ربح الرئيس بشار الاسد ورقة يانصيب كبرى هي روسيا، فقد قامت القوات الروسية الجوية المؤلفة من 78 طائرة بقلب موازين القوى العسكرية في سوريا بشكل كبير، وباتت حلب على قاب قوسين من السقوط في معركة ستجري في الشهرين القادمين، واستنجدت المعارضة السورية المسلحة والقوى التكفيرية السلفية بحلف الناتو طالبة التدخل لوقف اطلاق النار ومنع سقوط حلب، ذلك ان الطيران الروسي يقوم بغارات مكثفة يوميا تصل الى 150 غارة من احدث طائرات السوخوي المهاجمة ومن مهرة الطيارين الروس الذين يصيبون الاهداف بدقة ويدمرونها. وتتراجع المعارضة امام الجيش السوري وحزب الله بادارة ضباط ايرانيين ومستشارين روس وتجري المعارك في ريف حلب، ووصلت القوات السورية الى قطع خطوط الامداد من تركيا الى حلب ووصول الاسلحة او الذخيرة الى المعارضة عبر تركيا، ولم تعد تصل المساعدات العسكرية السعودية والقطرية الى المعارضة التكفيرية في سوريا، بل سيطر الجيش السوري على ممرات باب السلامة دون الوصول اليه وهو يقترب منه على الحدود التركية - السورية.
اما بالنسبة الى حلب فيتجه حزب الله والجيش السوري الى اقتحام حلب قريبا خلال الشهرين القادمين ليحسم المعركة النهائية في العاصمة الكبرى الثانية في سوريا حلب التي تضم 4 ملايين نسمة، واهم مراكز الصناعة والتجارة في سوريا تاريخيا، وفيها قلعة صلاح الدين الايوبي ومركز بري استراتيجي يصل تركيا بسوريا وصولا الى الشاطىء السوري عبر طريق الى ريف اللاذقية وطرق الى محافظة حمص وحماه والداخل السوري كله.
جرت الحرب في سوريا منذ 5 سنوات، لكن الامور تغيرت منذ 4 اشهر بعد التدخل الروسي في ايلول الماضي عبر سرب من الطيران ثم زيادة سرب آخر وصولا الى 78 طائرة حربية مقاتلة من احدث الطائرات الروسية وتستعمل احدث القنابل التدميرية مع صواريخ تستعمل عبر اللايزر لاصابة الاهداف، واشتد القصف الروسي الجوي منذ شهر تقريباً ليعطي الضوء الاخضر للجيش السوري وحزب الله والايرانيين للانطلاق للسيطرة على مناطق فقدها النظام السوري سابقا، وحقق الجيش السوري وحلفاؤه خاصة حزب الله انتصارات كبيرة بدءا من ريف اللاذقية التي سيطر عليها الجيش السوري وحزب الله كليا، وصولا الى ريف حلب وصولا الى حمص ومناطق في درعا والسيطرة على السويداء وجبهة الجولان.
وقد ربح الرئيس بشار الاسد فعلا اكبر ورقة يانصيب هي الدعم الروسي الجوي الفتّاك، الذي دمر مراكز المعارضة التكفيرية تدميرا شبه كامل وانقضّ حزب الله بوحداته القتالية لاقتحام مراكز المعارضة التكفيرية والسلفية والسيطرة عليها، من حدود جورين في ريف اللاذقية الى منطقة درعا، معيداً مع الجيش السوري حوالى 30 في المئة من الاراضي السورية التي كانت تقع في يد المنظمات الارهابية التكفيرية.
وقد استنفرت السعودية جهودها الديبلوماسية وتحرك وزير خارجية السعودية ليطلب من واشنطن تدخل اميركا لدى روسيا لوقف اطلاق النار، وبالفعل تحركت اميركا وطلبت وقف اطلاق النار من روسيا، لكن روسيا اعلنت على لسان وزير خارجيتها لافروف انها قدمت خطة متكاملة للحل في سوريا الى اميركا وان اميركا تدرس هذه الخطة وستعطي الجواب الى روسيا خلال فترة اسابيع.


