أياً تكن نتائج الإستحقاق الرئاسي، الذي تحكمه متغيرات متحركة بسرعات فائقة، سيظل أن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري هو من أذاب الثلج عن هذا الملف!
قبل مبادرة الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية ضمناً وليس علناً، كان الجنرال ميشال عون والدكتور سمير جعجع يركنان لترشيحيهما المتقابلين، اللذين لن يؤديا عملياً الا الى تجميد الاستحقاق. كل منهم انتظر متغيرات سورية او غير سورية تحمله الى بعبدا، او في الحد الأدنى، تسمح لأي منهما ان يكون المقرر في تحديد هوية الرئيس المقبل.
مبادرة الحريري كسرت هذا التعطيل المتبادل ودفعت بالجميع الى خطوات أحيت الاستحقاق ووضعته مجددا في صدارة العمل السياسي.
صحيح ان الدكتور جعجع كان يتحاور مع الجنرال قبل ترشيح فرنجية وأن مسألة الرئاسة بحثت بين الرجلين كما نعلم الآن، لكنه ما كان ليعبر من حالة الحوار الى حالة الترشيح لولا ترشيح فرنجية، الذي بالمناسبة نعلم الان ان جعجع حاوره ايضاً!!
خطوة الحريري ونتائجها وتداعياتها، ومنها اتفاق معراب، كشفت ايضاً ان حزب الله غير مستعجل لإنتخاب رئيس للجمهورية ما لم يكن هذا الرئيس ميشال عون، وأن الخطة ب، مؤجلة لحدوث أمرين: إما تقاعد عون او غروبه، لا ضره الله بسوء.
حزب الله هو من يتحمل مسؤولية الفراغ في بعبدا لأنه هو من يمنع إكتمال نصاب جلسة إنتخاب الرئيس. ببساطة وبوضوح. كل كلام آخر هو تعمية وتزوير. وأول التعمية والتزوير “الشائعة الميثاقية” التي تقول أن الأكثرية المسيحية، ممثلة بجعجع وعون اتفقت على ترشيح الاخير وأنه بات أمام “الشركاء” في الوطن خيار وحيد بالذهاب الى مجلس النواب والبصم على اتفاق الاكثرية المسيحية!
غير أن الحريري غير ملزم بالتصرف بغير ما الزم نفسه به. فهو بعد اسقاط حكومته، يوم الاستشارات النيابية المؤجلة، بفعل القمصان السود وإتصال “أميري ما” بالرئيس ميشال سليمان، قرر المشاركة!
لم يقل الحريري أنني اقاطع “النصاب الميثاقي” للاستشارات بعزوف السنة عن المشاركة فيها ما لم اضمن سلفاً تكليفي بتشكيل الحكومة. ولا قال، بعد الاستشارات، أن الاكثرية السنية صوتت له بفارق اربع اصوات ذهبت لنجيب ميقاتي، ما يجعل من ميقاتي مرشحاً منتقص الميثاقية. شارك الحريري في الاستشارات الملزمة، وقبل النتيجة دستورياً، ورفضها سياسياً، وذهب منها الى معركة سياسية طويلة سقط في سياقها الشهيدان اللواء وسام الحسن والوزير محمد شطح!
وبالتالي ما قبله الحريري على نفسه، لن يكون ملزماً بتحرير الآخرين منه، الا ان اختار هو ذلك، ولاعتبارات يقررها هو!
ثمة تفصيل لا يغيب عن العقل الميثاقي لسعد الحريري. يدرك ان السنة يشعرون بإحباط سياسي كبير، لكنه يدرك ايضاً أن المسيحيين يشعرون بتهديد وجودي أكبر! بمعنى أن ما قبله بإسم السنة اولاً وإنتفاضة الاستقلال ثانياً، وله الحق اليوم بأن يطالب المسيحيين بالقبول فيه، دونه الفارق بين الاحباط السياسي والرهاب الوجودي! لا يُنتظر من الخائف، مرونة المحبط!
سعد الحريري ليس اليوم في معرض إمتحان ميثاقيته، وله وحده أن يقرر الآن، خطواته المقبلة وجرعة المرونة او التشدد.
أما الممتَحنون ممن تحفل وثائق ويكيليكس بأحقادهم المذهبية المريضة، فليبلوا الميثاقية المنتحلة وليشربوا ماءها، على الريق!
الحريري.. آخر الميثاقيين
الحريري.. آخر الميثاقييننديم قطيش
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
المدن
|
عدد القراء:
1214
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro