على وقع الاعتصامات والتحركات في الشوارع، والاعتراض الشعبي الذي عُبِّر عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، خصّص مجلس الوزراء جلسته أمس لدراسة الأوضاع المالية للبلاد، في ظلّ العجز السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه الحكومة. إلّا أن الأهم، أن اقتراح رفع سعر صفيحة البنزين 5 آلاف ليرة إضافية لم يعرف طريقه إلى الإقرار، مع الاعتراضات التي أبداها عدد كبير من الوزراء.

ومن المتوقّع أن يعاد النقاش حول الاقتراح في جلسة اليوم. ويعبّر عدد من الكتل النيابية، كتكتل التغيير والإصلاح وحزب الله وحزب الكتائب ونواب اللقاء الديموقراطي عن اعتراضهم على زيادة الرسوم على البنزين، ما يعني أن الاقتراح لن يُبصر النور. فاقتراح زيادة الرسوم هو من اختصاص وزير الطاقة، أرتور نظاريان، الذي يرفض، وتكتله النيابي، أي زيادة على الرسوم. ذكّر الوزير جبران باسيل بأنه سبق له أن فرض قرار إلغاء رسم 5 آلاف ليرة عن صفيحة البنزين، عندما كان وزيراً للطاقة، بعد معركة خاضها مع وزيرة المال ريّا الحسن في ذلك الوقت. وعدا عن رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، فإن أياً من ممثلي القوى السياسية داخل مجلس الوزراء وخارجه لم يجرؤ على إعلان تأييد رفع سعر البنزين. خلاصة الأمر أن السلطة خضعت للاعتراضات، ورفضت رفع سعر المحروقات، التي لم يؤدّ انخفاض أسعارها إلى نحو نصف ما كانت عليه قبل عام، إلى انخفاض سعر أي سلعة سبق أن ارتفع سعرها مع ارتفاع أسعار النفط.
على صعيد آخر، أقر المجلس مشروع المرسوم الذي يرمي إلى تحديد الشروط الخاصة لوظيفتي رئيس مركز وعنصر دفاع مدني في المديرية العامة للدفاع المدني، ودفع الأموال اللازمة لشراء ذخيرة للجيش اللبناني، وتلك اللازمة لإجراء الانتخابات البلدية. ولم تُحلّ بعد عقدة تثبيت متطوعي الدفاع المدني، الذين وعدهم وزير الداخلية نهاد المشنوق باستصدار مراسيم تُنصفهم.
من جهته، عرض الوزير علي حسن خليل للوضع المالي في مداخلة تفصيلية، مشيراً إلى أن «الإيرادات إلى اضمحلال والإنفاق إلى تزايد». وبعد مضي نحو 11 عاماً على إصدار آخر قانون للموازنة في الجمهورية، دعت مختلف القوى المكونة لمجلس الوزراء إلى إقرار موازنة قريباً. ودون ذلك عقدة جوهرية، ترتبط بإبراء ذمة حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة، والرئيس سعد الحريري، التي أنفقت بموجب سلف خزينة لا تحظى بتغطية قانونية، وهو المبلغ الذي تجاوز 11 مليار دولار أميركي.
وعلّق الوزير رشيد درباس في اتصال مع «الأخبار» على الجلسة بالقول إن «المطلوب من الحكومة أن تفعل كل شيء، وهي لا تستطيع فعل شيء». وأضاف أن «هناك ثغرة كبيرة بين الإنفاق والإيرادات، ولا نستطيع حل الثغرة إلّا بالاقتراض، ما سيوصلنا إلى مرحلة خطرة وينزل تصنيفنا الائتماني، في ظلّ نمونا الاقتصادي السلبي. وفي حال الطلب من البنوك أن ترفع رأسمالها وعجزت، يصبح لبنان دولة فاشلة مالياً». وتابع درباس: «بدل أن نفكّر في كيفية استخراج النفط، نضع النفط أسير التجاذب السياسي».
ونقل النوّاب عن الرئيس نبيه بري أمس خلال لقاء الأربعاء النيابي تشديده على وجوب إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بالنفط. وقال إن «هذا الموضوع يجب أن يكون على رأس جدول أعمال الحكومة، ولا يحتمل المزيد من التأجيل والمماطلة، بل لا أسباب موجبة لهذا التباطؤ». وجدد رئيس المجلس ضرورة «إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في أيار المقبل»، مشيراً إلى أنه «بحسب معلوماته، فإن كل الأطراف موافقة على إنجاز هذا الاستحقاق في موعده».
واندلع سجال في جلسة مجلس الوزراء بين وزير التربية الياس بو صعب وخليل حول الأساتذة المتعاقدين، إذ أكّد بو صعب أنه أرسل إلى وزارة المالية الطلب حول تعاقد الأساتذة قبل 70 يوماً، وإنه «إذا لم يقر موضوع التعاقد للأساتذة فإنني سأضطر إلى أن أطلب من الأساتذة المتعاقدين وقف التعليم»، فكان ردّ خليل: «مش أنا عطلت الحكومة 70 يوم». واستكمل الوزيران السّجال على موقع تويتر، فغرّد خليل قائلاً إن «وزير التربية هو من يتحمل مسؤولية التأخير في تحضير ملف مخصصات المتعاقدين»، فرد بو صعب بنشر صورة لطلب وزارة التربية. فأضاف خليل سلسلة تغريدات جديدة «عذراً معالي الوزير، لو كنت تتابع ما يحصل لعرفت أن عدم انعقاد مجلس الوزراء لأسباب أنت جزء منها تفرض بعد انتهاء السنة المالية إعادة كل الإحالات من مجلس الوزراء»، فرد بو صعب من جديد بالقول إن «رسالة وزير المال المتأخرة 70 يوماً وصلت اليوم إلى وزارة التربية، لكننا حرصاً على مصلحة الأساتذة أرسلنا ردنا بتاريخ 2/2/2016 استناداً إلى نسخة غير رسمية استطعنا الحصول عليها نتيجة متابعتنا»!
من جهة ثانية، كشف النائب أنطوان زهرا أن مسؤولين سعوديين أبلغوا حزب القوات اللبنانية رسالة بداية الأسبوع الماضي، مفادها أن «السعودية ضد الفراغ القائم في رئاسة الجمهورية، كما أنها لن تعترض على أي توجه لدى المسيحيين في ما خص هوية الرئيس المقبل». والأهم، بحسب زهرا الذي تحدّث أمام مجموعة من الصحافيين أمس، أن «السعودية لا تضع فيتو على ترشيح أيٍّ كان إلى رئاسة الجمهورية، بمن فيهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي سبق أن تحجج تيار المستقبل بأن فيتو سعودياً منعه من السير بترشيح عون». وأضاف زهرا أنّ «موقف تيار المستقبل، رغم بيانات صقوره وحمائمه، ليس سلبياً بالمطلق تجاه اتفاق معراب»، واصفاً الذين يشنون هجوماً على تبني ترشيح عون بـ«العاطفيين».
وأول من أمس، استعرت حرب الردود بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، بعد المواقف التي أدلى بها نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لصحيفة «الشرق الأوسط».


