لا أعرف من يحمي سائقي الفانات من أحزاب أو زعماء أو أن هناك مرجعيات مالية تُغذي السائقين وتتغذى عليهم أو أن السائقين أنفسهم هم قوّة قادرة على حماية نفسها بنفسها دون تدخل أحد من جماعات القوّة المُفرطة في لبنان . لذا يتصرفون في الطرقات والشوارع العامة وفي الزواريب أيضاً بطرق لا قانونية ولا أخلاقية ولا تتوفر فيها شروط السلامة العامة .
ان أكثر سائقي الفانات يتحكمون بحركة المرور والسير دون مراعاة حق الغير وحق القانون فهم يقفون بمزاجهم ويتزاحمون على الراكب بطريقة مخيفة ومرعبة ومؤذية ويتوسطون الشوارع انتظاراً للركّاب ولا يستطيع أحد أن يشير بإصبع ادانة الى سائق من السائقين مخافة منه ومن لسانه الحافظ لكل أنواع الشتم والفحُش ومن عصاه الغليظة اذ أن الكثيرين منهم يحمل عصاً للمشاكل التي يفتعلها لترهيب الناس من المنزعجين من كيفية تحركهم في " فاناتهم " كما أن الكثيرين من السائقين وخاصة ممن يتحركون من الأطراف الى بيروت يوفرون لأنفسهم الحماية اللازمة من خلال مرافقة شخص أو شخصين يقومان واضافة الى دور الحماية بالزعيق وجلب الراكبين بطريقة فيها من المصارعة الحرّة ما فيها خاصة عندما يكون هناك أكثر من فان واقف في نفس النقطة .
تبدو معاناة اللبنانيين من سائقي الفانات كبيرة جداً ولا أحد بقادر على ردعهم حتى الأجهزة المختصة غير قادرة على ذلك ولأسباب مجهولة اذ أنهم يتصرفون على هواهم دون رقيب أو حسيب و على مرأى الجميع ولا يخافون أحداً من رجال أمن المرور وثمّة من يشير الى أن قوّة السائقين مأخوذة من قوّة ارادتهم ووحدتهم والتفافهم على بعضهم البعض ضدّ أعدائهم من القانون الى الأمن الى المتضررين من طريقتهم في النقل اضافة الى طبيعة الحماية الطائفية والحزبية المسهلة لهم أعمالهم المريبة كما وأن طبيعة الفوضى المنتشرة في الطرقات تدفع الجميع الى المخالفة واتباع الوسائل السلبية والمُضرة بالسلامة العامة .
ان المشاهدة اليومية لسائقي الفانات وقوفاً وسيراً وحركة في الاتجاهات كافة دالة على تدهور الحياة العامة من قبل مجموعة كبيرة مستخفة بحياة الناس ولا تعطي لها أي قيمة والمبكي في المشاهدة أن الناس مضطرة الى التعاطي مع سائقي الفانات على حساب حياتها لرخص وسيلة النقل مقارنة مع السيارات العمومية والمبكي أيضاً أن الكثيرين من المعنيين بالأمن متسامحين مع المخالفين من السائقين لذا تتكاثر يومياً مشاهد الفانات المسيئة للسير العام واعتقد أن احدى علامات استقامة الوضع في لبنان ترتكز على تفاصيل أساسية من نوع السواقة التي نتحدث عنها لأن الكثير من المسائل السلوكية تعكس طبيعة النظام العام وتشير الى جوهر النظام السياسي وبناءً عليه يمكن وضع البلد في مرآة شارع لمعرفة طبيعة دور المجتمع فإمّا صالحاً للسير وإمّا غير صالح للسير كما هو حال اللبنانيين في لبنان .