنّه بصرف النظر عن «الاختلاف بين الكتائب والمستقبل في موضوع الترشيح نحن متفقون على ما هو أهم من الترشيح وهو ممارسة الحياة الديموقراطية والاعتراف بالنتائج». وأشاد بـ«اعتدال» تيار «المستقبل» والرئيس الحريري وبـ«استعداده للخروج من السلطة والقبول باللعبة الديموقراطية كما برهن في السنوات الخمس الأخيرة».

في معراب

أمّا في معراب فكرّر الحريري «حثّ الجميع للنزول إلى جلسة الانتخاب»، فيما أكد جعجع أنّه «لم يعد لدى فريق 8 آذار أيّة حجّة في حال كان يعتبر الجنرال عون مرشّحه الأول للتغيّب عن الجلسة، ولو أنّ سعد الحريري لا يريد التصويت له، وهذا حقّه»، مذكّراً بكلام الحريري في «البيال» عندما أكد صراحة «أنّه لا يؤمن بمقاطعة الجلسات ولن نقاطعها مهما كانت الأسباب ولا فيتو لدينا على أي مرشح ومَن يربح بالانتخاب اللهمّ إذا لم يضعوا المسدس في رؤوسنا الأمر الذي شهدناه سابقاً سنذهب ونهنّئه جميعاً».

يُشار إلى أنّ لقاء معراب كان مناسبة تبدّد خلالها الالتباس الذي حصل حول كلام الحريري في «البيال» عن جعجع والمصالحة المسيحية، حيث أكّد أنّ ما عناه هو أنّ لبنان «كان ليكون أفضل لو حصلت كل المصالحات في وقت أبكر». فيما قال جعجع إنّه «بقدر ما أنا معتاد على الشيخ سعد فالجميع لاحظ عليّ بأنني رأيت الأمر طبيعياً لأنّنا في العادة نمازح بعضنا البعض كثيراً»، وذكّر بأنّ مهرجان أول من أمس «كان ذكرى استشهاد رفيق الحريري الذي غيّر وجه التاريخ الحديث في لبنان وبالتالي لم يعد يجوز التوقّف عند أي تفصيل، فالشيخ سعد لم يقصد أي شيء سلبي ضدّي أو ضدّ القوّات أو ضدّ المسيحيين».