السلفية اللبنانية ظاهرة سياسية حركية 2_3
د. سعود المولى
الوضع الاقتصادي الاجتماعي في طرابلس اليوم
أظهرت دراسة نشرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا" في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 حول الوضع الاجتماعي في طرابلس، أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 60%، بينما يعيش 51% تحت خط الفقر، وتتوزع العائلات الفقيرة في التبانة وجبل محسن والسويقة والقبة وفي الأسواق القديمة، في حين بلغت نسبة البطالة 30%، والأمية 11% (19% في باب التبانة)، والتسرب المدرسي 58% بين الشباب من عمر 14 إلى 19 عاماً.وأشارت الدراسة إلى أن 73% من العائلات ليس لديهم تأمين صحي، والنسبة ترتفع في منطقتي التبانة والسويقة لتصل الى 90%،بينما ترتفع نسب الأمراض في المناطق الشعبية التي تعاني سوءا في الخدمات الطبية وسوء تدفئة في فصل الشتاء.وعن شروط السكن، هناك 20% لا يملكون وسائل التدفئة في منازلهم وأعلى نسبة هي في الأحياء الفقيرة وخصوصاً باب التبانة.
وعن مؤشرات النشاط الاقتصادي فإن نسبة الأسر التي يقل دخلها عن 750 ألف ليرة لبنانية هي 25 % أما من هو دخله فوق الأربعة ملايين ليرة فلا يتجاوز 5%.
وخلصت الدراسة إلى أن هذه النسب المخيفة من شأنها أن تضع طرابلس على فوهة بركان اجتماعي، وأن تضاعف من حدة التوترات الأمنية فيها[1].
وتشير التقارير إلى أن التبانة تضم أكبر تجمع للعاطلين عن العمل، حيث أن نحو 60 في المئة من شــبانها ما بين 18 و30 عاما يعانون من بطالة كاملة، ويعاني نحو 20 في المئة من هذه الفئة من عدم الثبات في العمل.[2]
ويساهم في ازدياد حجم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية غياب الإمكانيات والمؤهلات العلمية لهؤلاء الشبان الذين اضطرتهم ظروف الحياة لترك مقاعد الدراسة والنزول إلى سوق العمل لمساعدة عائلاتهم على مواجهة الأعباء المعيشية، ولم يفلحوا في الحفاظ على عملهم، ليتحولوا إلى عاطلين عن العمل معرّضين لشتى أنواع الانحرافات، وأخطرها في السنوات الأخيرة حبوب الهلوسة التي تجتاح المناطق الشعبية...
إلى جانب ذلك، تتفشى في التبانة ظاهرة التسرب المدرسي إذ تشير التقارير إلى أن 58 في المئة من الشبان ما بين 14 و19 سنة هم خارج أي تعليم تربوي أو مهني أو أكاديمي، علماً أن كل مدارس التبانة من رسمية وخاصة ومجانية لا تستوعب أكثر من 30 في المئة من حجم عدد الطلاب الذي يفوق الـ12 ألف طالب، فيما تقوم أكثرية طلاب المرحلة الثانوية بمتابعة دراستها في ثانويات طرابلس[3].
ويصح القول بأن معظم أبناء التبانة فقراء، ولو بنسب متفاوتة، وتشير الاحصاءات إلى أن نحو 10 في المئة من عائلات التبانة تعيش بمعدل دولارين في اليوم الواحد، وأن 20 في المئة لا يتعدى دخلها الشهري 300 ألف ليرة لبنانية، وأن 50 في المئة من العائلات لا يتعدى دخلها الشهري الحد الأدنى للأجور (700 ألف ليرة)، إضافة إلى 20 في المئة يتجاوز دخلها الحد الأدنى. كما أن هناك نحو 50 ألف نسمة يتوزعون على نحو 8500 وحدة سكنية، و80 في المئة من مجموع عدد السكان لا يشملهم أي ضمان أو تأمين صحي أو اجتماعي[4].
وتشير المعلومات من مصادر غير حكومية الى وجود أكثر من خمسين مبنى مهدد بالانهيار والسقوط على رؤوس قاطنيه والعدد قابل للازدياد لأن البنى التحتية التي يفوق عمرها الـ50 عاما لم تعد قادرة على الاستيعاب، لذلك فإن مياه الصرف الصحي لا تجد سوى طريقين: إما الخروج الى الشارع او الاستقرار في الملاجئ، ناهيك عن النفايات المنزلية وفضلات الخضار التي تجتاح الشوارع وتختلط بمياه المجارير لتشكل غذاء دسما للجرذان ومختلف أنواع القوارض التي تغزو بأعداد هائلة المنازل والمحلات التجارية.