موقف اميركا جامد، ذلك ان الرئيس اوباما هو في نهاية ولايته، وبقي له 8 اشهر لانتهاء الولاية، او اكثر بشهر، لكنه لم يعد يتخذ اي قرار الرئيس الاميركي، وهو يترك الامور للرئيس القادم الذي سيأتي بعده، لان الرئيس الاميركي اوباما حكم لمدة ولايتين، اي 8 سنوات، وسيأتي رئيس جديد اما من الجمهوريين او الديموقراطيين ليقرر استراتيجية اميركا في المرحلة القادمة، لذلك لن تقوم اميركا بمبادرات كبيرة تجاه الوضع في سوريا، بل تستفيد روسيا من هذا الوضع ويستفيد بوتين ليحرك كل قواته الجوية بقوة كبيرة لتغيير موازين القوى كما قام حتى الان بتغييرها وادى ذلك الى انتصار النظام السوري برئاسة الرئيس بشار الاسد وحزب الله.
واصبح الدور الروسي يسبق الدور الايراني مع ان الضباط الايرانيين يديرون ويعطون تعليمات في شأن الوضع على الارض ميدانيا للجيش السوري وحزب الله، لكن رأس الحربة في القتال هو حزب الله في اقتحام المراكز الصعبة مع الجيش السوري.
المعارضة السورية التي رأت نفسها على حافة الانهيار استنجدت بحلف الناتو الذي عقد اجتماعا اليوم الاربعاء 10 شباط وقرر التحرك باتجاه سوريا، من خلال اجتماع المعارضة السورية والنظام في ميونيخ والتوصل الى وقف اطلاق النار، وايصال المساعدات الى المناطق المحاصرة وبعد جهد جهيد وافقت روسيا واميركا على وقف اطلاق النار في سوريا وايصال المساعدات الى المناطق المحاصرة، لكن النظام السوري لم يجاوب بعد اذا كان يقبل بوقف اطلاق النار وهو على الارجح لن يقبل، كذلك المعارضة لم تحصل على وقف اطلاق النار لان النظام وروسيا وايران وحزب الله يرون انها فرصة مناسبة للانقضاض على المعارضة وضربها وعدم ترك فرصة لها للقيام مجددا بتحركات تستعيد فيها السيطرة على مناطق في سوريا.
ويرى النظام السوري وخاصة الرئيس بشار الاسد ان الوقت الضائع حاليا هو وقت لصالحه كي يكسب مزيداً من الاراضي والمساحات من المعارضة التكفيرية وكي يكون في المفاوضات القادمة اقوى ويستطيع فرض شروطه مع ان روسيا لن تجاري الرئيس بشار الاسد فيما يريده، ذلك ان الرئيس بوتين سيطلب من الرئيس بشار الاسد التنازل عن جزء من صلاحياته في مجلس الوزراء السوري الذي سيتألف على قاعدة وحدة وطنية من فريق المعارضة وفريق النظام، وقد لا يقبل الرئيس بشار الاسد بادىء الامر طلب الرئيس الروسي بوتين، لكن روسيا ستنسحب من سوريا اذا لم يوافق بشار الاسد على طلب الرئيس بوتين، وعندها سيضطر الرئيس بشار الاسد للتنازل عن جزء من صلاحيلاته لصالح مجلس وزراء وحدة وطنية تشترك فيه المعارضة مع النظام في ادارة البلاد وسوريا.
ميدانيا، حقق الجيش السوري انتصارا في ريف درعا وسيطر على قرى جديدة كذلك دخل الى مناطق في قلب درعا وشوارع فيها وسيطر عليها، اما المعارك الهامة فتجري في ريف حلب وقد سيطر الجيش السوري مع حزب الله عليها والان يحضر للتقدم باتجاه حلب، وستجري معارك في حلب حيث هنالك انفاق تحت الارض، لكن الجيش السوري وخاصة حزب الله مجهز لحرب انفاق مع صواريخ ساغر - اس لاستعمالها ضد الدشم والانفاق التي تستعملها المعارضة التكفيرية الارهابية في سوريا.
الان ينتظر الجميع مؤتمر ميونيخ بين النظام والمعارضة والمفاوضات بينهما، وتضغط اميركا مع حلف الناتو لتصل الى وقف اطلاق النار في مؤتمر ميونيخ، فهل يوافق الرئيس بشار الاسد وايران وروسيا على وقف اطلاق النار، الجواب هو ان روسيا ستوافق، اما ايران والرئيس بشار الاسد فقد لا يوافقون، والامر غير واضح، ولننتظر مؤتمر ميونيخ لمعرفة النتيجة بشأن وقف اطلاق النار والمعارك لكن الوقت الضائع حاليا انقلب لصالح النظام وصالح الرئيس بشار الاسد، على الاقل حتى الان وفي اللحظة الحالية.