شكلت الأزمة السورية على مدى أعوام الشغل الشاغل للمجتمع العربي والدولي وعقدت جملة مؤتمرات للنظر في حل الأزمة، كان آخرها جنيف 3 الذي انتهى الى الفشل كسابقاته، ما يؤشر إلى انعدام فرص الحل السياسي بشكل شبه كامل، وعليه يجري الحديث عن تدخل سعودي بري لحسم الموقف في سوريا حيث تقود السعودية التحالف الاسلامي لمحاربة الإرهاب وتعتبر من اللاعبين الأساسيين في الميدان السوري لصالح المعارضة .
وتأتي جدية الأنباء عن نية السعودية التدخل العسكري في سوريا بعد جملة معطيات قد تقود السعودية فعليا إلى المشاركة المباشرة في الحرب .
إن فشل جنيف 3 وفشل الرهانات السعودية على حدوث اختراقات في اليمن لمصلحتها ومع تطور التوتر في العلاقات بين ايران والسعودية، كل ذلك من شأنه أن يؤكد نية السعودية دخول الحرب المباشرة للبحث عن ميدان جديد للعب مع إيران وغيرها من جهة، ومن جهة أخرى ربما يؤدي هذا التدخل الى تحقيق الأهداف السعودية حول الملف السوري وأهمها إسقاط النظام .
وقد أدت التصريحات السعودية بشأن المشاركة العسكرية في الحرب الى استنفار سياسي عام وبدأت التحليلات والتأويلات بعد تصريحات عادل الجبير خلال لقائه نظيره الأمريكي جون كيري عن استعداد الرياض لارسال قوات برية الى سوريا اذا قرر التحالف ذلك .
وجاءت تصريحات الجبير بعد أيام من إعلان مماثل صدر عن العميد أحمد عسيري المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي والمتحدث باسم قوات التحالف العربي في اليمن .
وتأتي هذه التصريحات بحسب مراقبين كرسالة سعودية قبل مشاركة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اجتماعات بروكسل حيث سيلتقي وزراء دفاع الحلف الأطلسي والدول الأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش .
وشكل إعلان السعودية في المواقف فزاعة لإيران بالدرجة الاولى، فيما شككت روسيا بقدرة السعودية على القيام بأي عمل عسكري مباشر .
الموقف الإيراني كان الأكثر حدة إذ عبرت التصريحات الايرانية عن حالة خوف من إعلان السعودية استعدادها التدخل في سوريا وتوالت التصريحات الإيرانية ضد الرياض بإطلاق التهديدات فيما أعلنت ايران على لسان قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري، عن عدم نية طهران لزيادة قواتها المقاتلة في سوريا إلى جانب نظام الأسد والميليشيات الشيعية.
أما نائب قائد الحرس، حسين سلامي، فقال في تصريحات الأحد، "حذرنا السعودية من مغبة التدخل في سوريا، وأنهم يعلمون أن المنطقة ستشهد أحداثا مفجعة ومؤلمة إذا ما تدخلوا في سوريا".
وكان القائد السابق للحرس الثوري وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، قال الخميس، إن "دخول السعودية الحرب في سوريا سيؤدي إلى إشعال المنطقة كلها، ومنها السعودية نفسها، ما عدا إيران"، على حد قوله.
وبين عاصفة المواقف هذه ووسط غموض ملحوظ في الموقف الأميركي والروسي فإن العالم بانتظار ما ستؤدي اليه المشاورات بشأن هذا التدخل ومن المؤكد أن ثمة تداعيات سياسية وعسكرية ستشمل المنطقة كلها مع إعادة خلط الأوراق على الساحة السياسية العربية والدولية وخصوصا أن ملفات الحرب المفتوحة هي أكثر بكثير من فرص السلام التي يتم الحديث عنها. فمن اليمن الى سوريا الى العراق هل تستطيع السعودية تتحمل التبعات الاضافية السياسية والمالية لنفقات حرب جديدة ؟