وتتفشى بين الأهالي أمراض التيفوئيد والإسهالات الحادة نتيجة تناول الأطعمة المكشوفة والسكاكر الملوثة، وأمراض الحساسية الصدرية والسل الرئوي الناتجة عن ارتفاع نسبة الرطوبة التي تجتاح معظم منازل المنطقة، إضافة إلى الجرب والقمل لا سيما في صفوف الطلاب نتيجة انعدام النظافة، فضلاً عن سوء التغذية الذي يولد فقر دم وخصوصا عند الاطفال الذين تتنامى نسبة وفياتهم لتصل نسبتها الى نحو 50 طفلا لكل ألف ولادة حية، لتقف كل هذه المستوصفات عاجزة عن القيام بواجباتها لجهة التعامل مع هكذا حالات[5].
وفي أحاديث أدلى بها سياسيون ورجال دين ومثقفون من طرابلس وباب التبانة نسمع الشكاوى التالية[6]:
*باب التبانة لا تعرف الدولة إلا من خلال رجال الأمن وجباة الضرائب.
*أهالي التبانة لا يرون حلاً سوى الانتظار المميت لنيل المساعدات وتبرعات ليست سوى مسكنات لواقع اجتماعي مريض.
*تراجعت الحركة التجارية 80% في منطقة التبانة – جبل محسن بسبب الحوادث الأمنية.
*يعيش 55 ألف نسمة في باب التبانة ضمن 8800 وحدة سكنية أي بمعدل 7 أشخاص في المسكن الواحد.
* ارتفاع نسبة البطالة وانتشار حالات الزواج المبكر لدى الفتيات بين 14 و17 سنة وقلة المدارس.
* مساكن متصدعة لا تتوافر فيها امدادات صحية للأبنية أو شبكة مياه شفة.
* السلاح والجماعات الإسلامية أبعدا السياح عن طرابلس.
* الفقر الذي يحل بطرابلس يعود إلى الانتداب الفرنسي وبدايات دولة الاستقلال.
*الحركات الإسلامية لم تعطل الدفع الاقتصادي في طرابلس لأنه متخلف من الأساس.
* طرابلس كانت تتمتع بالكهرباء قبل أن تضع الدولة يدها عليها.
* لم يأخذ المعرض حقه في تنظيم المعارض مثل البيال والسبب في ذلك يعود إلى إهمال الدولة. وبقي مشروع المرفأ معطلاً... إلى أن جاء الوزير غازي العريضي(حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة).
السلفية في لبنان
بحسب الشيخ زهير الشاويش فقد "كان مذهب الإمام الشافعي سائداً في سوريا ولبنان ومصر أيام الأيوبيين ثم المماليك، ولكن دمشق وما حولها كانت حنبلية (منذ عهد الإمام أحمد) وكذلك جميع بلاد فلسطين من القدس والخليل إلى نابلس وطولكرم والساحل... وحلب وما جاورها من الشمال حتى أواسط تركيا كانوا حنابلة ومنهم في منطقة حران آل تيمية، وكذلك في بغداد.. ولكن بعد أن احتل العثمانيون هذه البلاد صار المذهب الحنفي هو الرسمي المعتمد وتحول العشرات بل المئات من العلماء والمفتين والقضاة إلى المذهب الحنفي، وتجدهم وتجد تحولهم في كتب التراجم... والألوف لم يُذكروا بشيء من هذا بل بعضهم هو أحب أن لا يُذكر.. وغالباً ما كان التحول للحفاظ على المدارس التي كانت تحت أيديهم...وغيرهم تحول إلى المذهب الشافعي كما في فلسطين التي صار فيها أعداد كبيرة من الشافعية...وبقيت 3 قرى شرقي دمشق حنابلة على الغالب هي دوما وضمير والرحيبة، والباقي في الغوطة والمرج تجد فيها العديد من الحنابلة.. وبقيت لهم بعض المدارس الدينية الحنبلية في دمشق مثل المدرسة البدررئية وما تبقى من الضيائية وغيرها.. وكان الشيخ عبد القادر بدران حنبلياً وكذلك تلميذه الشيخ زهير الشاويش"[7]..
ويمكن إرجاع تاريخ انتشار السلفية في لبنان الى المرحلة المفصلية من أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين... ولعل حضور الشيخ محمد عبده الى بيروت عقب نفيه من مصر (1882-1884 ثم 1885م) وحلقاته وسهراته ودروسه في منزل آل حماده في المصيطبة، كما تدريسه في المدرسة السلطانية وغيرها، كان لذلك كله أثر كبير في انتشار نوع من الفهم السلفي للدين[8]، كما يظهر ذلك جلياً من تأثر أمير درزي من جبل لبنان هو شكيب أرسلان بالمدرسة السلفية الاصلاحية لمحمد عبده ورشيد رضا (على حد تعبيره) حين كان يحضر جلسات الإمام في بيروت، ودفاعه اللاحق عنها ثم عن المملكة العربية السعودية حين نشأتها[9]...
