في الوقت الذي تتسابق فيه عدة شركات تعمل في مجال الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية لابتكار لقاح ضد فيروس زيكا منها شركة سانوفي الفرنسية التي لديها بالفعل لقاح لعلاج حمى الضنك، استطاعت شركة "أوكسيتيك"، الفرع البريطاني لشركة إنتريسكون الأميركية للبيولوجيا التخليقية، استنباط بعوض معدل وراثيا للحد من انتشار فيروس زيكا وفيروسات خطيرة أخرى ينقلها البعوض بالبرازيل. وحول ذلك، قال المدير التنفيذي لشركة "أوكسيتيك" هادين باري لـ"الشرق الأوسط"، إن "الشركة استطاعت إنتاج سلالة معدلة جينيا لذكور البعوض من جنس (ايديس ايغبتاي) وعند تزاوجها مع إناث البعوض التي تحمل الفيروس تؤدي إلى إهلاك الجنين فور ولادته". وأضاف: "والسبب وراء نشر الذكور لأنهم لا يحملون الفيروس ولا ينشرونه، ويشمل التعديل الجيني تحويل لون الجنين إلى الأحمر، وذلك يمكننا من رصد مدى فعالية آليتنا".

وبهذا تقل نسبة البعوض الحامل لفيروس زيكا. حيث تشير آخر إحصائيات "أوكسيتيك" أن باستطاعة الشركة ومن خلال هذا الآلية تقليص أعداد البعوض الحامل لفيروس زيكا بنسبة تفوق الـ90 في المائة خلال ستة أشهر، بحسب المدير التنفيذي. كما أكد باري أن البعوض الحامل لزيكا هو البعوض ذاته الحامل لحمى الضنك والشيكونغونيا.

وحول الأولوية الدولية للتعامل مع زيكا، أكد باري أن "الحد من أعداد البعوض الحامل لزيكا وليس تطوير العقار يجب أن يكون أولوية الدول، لأن العقار يتطلب سنينا لتطويره أما التحكم بأعداد البعوض قد تبيد الفيروس". وأشار باري إلى أن "أوكسيتيك" لم تتلق دعما ماديا من الدعم المقرر من الصحة البريطانية والمعلن عنه الأسبوع الماضي، مؤكدا أن تمويل الشركة من متبرعين في القطاع الخاص.

وكانت أعلنت وزارة الصحة البريطانية أن الحكومة تنوي تخصيص مليون جنيه إسترليني لأبحاث لتطوير عقارات ولقاحات لفيروس زيكا. وفي بيان صادر عن الوزارة، تلقت "الشرق الأوسط" نسخة منه، أوضحت الوزارة أنها تنوي تمويل الأبحاث لاكتشاف المزيد عن الفيروس والمدرج تحت صندوق أبحاث التحديات العالمية الحكومي لمساعدة الباحثين على التحقيق في طبيعة الفيروس، وانتقاله وصلته المحتملة بالخلايا العصبية ومتلازمة صغر الرأس بين الأطفال. ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجلس البحوث الطبية البريطاني، البروفسور جون سابيل: "نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على تطوير علاجات ولقاحات، ولكن أولا نحن بحاجة إلى إجابات عن أسئلة هامة حول طبيعة هذا الفيروس - مثل كيف يتغير، وكيفية السيطرة على انتشاره، وكيفية تشخيص ومنع العدوى".

ولكن الدعم لم يشمل اقتراحات "أوكسيتيك" التي أثبتت فعاليتها. إذ تقوم شركة أوكسيتيك باستنباط السلالة الجديدة بمنطقة كامبيناس بالبرازيل وقالت إنها ستبني منشأة أخرى في منطقة بيراسيكابا القريبة بولاية ساو باولو في أعقاب نجاح النتائج في تقليص أعداد هذا الجنس الذي يحمل أيضا خطر الإصابة بحمى الضنك. وقالت شركة أوكسيتيك إن السلالة الجديدة المحورة وراثيا نجحت في الإقلال من يرقات البعوض بنسبة 82 في المائة في المناطق التي تم نشر السلالة المعدلة بها خلال الفترة بين نيسان وتشرين الثاني الماضيين.

ومع ذلك، لا يزال تركيز الحكومات يتمحور حول أهمية اللقاحات والعقارات للحد من زيكا، إذ قالت الوكالة الأوروبية للأدوية أمس إنها شكلت قوة مهام من كوادر الخبرات الطبية لإسداء النصح للشركات العاملة في مجال اللقاحات والأمصال لابتكار عقاقير ضد الفيروس. ومع عدم وجود لقاحات أو عقاقير حاليا فإن الهدف من إعلان الوكالة التي تمثل هيئة الرقابة على المستحضرات الطبية بالقارة الأوروبية ومقرها لندن، هو ابتكار عقار لعلاج المرض الفيروسي بأسرع ما يمكن. كما أضافت الوكالة في بيان: "تشجع الوكالة الشركات المعنية بإنتاج الأدوية للاتصال بها إن كان لديها أي مشروعات واعدة في هذا المجال. وستعمل الوكالة من خلال تحضير مسبق للتواصل مع الشركات التي تعتزم العمل على ابتكار لقاحات مع إسداء النصائح العلمية والتنظيمية".

وبدوره، طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس من الكونغرس ما يزيد على 1.8 مليار دولار من التمويل الطارئ لمواجهة الانتشار السريع للفيروس زيكا في الولايات المتحدة وخارجها لتمويل أبحاث تسهم في تطوير عقاقير ولقاحات. إذ جاء في بيان للبيت الأبيض أن الإدارة الأميركية ستقدم الطلب "في وقت قريب" من دون تحديد موعد لذلك. وأضاف البيان "إن الموارد المطلوبة ستستند إلى جهودنا المستمرة لنكون في جهوزية وستدعم استراتيجيات ضرورية لمكافحة هذا الفيروس".

وحول ذلك، قال باري، إن أوكسيتيك "تأمل أن تتعاون معها حكومات الدول التي تود الشركة بتأسيس منشآت مماثلة فيها للحد من أعداد البعوض هناك تشمل بنما والولايات المتحدة والهند". وأضاف: "حكومات الدول عادة ما تلجأ لدعم أبحاث القار واللقاحات، إلا أن الأولوية يجب أن تقع على الحد من البعوض الحامل للفيروس". ويستطرد بقوله: "فرغم أهمية اللقاح، فإن الحل الحقيقي لإبادة فيروس زيكا هو من خلال التعديل الجيني".

جدير بالذكر أن "زيكا" لم يضرب منطقة الشرق الأوسط، حيث أوضح مكتب منظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط، أنه لم يتم تسجيل أي إصابة بوباء فيروس "زيكا" في أي من بلدان المنطقة حتى الوقت الحاضر، مشيرا إلى أن الإقليم عرضة لتسجيل إصابات بالفيروس. وفي بيان للمنظمة، قال المدير الإقليمي علاء العلوان إن عدم تسجيل أي إصابة حتى اللحظة في الشرق الأوسط، لا يعني أن المنطقة ليست عرضة لتسجيل إصابات، لا سيما أن بعوض الزاعجة المصرية الذي ينقل الفيروس ينتشر في كثير من بلدانها.

(الشرق الأوسط)