حذّرت الأمم المتحدة أمس من «خنق» 300 ألف سوري جراء حصار قوات النظام وحلفائها لمناطق المعارضة في حلب، وسط توقعات في أنقرة بتدفق مليون نازح إلى الحدود التركية، في وقت كثّف وزير الخارجية الأميركي جون كيري جهوده لإعلان وقف للنار خلال اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سورية» في ميونيخ غداً. وحذّر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من تعرّض روسيا لـ «ذل الهزيمة» الذي تعرض لها الاتحاد السوفياتي في أفغانستان. وسقط قتلى وجرحى أمس بتفجير انتحاري تبناه «داعش» في مقر للشرطة في دمشق.
وكانت منظمتان غير حكوميتين أفادتا بأن أكثر من مليون سوري يعيشون تحت الحصار بعد خمس سنوات من الحرب، وأشارتا إلى أن الأزمة «أسوأ بكثير» مما تحدث عنها مسؤولو الأمم المتحدة. وكتبت جمعية «باكس» الهولندية و «معهد سورية» الأميركي أن «المعلومات التي جمعتها حديثاً مبادرة «سيج واتش» (مراقبة الحصار) تبيّن أن هناك أكثر بكثير من مليون سوري يخضعون للحصار في مناطق داخل دمشق وفي محافظات ريف دمشق وفي حمص ودير الزور ومحافظة ادلب»، علماً أن أرقام الأمم المتحدة تتحدث عن حوالى نصف مليون شخص يقيمون تحت الحصار وبينهم أكثر من النصف من قبل النظام.
وتخشى الأمم المتحدة أن يقطع تقدم القوات الحكومية وحلفائها في ريف حلب الطريق الوحيد المتبقي بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب ومعابر الحدود التركية الرئيسية والتي كانت شريان حياة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في نشرة عاجلة: «إذا قطعت الحكومة السورية وحلفاؤها طريق الفرار الوحيد المتبقي للخروج من شرق مدينة حلب فهذا سيعزل 300 ألف يعيشون في المدينة عن أي مساعدات إنسانية ما لم يتم التفاوض على نقاط دخول عبر الخطوط». وأضاف: «إذا استمر تقدم قوات الحكومة السورية حول المدينة تقدر المجالس المحلية أن ما بين مئة ألف و150 ألفاً سيفرون نحو عفرين والريف الغربي لمحافظة حلب».
ورفعت الأمم المتحدة حدة التحذير من أزمة إنسانية كبيرة في شمال سورية، منذرة بأن مخيمات النازحين قرب الحدود التركية «وصلت حدود استيعابها القصوى». وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين في بيان إن «أكثر من ٣٠ ألف مدني نزحوا عن حلب ومناطق أخرى في شمال سورية خلال الأسبوع الماضي» وأن ٨٠ في المئة منهم هم من النساء والأطفال.
وتستقبل تركيا 2.5 مليون سوري، وهي تخشى وصول مليون نازح جديد إذا استمرت الحملة العسكرية الروسية والحكومية السورية على مناطق سيطرة المعارضة، بحسب وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو.
في المقابل، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمام أعضاء «حزب العدالة والتنمية»، إن «لدى تركيا وثائق تؤكد قصف روسيا لأكثر من 6 آلاف موقع تابعة للمدنيين وللمعارضة المعتدلة»، بحسب ما أورد موقع «ترك برس» الإلكتروني. وأضاف: «إن العالم تخلى عن ضميره وسيذكر التاريخ تخاذلهم، إن من حوّل حلب والقرى التركمانية في اللاذقية إلى بركة دم سيدفع الثمن. وكما غادر الاتحاد السوفياتي في يوم من الأيام أفغانستان ذليلاً، سيخرج من سورية بالذل نفسه»، علماً أن لتركيا حدوداً بطول 900 كيلومتر مع سورية.
في غضون ذلك، قال الوزير جون كيري إن «أنشطة روسيا في حلب والمنطقة تزيد بدرجة كبيرة من صعوبة الجلوس إلى طاولة المفاوضات وإجراء محادثات جادة»، داعياً موسكو إلى الانضمام للجهود المبذولة من أجل التوصل إلى وقف فوري للنار، فيما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف إن روسيا اقترحت على الولايات المتحدة خطة «ملموسة» لحل الأزمة السورية. ويتوقع أن يكون وقف النار والمساعدات الإنسانية بين المواضيع التي سيبحثها المنسق العام للهيئة العليا المعارضة للمفاوضات رياض حجاب مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ومسؤولين بريطانيين قبل توجهه (حجاب) غداً إلى ميونيخ للمشاركة في مؤتمر «المجموعة الدولية».
في دمشق، قالت وزارة الداخلية السورية إن انتحارياً فجّر سيارة ملغومة عند ناد لضباط الشرطة في حي سكني شمال شرقي دمشق. وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «ثمانية ضباط شرطة قُتلوا وأصيب 20 في تفجير سيارة في ساحة لانتظار السيارات في نادي ضباط الشرطة» التابع لوزارة الداخلية. وتبنى «داعش» العملية، فيما قال «المرصد» إن التنظيم خرَّج الأسبوع الماضي «دفعة جديدة من عناصره» في معسكر شرق سورية، ضمت 450 بينهم 100 طفل من المنضمين إلى معسكرات «أشبال الخلافة».
وقالت بثينة شعبان المستشارة السياسية والاعلامية للرئيس بشار الاسد لــ «رويترز» إن هدف الجيش من العمليات العسكرية الجارية في شمال البلاد هو تأمين الحدود مع تركيا وإعادة بسط سيطرته على مدينة حلب، مضيفة أنها لا تتوقع نجاح الجهود الديبلوماسية ما دامت هناك دول «تدعم الإرهاب في سورية».