أما السلفية الوهابية فقد حظيت بانتشارات كبرى في بلاد الشام مطلع القرن العشرين وذلك من خلال مجلتي المنار (محمد رشيد رضا) والفتح (محب الدين الخطيب) أولاً، ثم من خلال مشايخ سوريا الكبار وأبرزهم: العلامة جمال الدين القاسمي (ت 1914م) والشيخ طاهر الجزائري (ت1920م) وعبد القادر بدران (ت 1928م) والشيخ محمد سعيد الباني (ت 1933م)، وتلامذتهم، ومنهم الشيخ محب الدين الخطيب (ت 1970م) وآل البيطار وآخرهم الشيخ محمد بهجة البيطار (ت 1976م)... ومن بعدهم الشيخ محمد أحمد دهمان (ت 1988 م) مؤسس المطبعة السلفية بدمشق، والشيخ المفتي علي الطنطاوي (ت 1990م) الذي تحدث عن شيخه محمد دهمان فقال:"كانت الوهابية تُعَدُّ تهمة خطيرة مخيفة، وكانوا يحذروننا من الاجتماع بهم"،[10] والشيخ زهير الشاويش (المقيم في لبنان والذي توفي يوم السبت الأول من حزيران 2013) والشيخ مصطفى السباعي (1915-1964م) مؤسس حركة الإخوان المسلمين في سوريا.
كما قامت جماعة اعتمدت الحديث النبوي رأسهم العلمي الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (ت1420ه 2000م) وقام المكتب الإسلامي (لصاحبه الشيخ زهير الشاويش) بنشر الكثير من مؤلفاته...
في مطلع القرن العشرين كان تأثير مدرسة رشيد رضا وجريدة المنار قوياً الى درجة كبيرة في أوساط المتعلمين اللبنانيين الذين تابعوا أيضاً بدايات دعوة الشيخ محمود خطاب السبكي (1858- 1933م) الذي أسس في القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية"، وقد تسجلت رسمياً وفق قانون الجمعيات العثماني العام 1912م. وتأثر بعض اللبنانيين أيضاً بتيار الشيخ محمد حامد الفقي (1892- 1959م) الذي أسس في العام 1926م جماعة "أنصار السنة المحمدية" (أيضاً في مدينة القاهرة)... كما تأثر البعض الآخر بجمعية الهداية التي أسسها الشيخ التونسي محمد الخضر حسين (1876–1958م) الذي عاش فترة في دمشق وصادق شيوخ السلفية يومذاك القاسمي والبيطار ودرّس في الجامع الأموي وفي المدرسة السلطانية وغيرها. وكانت جمعية الهداية تقوم على الدعوة إلى الالتزام بالسنة ومحاربة البدع، وكان منتموها يهتمون بالهدي الظاهر في المسائل المتعلقة بشكل الملابس واللحية وشعر الرأس والحجاب، وغيرها من هذه الأمور. كما نشط بعض اللبنانيين ضمن جمعية الشبان المسلمين التي أسسها أيضاً الخضر حسين مع السوري محب الدين الخطيب في سنة تأسيس جمعية الهداية 1926م... ومن هؤلاء اللبنانيين بعض الدروز من تلامذة الأمير شكيب أرسلان أمثال عجاج نويهض وهاني أبي مصلح وكانا من أركان جمعية الشبان المسلمين في فلسطين[11]...
هذه السلفية الأولى الناشئة في مصر وسوريا كانت إصلاحية ووطنية عامة ونهضوية عملت لمواجهة الاستعمار والصهيونية من جهة، وعملية التغريب من جهة أخرى، في ما رأت أنه تنحية للشريعة الإسلامية عن الحياة العامة، وتغيير مسار التعليم ومناهجه... وقد تصدت لبدايات حملة التغريب التي ظهرت في تلك الفترة، وما صاحبها من دعوات تقلل من مكانة الشريعة الإسلامية في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وظهور وتفشي البدع والخرافات، بحسب رأيها...ولكن هذا التأثير المصري السوري كان فكرياً ثقافياً سلوكياً ولم يتحول الى عمل حركي أو دعوة منظمة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية...