زهرا: السعودية أبلغتنا أنها
ضد الفراغ الرئاسي وهي لا تضع فيتو على أي مرشَّح


وردّت القوات في أقسى بيانٍ لها بحقّ المستقبل ردّاً على كلام مكاري، مشيرةً إلى أن «أول مسمار فعلي دق في بناء 14 آذار كان السين ـــ سين، كما يظهر أنه نسي (مكاري) أن المسمار الأخير الذي دق فيه كان ترشيح النائب سليمان فرنجية».

 

رحمة يجمع روكز وطوني فرنجية

وجمع أمس النائب إميل رحمة على الغداء العميد المتقاعد شامل روكز وطوني سليمان فرنجية بحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والوزير يوسف سعادة. وأكّد رحمة لـ«الأخبار» أن «اللقاء اليوم (أمس) هو بين أحبّة وحلفاء في خطّ واحد، ويجب أن ننتهي من السجّال داخل الفريق الواحد، وإن شاء الله تتحسّن الأمور تمهيداً للقاء الموعود بين الجنرال عون والنائب سليمان فرنجية».
وكان السفير السوري علي عبد الكريم علي قد جمع قبل يومين على شرف مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشّار الجعفري الذي مرّ عبر لبنان في طريقه إلى نيويورك، سفيري إيران محمد فتحعلي وروسيا ألكسندر زاسبيكين ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ووزير المال علي خليل ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان والنائب الوليد سكرية. وأكّد علي لـ«الأخبار» أن «الجعفري وضع الحاضرين في أجواء لقاءات جنيف».