تعتبر إيران ثاني بلد في العالم من حيث تنفيذ حكم الإعدام بحق المذنبين، حيث يمكن أن يتم شنق الفتيات المذنبات بعد خضوعهن لمحاكمات غير عادلة، من ذلك إدانتهن بعد الحصول على اعترافات قسرية يتم انتزاعها منهن بعد التعذيب وغيره من أصناف سوء المعاملة. وتسجن الفتيات في مركز لإصلاح الأحداث الجانحين بعد صدور حكم الإعدام عليهن، ومن ثم يتم تنفيذ حكم الإعدام بعد بلوغ السجينات سن الـ18 عاما.
وتقبع العشرات من الإيرانيات المخالفات لقانون الجمهورية الإسلامية في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في حقهن من أجل جرائم مثل القتل وتهريب المخدرات والسطو المسلح، منهن من لم تتجاوز التسع سنوات من العمر. أما عن حياتهن داخل السجون المرعبة في انتظار الموت فيمكن أن تلخص في كونهن ينمن في ظروف بائسة، ويصطففن لساعات من أجل الحصول على الطعام، كما أنهن يكافحن من أجل رعاية مواليدهن الجدد.
خلال العام الماضي، شهدت إيران ارتفاعا مثيرا للقلق في استخدام عقوبة الإعدام، حيث تم تنفيذ الإعدام بحق 830 شخصا على الأقل في الفترة الممتدة ما بين شهر يناير والأول من نوفمبر 2015، وتفيد التقارير الواردة من داخل إيران أن أربعة على الأقل من بين هؤلاء المذنبين هم من الأحداث.
وتعرض صحيفة ديلي ميل البريطانية في تقرير لها عن السجينات الإيرانيات بعض قصصهن، حيث تطلعنا على حكاية الفتاة مهسا ذات الـ17 ربيعا التي وقعت في حب شاب ورغبت في الزواج منه، ولكن والدها عارض الزواج، وفي أحد الأيام دخلت في نقاش حاد مع والدها، إلى أن أعمى الغضب عينيها، فتناولت سكينا من المطبخ وطعنت والدها لترديه قتيلا. فكان موقف إخوتها أن طالبوا بإعدامها والقصاص منها.
وتم اعتقال نازنين ذات الـ16 عاما قبل نحو ستة أشهر عندما كانت بحوزتها 621 غراما من الكوكايين، ليصدر القاضي حكما بإعدامها رغم أنها ما تزال في سن المراهقة. أما شقائق ذات الـ15 عاما فسجنت لمدة سنة تقريبا بتهمة السطو المسلح على سلسلة من المتاجر في طهران، ورغم أنها ارتكبت جريمتها بصحبة صديقها، إلا أنه تمكن من الهرب من الشرطة وتركها تتلقى العقوبة وحيدة. وبعد 12 شهرا من سجنها زارت جدة شقائق حفيدتها لتعلمها أنه صدر في حقها حكم بالإعدام، وسوف يتم تنفيذه عندما تبلغ 18 عاما.
ومن أكثر الحالات التي تشد الانتباه زهرة ذات الـ17 عاما وهي تحتضن طفلها حديث الولادة داخل المركز، حيث يمكن للسجينات الإبقاء على أطفالهن بصحبتهن إلى أن يبلغوا العامين. وقد تزوجت زهراء في سن الـ 14 عاما وهي الآن أم لطفلين، وقد تم إيداعها السجن بتهمة سرقة هاتف نقال من إحدى النساء.
وتقف النساء داخل السجن في الطابور لساعات حتى يتمكّن في النهاية من الحصول على الطعام، كما يسمح لهن بقضاء ساعتين فقط في الساحة، ويسمح لهن بالصلاة أيضا. ويزور رجال الدين المركز بشكل يومي من أجل جمعهن لإقامة الصلاة. وبعد الصلاة، يقدمون محاضرات للفتيات عن أساليب التنشئة الصحيحة ويدعون لهن بالمغفرة.
سجينة أخرى هي سوغندة ذات الـ16 عاما، التي زارها أحد رجال الشرطة وهو يحمل معه مذكرة تفتيش عندما كانت بمفردها في البيت، ليعثر على 250 غراما من الأفيون و30 غراما من الكوكايين و20 غراما من الهيروين. ورغم أن المخدرات كانت لوالدها إلا أن سوغندة هي التي كانت موجودة في البيت عند التفتيش، فتم اعتقالها.
كما وجدت الشرطة الفتاة خاطره ذات الـ13 عاما فاقدة للوعي بعد أن تعرضت إلى عملية اغتصاب جماعي. وبعد علاجها تم نقلها إلى مركز إصلاح الأحداث الجانحين. اضطرت خاطره إلى الهرب من المنزل بعد أن اغتصبها عمها، وبعد أسبوع واحد على فرارها من منزل أهلها تعرضت لاغتصاب جماعي.
ويقبع العشرات من الأحداث الجانحين المحكوم عليهم بالإعدام في إيران، في مركز للأحداث الجانحين في انتظار الموت. وقد أدان تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية بعد أن كشف أن إيران تزعم بأنها تعتمد طريقة لإصلاح الفتيات الجانحات، في حين أنهن ينتظرن تنفيذ حكم الإعدام عندما يبلغن الـ18 عاما.
وفي عام 2014، نفذت إيران أكبر عدد من عمليات الإعدام يفوق جميع دول العالم باستثناء الصين. وأعلنت السلطات الإيرانية عبر وسائل الإعلام الحكومية أنه تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 289 شخصا هم 278 رجلا و 11 امرأة، رغم أن مصادر موثوقة تؤكد أن العدد يفوق ذلك بكثير وهناك على الأقل 454 عملية إعدام أخرى زيادة عما تم إعلانه رسميا، ليصل بذلك إجمالي عمليات الإعدام في عام 2014 إلى ما لا يقل عن 743.
وقال سعيد بومدوحة، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن “التقرير يسلط الضوء على تجاهل إيران المخزي لحقوق الأطفال، إيران هي واحدة من البلدان القليلة التي لا تزال تعدم المذنبين من الأحداث في انتهاك صارخ للحظر القانوني المطلق على استخدام عقوبة الإعدام ضد الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما عند ارتكابهم للجرائم”.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن بعض الذين تم الحكم عليهم بالإعدام كانوا في الحقيقة ضحايا لمحاكمات جائرة، بما في ذلك تلك القائمة على الاعترافات القسرية. ورغم بعض الإصلاحات في القضاء الخاص بالأحداث، تواصل إيران تخلفها عن بقية العالم، وتحافظ على القوانين التي تسمح بالحكم بالإعدام على فتيات في سن التاسعة والأولاد الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ15 عاما.
المصدر : صحيفة العرب