وقد حظيت السلفية بانتشارات كبرى في بلاد الشام من خلال: العلامة جمال الدين القاسمي (ت1332ه 1914م) والشيخ طاهر الجزائري (ت1338ه 1920م) وعبد القادر بدران (ت1346ه 1928م) والشيخ محمد سعيد الباني (ت1351ه 1933م)، وتلامذتهم ومنهم الشيخ محب الدين الخطيب (ت1389ه 1970م) وآل البيطار وآخرهم الشيخ محمد بهجة البيطار (ت1396ه 1976م)... ومن بعدهم صار انتقال الكثير من العلماء إلى السلفية الوهابية وعلى رأسهم الشيخ محمد أحمد دهمان (ت 1408 هـ 1988 م) مؤسس المطبعة السلفية بدمشق، والشيخ المفتي علي الطنطاوي (1909- 1990) الذي وصف مرة شيخه محمد دهمان فقال:"كانت الوهابية تُعَدُّ تهمة خطيرة مخيفة ، وكانوا يحذروننا من الاجتماع بهم ، فوقفت مرة في حلقة ابن بدران ، العالم الحنبلي المعروف ، وكان هناك طلاب يمرّون في الأسواق ، فرأوني في حلقة ابن بدران وقدّموا فيّ تقريراً إلى المشايخ ، فضُربت (فلقة) في رجلي"، والشيخ زهير الشاويش والشيخ مصطفى السباعي.[12] .. يقول محمد كمال جمعة "انتهت المشيخة العليا في بلاد الشام في أوائل هذا القرن إلى الشيوخ الأجلاء: الشيخ جمال الدين القاسمي ، والشيخ عبد الرزاق البيطار ، والشيخ طاهر الجزائري ، والشيخ محمد كامل قصاب ، فدرسوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فأعجبوا بها ، وقدروها حق قدرها ، ورأوا أنها على حق وصواب ، فنشروها في المجتمع الشامي ، وبذروا بذورها ، فأثمرت أطيب الثمار وانتهت أبرك النتائج"[13].
كانت الحركة السلفية السورية شبيهة إلى حد كبير بالسلفية الإصلاحية التي نشأت في مصر على يد الشيخ محمد عبده، وكان رموزها رجال فكر ودين أيضًا، لكن السياسة كانت في صلب اهتماماتها. ولا يختلف الفكر السلفي الشامي في بنيته عن الفكر السلفي للمدرسة الإصلاحية السلفية في مصر. وقد تأثر عدد كبير من كبار رجال السياسة الوطنيين الأوائل بأفكار روادها، وبشكل خاص بأفكار جمال الدين القاسمي الذي كان يرعى منتدى يحضره أمثال: لطفي الحفار وعبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري ورفيق العظم ومحمد كرد علي وسليم الجزائري وعبد الحميد الزهراوي، وآخرون غيرهم.
ويقول محمود مهدي الإستانبولي : "إن السلفية اليوم في بلاد الشام مدينة للقاسمي -إلى حد ما- الذي أحيا بذرتها ، بعد ما كادت تموت بعد ابن تيمية وابن القيم. ولقد خلف القاسمي تلامذة نهضوا بدعوته ، وساروا في طريقه منهم: الشيخ محمد جميل الشطي مفتي المذهب الحنبلي بالشام ... وهذا أحد الدارسين على القاسمي وهو الشيخ بهجة البيطار يقول: إننا جاوزنا عمر شيخنا بعشرات السنين ، ولم نعمل ربع عمله". [14].
ويشير الإستانبولي إلى منهج القاسمي في الدعوة فيقول:"وكان القاسمي يدعو إلى التوحيد الصحيح ، الذي كان يدعو إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وقد ناظر كبار العلماء في التوحيد ، وأوضح لهم ما داخله من الشرك الذي هو أعظم من شرك المشركين ، فقد كان الكفار يدعون الله وحده في الشدائد ، بعكس المبتدعين في زماننا، الذين ينسون الله عند الشدائد ويدعون غيره"[15].
تفرعت عن السلفية الإصلاحية الشامية عدة جمعيات، سرعان ما لعبت دورًا مهمًا في الحياة السياسية، أهمها "الجمعية الغرّاء" (1924) التي تأسست بمبادرة من الشيخ علي الدقر بمباركة محدّث الشام الشيخ بدر الدين الحسني وبرئاسة محمد هاشم الخطيب الحسيني، عندما نزلت بمنطقة (حوران) أزمة قحط اضطرت شبابها إلى النزوح لدمشق طلباً للمعيشة فظهرت فكرة تعليم النازحين الفقراء العلوم الشرعية وجمع الصدقات والزكاة لتأمين نفقات دراستهم . وكانت الجمعية لاحقاً قاعدة احتجاج ضد سياسة الاحتلال الفرنسي في مجال التربية والتعليم، وكافحت من أجل تدريس الدين الإسلامي فقامت بتأسيس مدارس دينية خاصة يتم التدريس بها من قبل العلماء. وكان ارتداء الطربوش من قبل الأعضاء من الأمور المتعمدة ضد موجة التغريب"[16]...وحاولت الجمعية " الـتأقلم مع التغييرات الاجتماعية التي أحدثها اقتحام الحياة الغربية الحديثة، وأدى نشاطها إلى إحداث تأثير اجتماعي واسع فباتت هدفًا مغريًا للسياسيين ورجال الحكم، طمعًا في الأصوات الانتخابية التي بحوزتها، بحيث إن شكري القوتلي الذي حصل على تأييد الجمعية نجح في الانتخابات البرلمانية في 1943، وجعل أمين سرّ الجمعية، الشيخ عبد الحميد الطباع، على قائمة مرشحي "الكتلة"، ففاز بالوصول إلى البرلمان سنة 1943.
وهناك أيضًا جمعية الهداية الإسلامية التي تأسست عام 1930 بفكرة الشيخ علي الطنطاوي محاكاة لأخرى سبقتها في مصر أسسها محمد الخضر حسين ، وكان كامل القصار (وهو رجل دين وقاض) والشيخ محمد حمدي الأسطواني السفرجلانيأهم وأشهر شخصيات تلك الجمعية (ومنهم أبو الخير الميداني، راشد القوتلي، عارف الدوجي ،عبد الرزاق الحفار،عبد القادر شموط، عبد القادر العاني ، محمد توفيق عمار، محمد صالح العقاد، محمد صبحي الحفار، محمود ياسين، ياسين الجويجاتي). وقد أصدرت الجمعية لفترة قصيرة مجلة خاصة بها، وأقامت عام 1935 اتصالات مع الإخوان المسلمين بمصر بناء على توصية من الحاج محمد أمين الحسيني[17].
ولعل جمعية التمدن الإسلامي هي أهم جمعية سورية... وتقول معظم المصادر بأنها تأسست عام 1932[18] بدعوة من أحمد مظهر العظمة، الذي كان قد انتسب إلى معهد الحقوق العربي (كلية الحقوق) ومدرسة الأدب العليا (كلية الآداب) وتخرّج منهما لاحقاً عام 1935، وبهجت البيطار (أحد التلامذة المباشرين للقاسمي) ؛ وقد تولى رئاسة الجمعية في البداية الشيخ محمد حمدي الأسطواني السفرجلاني أحد أبرز مؤسّـسيها، ؛ وتشكّل مجلس إدارتها الأول من: عبد الفتاح الإمام، عبد الرحمن الخاني، عبد الحكيم المنير، أحمد حلمي العلاف، عبد الحميد كريم، إضافة إلى أحمد مظهر العظمة الذي حمل مسؤولية أمانة السرّ فيها، وبقي على ذلك حتى وفاة آخر رؤسائها الشيخ محمد حسن الشطي عام 1962 م، ليتمّ انتخابه رئيساً للجمعية من ذلك الوقت؛ وكان (كما يروي الشيخ علي الطنطاوي عنه) "يُحرّر مجلتها، ويكتب فيها، ويقوم على ناديها، ويدعو المحاضرين إليه، ويحاضر هو فيه، وكان يدوّن بنفسه أسماء المشتركين في المجلة ويكتب هو عناوينهم بيده، ويلصق الطابع بذاته، ليوفر على الجمعية أجرة موظف يتولى هذا العمل، وظل على ذلك حتى وفاته عام 1982 م"[19]. وقد أصدرت الجمعية عام 1935 مجلة تحمل اسمها[20] يمكن اعتبارها أهم سجل مرجعي للسلفية الإصلاحية الشامية وتطوراتها.. صدر العدد الأول من "التمدّن الإسلامي" في شهر ربيع الأول عام 1354 هـ. (الموافق لسنة 1935 م.) كمجلة "اجتماعية، أدبية، صحية"؛ وكان أحمد مظهر العظمة رئيس تحريرها، ومديرها المسؤول الطبيب أحمد شفيق نصري ؛ ونظراً لاهتمام الجمعية بشؤون التعليم في تلك الفترة التي كانت البلاد السورية فيها تحت الاحتلال الفرنسي، فقد نشطت في الإشراف على عدة مدارس أهلية لمحو الأميّة، ثم افتتحت لها في دمشق مدرسة ثانوية عام 44/1945 م. سمّيت "مدرسة التمدّن الإسلامي"، لم تلبث أن اندمجت في العام التالي مع "المعهد العربي" الذي أسسته جماعة "الإخوان المسلمين" بدمشق، وتحول المسمّى إلى "المعهد العربي الإسلامي"، الذي تولى د. مصطفى السباعي رئاسته، ينوبه أحمد مظهر العظمة، واختير عمر بهاء الدين الأميري مديراً للمعهد.
ونذكر من بين كتاب المجلة: محمد سعيد الحمزاوي (نقيب الأشراف ومفتي الحنابلة بدمشق)، والعلامة الدكتور مصطفى الزرقا، والدكتور معروف الدواليبي، والشيخ محمد ناصر الألباني، ومحب الدين الخطيب، والدكتور وهبي سليمان (غاوجي) الألباني، وعلي عبدالله الداغستاني، ومحمد علي الزعبي، وعبدالوهاب خلاف، ومحمد أبو زهرة، وغيرهم. وقد أُغلقت الجمعية (ومجلتها) بعد مجزرة حماة الكبرى عام 1982".[21].
وفي عام 1937 أسس كامل القصاب جمعية العلماء بعد عودته من المنفى إثر الثورة السورية الكبرى (1925-1927)، وكان من أعضائها محمد جميل الشطي[22]. وافتتحت الجمعية نادياً عام 1938 وكلية الشريعة عام 1942. كما أنها عقدت مؤتمراً للعلماء عام 1941. ويبدو أن الجمعية دخلت في صراعات مع الجمعيات الأخرى (الغراء، الهداية، التمدن، الإخوان المسلمون) التي تكتلت ضمن إطار "رابطة العلماء" (1946). كما أن كامل القصاب ترشح لانتخابات 1947 على لائحة أخرى غير تلك التي دعمتها رابطة العلماء[23].
ومن الجمعيات نذكر أيضاً جمعية التوجيه الإسلامي ومن شخصياتها حسن الميداني وحسن حبنكة وحسين الخطاب... وجمعية التعاون الإسلامي ورئيسها كان محمد آقبيق ثم عبد الرزاق الحمصي. وجمعية البر والأخلاق في حلب ورئيسها المحامي محمد الحكيم الذي رأس أيضاً رابطة العلماء التي تأسست في حلب عام 1946 والتي يبدو أنها أثرت في تشكيل جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية في طرابلس..
وعلى نفس المنهج الحنبلي الوهابي كان العلماء من أسرة الألوسي في بغداد الذين وضعوا تفسيرا ًمطولاً للقرآن إضافة إلى كراس في الدفاع عن إبن تيمية ما أشار إلى تأثرهم بالوهابية. وكذلك ظهر في الأردن المفتي العام الشيخ عبد الله القلقيلي (ت 1393هـ 1974م) والأستاذ أبو الوليد إبراهيم الترهي (ت 1392ه 1973مـ) وغيرهما ممن تأثر لاحقاً بمدرسة ناصر الدين الألباني..[24].
وفي سوريا ظهرت جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الدكتور مصطفى السباعي والأستاذ عبد الفتاح غندور[25]، وكان مشاركاً لهما في الجماعة أو قبلها الشيخ عبد الفتاح الإمام (ت 1384هـ 1940م)[26] والشيخ علي الطنطاوي ؛ وفي حلب الشيخ محمد نسيب الرفاعي (ت 1413هـ 1992م)[27]، وفي حماه الشيخ سعيد الجابي (ت 1376هـ 1957م)، والشيخ القاضي محمد محمود الحامد (ت 1389 ه/ 1969م)[28] والشيخ نعسان معطي (ت 1412ه 1992م)..ـوهؤلاء كانوا بحسب الشيخ الشاويش سلفيين أو متأثرين بالسلفية[29].
وبحسب الشيخ الشاويش أيضاً فإن ثورات وانتفاضات فلسطين منذ عام 1920 وحتى اليوم ما قام بها إلا من تمثلوا العقيدة السلفية مثل الحاج محمد أمين الحسيني (ت1394ه 1975) والشيخ فرحان السعدي (ت1356ه 1937م) والشيخ محمد الأشمر (ت1380ه 1961م) والشيخ عز االدين القسام (ت1354ه 1935م)، وغيرهم... والدال على سلفية هؤلاء بحسب الشاويش "الكتاب الذي ألفه عز الدين القسام مع الداعية الشيخ محمد كامل القصاب (ت 1373ه 1954مـ)، وسمياه النقد والبيان، وقدّمت له ببحثْ ضافٍ مع التوسع في التراجم...وكل هؤلاء وغيرهم هم تجمعات وأخوان وأتباع يربط بينها إتفاق عام على أكثر الأمور السلفية وإختلافات فرعية في العديد من الأمور"[30]...
[1]جريدةالمستقبل - الأربعاء 7 تشرين الثاني 2012 - العدد 4512 - شؤون لبنانية – صفحة 7
https://www.almustaqbal.com/storiesv4.aspx?storyid=546391
[2]من تقرير "المنهجية الجديدة لقياس الفقر الحضري" في طرابلس. في ورشة العمل التي نظمتها الأسكوا بالتعاون بين اتحاد بلديات الفيحاء، والمعهد العربي لإنماء المدن في المركز الثقافي البلدي بطرابلس.5 تشرين الثاني 2012
[3]المرجع السابق نفسه
[4]جريدة المستقبل - الأربعاء 7 تشرين الثاني 2012. م.س.
[5]غسان ريفي: في باب التبانة... حرمان مقيم وحروب تتوالد. السفير 12 ايلول 2012. قارن مع تقرير "المنهجية الجديدة لقياس الفقر الحضري" في طرابلس. م.س.
[6]فاطمة فصاعي . موقع الشراع: طرابلس مملكة السنّة المظلومة
https://www.alshiraa.com/print.php?id=5855
[7]محمد زهير الشاويش من مواليد حي الميدان بدمشق عام 1925، (وهو الحي الجنوبي لمدينة دمشق وعُرف هذا الحي بتوطن عشائر أيام الفتوحات وقد اشتهر بالعصبية القيسية اليمنية حتى عهد قريب، كما حدثنا الشيخ). هو علم من أعلام الدعوة السلفية في العصر الحديث.انضم إلى دعوة الإخوان المسلمين في سوريا منذ بدايتها، وعمل مع كبار رجالها: مصطفى السباعي ومصطفى الزرقا ومحمد المبارك ومعروف الدواليبي، كما عمل مع الداعية الكبير عصام العطار.شارك في مقاومة فرنسا بالسلاح عام 1945، وبعدها في فلسطين من عام 1946 إلى 1949 تحت راية زعيمين مجاهدين، هما الحاج أمين الحسيني، والدكتور مصطفى السباعي.عمل في وزارة المعارف بقطر مع مدير المعارف الإخواني السلفي المصري عبد البديع صقر وصار مستشاراً لحاكم قطر آنذاك الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني . أسس المكتب الإسلامي للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق عام 1957، ثم في بيروت بدءاً من عام 1963. وكان عضواً في مجلس النواب السوري عام 1961 قبل لجوئه إلى لبنان واستقراره به. توفي في بيروت في 1 حزيران 2013. كنت أجريت معه في منزله بالحازمية/لبنان، أحاديث على فترات خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2008 حول السلفية والمذاهب السنية في العالم العربي.
[8]دعوة عبده للتوحيد المطلق ومحاربة البدع كانت بدايات فهمه السلفي الذي طوره تلميذه رشيد رضا لاحقاً..
[9]أنظر كتابي عن شكيب أرسلان: بنو معروف أهل العروبة والاسلام، دار العودة، بيروت،1990
[10]محمد بن ناصر العجمي: علامة الشام عبدالقادر بن بدران، حياته وآثاره؛ دار البشائر الاسلامية، بيروت 1417هـ، ص22
[11] سعود المولى: شكيب أرسلان... مرجع سبق ذكره
[12]محمد بن ناصر العجمي: علامة الشام عبدالقادر بن بدران، حياته وآثاره؛ دار البشائر الاسلامية، بيروت 1417هـ، ص22
[13]مجلة البحوث الإسلامية - العدد الثالثوالأربعون – رجب- شوال 1415هـ : جمال الدين القاسميعلامة الشام ، "تأثر القاسمي بابن تيمية". الجزء : 43 (ص ص 294– 301)الصفحة 296
[14]المرجع السابق نفسه، ص 300
[15]المرجع نفسه ص 297
[16]يوهانس رايسنر: الحركات الإسلامية في سورية، من الأربعينيات وحتى نهاية عهد الشيشكلي. رياض الريس للكتب والنشر، بيروت 2005. ص 118
[17]رايسنر ص 120
[18]رايسنر ص 120، وأنظر أيضاً موقع الإخوان المسلمين إخوان ويكي
https://www.ikhwanwiki.com/index.php?title=%D8%A3%D9%87%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
[19]علي الطنطاوي: ذكريات، دار المنارة، جدة،السعودية. 1982 (4 مجلدات). ج2 ـ ص253.
[20]رايسنر: المرجع السابق نفسه، ص 121. ويؤكد عبد الرحمن الحاج هذا التاريخ ، في مقالته (التمدن الإسلامي والسلفية الإصلاحية الشامية) المنشورة في جريدة الغد الأردنية يوم 12/01/2008. في حين يذكر موقع الإخوان أنه عام 1946 (مرجع سابق).
[21]عبد الرحمن الحاج.السلفية والسلفيون في سورية: من الإصلاح إلى الجهاد: مركز دراسات الجزيرة:
https://studies.aljazeera.net/reports/2013/05/2013520105748485639.htm
[22]صاحب كتاب "أعيان دمشق في القرن الثالث عشر ونصف القرن الرابع عشر"، نشره المكتب الإسلامي، بيروت، أنظر الطبعة الثانية، 1972
[23]رايسنر، ص 123
[24]من حديث الشيخ زهير الشاويش ، مرجع سبق ذكره
[25]ذكره لنا الشيخ زهير الشاويش مراراً كواحد من المؤسسين مع الشيخ السباعي، ولكننا لم نعثر على أية ترجمة له في مصادر الاخوان المسلمين وكتبهم ومذكراتهم وذكرياتهم... على كثرتها!!! ويبدو أنه كان من جماعة النظام الخاص في مصر وأنه انتفض مع جماعته برئاسة نجيب جويفل ضد سلطة المرشد حسن الهضيبي وحاولا الاستيلاء على قيادة الإخوان في سوريا واستجاب لهما بعض المراكز في دمشق وحمص وإدلب فنشأ عن ذلك انشقاق الجماعة وقد اتهمهما التنظيم لاحقاً بالعمالة لعبد الناصر كما نقرأ في مذكرات أحد قادتهم عدنان سعدالدين... وبرز منهم بحسب سعد الدين: "عبد الفتاح غندور كمراقب عام للمنشقين ، وكان من أبرز قياداتهم التي التفت حول مراقب الانشقاق : علي الحسن (شقيق خالد الحسن وهاني الحسن وبلال الحسن أعضاء قيادة فتح) وعبد الرحيم الطباع والمهندس الجندلي ، وأنور حمادة وغيرهم"...وهذه هي الاشارة الوحيدة الى غندور في الكتاب...أنظر: عدنان سعد الدين، الإخوان المسلمون في سوريا: مذكرات وذكريات ما قبل التأسيس وحتى عام 1954، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى،2010..
[26]شَارَكَ في تأسيس جمعية التَّمَدُّن الإسلامي في دِمَشْق عام (1352 هـ، 1932م)، وكان أول رئيسٍ لها الشَّيخ حمدي السفرجلاني، ثم تَوَلَّى رياستها الشيخ حسن الشطي وآخرون. وقد عَمِل فيها الأساتِذة: محمد بهجة البيطار، وأحمد مظهر العظمة، ومحمد بن كمال الخطيب، ومحمد أحمد دَهْمان، ومحمد سعيد الباني، وسعيد الأَفْغاني، وحمدي الخَيَّاط، وكامل شاشيط، ومحمد أبو الفرج الخطيب الحسني، وزهير الشاويش، وغيرهم. وقد أصْدرتِ الجمعيَّة مجلتها الشَّهيرة: "مجلة التَّمَدُّن الإسلامي" عام 1935، وأصدرتْ عددًا منَ الكُتُب يُقارِب المائة، وهذه كلها كانت تصل طبعاً إلى طرابلس..وكان الشيخ عبدالفتاح الإمام يَنْشُر في "مجلة التَّمَدُّن الإسلامي" مقالات إسلاميَّة إصلاحية سلفية كما كان عددٌ منَ العلماء العرب ينشرون فيها، ومنهم المُحَدِّث الشيخ محمد ناصر الدِّين الألباني، الذي نشر فيها سِلْسلة مقالات، أَضْحَتْ فيما بعدُ كُتُبًا هي: "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، و"سلسلة الأحاديث الضَّعيفة"..
[27]وهو كانت له صلة بأنصار السنة المحمدية في مصر وبالشيخ عبدالرزاق عفيفي (ت 1415هـ)، والشيخ عبدالرحمن الوكيل (ت 1390هـ)، بحسب ما حدثني رفيقه الشيخ زهير الشاويش، مرجع سابق.
[28]الذي أسس أول جمعية في حماه تحمل اسم الإخوان المسلمين بعد عودته من مصر عام 1944 حيث كان من رفاق ومحبي حسن البنا حسب شهادات مختلفة... وكان على خلاف مع مصطفى السباعي وله كتاب ينقض كتاب السباعي "اشتراكية الاسلام"..
[29] زهير الشاويش، مرجع سابق.
[30]بحسب الشيخ زهير الشاويش تلميذ الشيخ عبدالقدر بدران ورفيق درب مصطفى السباعي... المرجع نفسه.