اتهمت لجنة أممية الحكومة السورية بارتكاب «جرائم إبادة وجرائم حرب وضد الإنسانية» في عمليات القتل والتعذيب والإخفاء في سجونها، داعية مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات تحت الفصل السابع تفرض إنهاء هذه الممارسات وبينها إحالة الانتهاكات المرتكبة على المحكمة الجنائية الدولية، في وقت واصل الطيران السوري والروسي غاراته على مناطق في حلب بالتزامن مع قصف معارضين مدينة القرداحة في اللاذقية، معقل عائلة الرئيس بشار الأسد وحيث دُفنت فيها والدته.
وعقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتماعين مع نظيره السعودي عادل الجبير في واشنطن تصدرهما الملف السوري والأمن الإقليمي، وحاول الجانب الأميركي فيهما التركيز على تنسيق الموقف السعودي-الأميركي من المفاوضات حول سورية وتسريع المساعدات الإنسانية إلى جانب تعزيز أمن الخليج. وقال مسؤول أميركي ل ”الحياة” أن لقاءات كيري المتعاقبة التي بدأت ليل الأحد - الاثنين، وتلاها اجتماع في الخارجية أمس تعكس «قوة وتاريخية العلاقة». وقال المسؤول أن الجانبين «يعملان عن كثب في عدد واسع من القضايا من الأزمة في اليمن إلى محاربة التطرف إلى حل الأزمة السياسية والإنسانية في سورية». وأوضحت مصادر ل «الحياة» أن الاجتماع تطرق إلى تسريع المساعدات الإنسانية إلى سورية، وتنسيق إطار العودة إلى المفاوضات ومحاولات الوصول إلى اتفاق وقف لإطلاق النار بالتنسيق مع الجانب الروسي. كما تسبق اللقاءات المؤتمر الوزاري ل «المجموعة الدولية لدعم سورية» في ميونيخ للأمن نهاية الأسبوع.
وقال كيري: «تحدثنا على ضرورة التحرك على اكثر من ملف وضرورة تقديم المجموعة الدولية لدعم سورية (في ميونيخ) كامل للمساعدات الانسانية ووقف كامل للنار ( في سورية) ونأمل بتحقيق تقدم في هذا المجال»، اضافة الى بحث ملف اليمن ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين. وأعرب كيري عن أمله بإمكانية المشاركة في الأسابيع المقبلة في محادثات لإنهاء الصراع اليمني وشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على جهود السعودية في اطار التحالف ضد «داعش» والاستعداد لارسال قوات برية في هذا المجال.
وجاءت لقاءات الجبير في وقت أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما سيلتقي عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني في ٢٤ شباط (فبراير) الجاري وسيبحثان في محاربة «داعش» وحل الأزمة السورية والمساعدة في قضية اللاجئين. وزار عبدالله الثاني واشنطن منذ أسبوعين من دون لقاء الرئيس الأميركي في البيت الأبيض. وقالت مصادر موثوق فيها ل «الحياة» أن الأردن يريد تحركاً أميركياً جدياً ضد «داعش» وتسريع عجلة المفاوضات حول سورية. وأعلنت الحكومة الكندية أمس أنها ستنهي ضرباتها الجوية التي تستهدف «داعش» في سورية والعراق وتعيد مقاتلاتها الست إلى البلاد في 22 الشهر الجاري.
وكانت اللجنة الموكلة تقصّي الحقائق من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قالت في تقرير صدر في جنيف إن «الحكومة السورية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية متمثلة في القتل والاغتصاب وغيره من ضروب العنف الجنسي والتعذيب والسجن والإخفاء القسري وغيره من المعاملات اللاإنسانية»، مشيرة إلى أن «هذه الانتهاكات تشكّل جرائم حرب».
ويغطي تقرير لجنة التقصي الانتهاكات التي جرت في سورية منذ عام ٢٠١١ إلى آخر العام ٢٠١٥ «ويستند إلى ٦٢١ مقابلة ومواد توثيقية كبيرة تصف بالتفصيل استعمال العنف وظروف الاحتجاز اللاإنسانية». كما أخذت شهادات من محتجزين سابقين كانوا حاضرين عند موت زملائهم في الزنازين ومن أفراد الأسر الذين أبلغهم المسؤولون الحكوميون بموت المحتَجزين، وفي حالة الوفيات الحاصلة في المرافق التي تديرها الحكومة «قدّم أشخاص عملوا داخل مراكز الاحتجاز أو السجون إفادات تدعم وقوع تلك الأحداث وكذلك هياكل القيادة داخل المراكز».
ورسمت إفادات مئات المحتجزين الناجين «بخاصة الذين اعتُقلوا في مرافق تسيطر عليها وكالات الاستخبارات السورية، صورة مرعبة لحجم الانتهاكات الجارية»، حيث قال التقرير إن جريمة الاختفاء القسري ارتكبت من جانب القوات الحكومية في «إطار هجوم شامل ومنهجي على السكان المدنيين». وأضاف أن «السلطات الحكومية التي تدير السجون ومراكز الاحتجاز كانت على دراية بحدوث وفيات على نطاق واسع وقد حدثت الوفيات المتراكمة أثناء الاحتجاز بسبب فرض ظروف معيشية مع وجود إدراك متعمد لدى هذه السلطات بأن هذه الظروف ستفضي طبيعياً إلى وفاة المحتجزين على نطاق واسع، وهناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن السلوك الموصوف يصل إلى حد الإبادة كجريمة ضد الإنسانية».
وأشار إلى أنه على رغم أن حوادث القتل والتعذيب تحدث أيضاً في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلّحة المناهضة للحكومة «إلا أنه لم يتم توثيق أي ممارسة مؤسسية أو متسقة من أعمال التوقيف والاحتجاز التعسفي والتعذيب والقتل». لكن أشار إلى أن المجموعات المسلحة الأخرى المناهضة للحكومة، «قامت بعمليات إعدام جماعية لجنود الحكومة الذين وقعوا في الأسر»، إضافة إلى ارتكاب «داعش» مذابح ضد جنود أسرى».
ميدانياً، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن ثلاثة قتلوا وعشرة جرحوا «جراء سقوط 4 صواريخ على الأقل استهدفت مناطق في مدينة القرداحة ومحيطها بريف اللاذقية»، لافتاً إلى أن قاذفات روسية شنت «غارات على أحياء الصالحين والسكري والهلك والشيخ سعيد ومنطقة مقر لفصيل مقاتل في عين التل، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وجرح 25».
وانتقدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل خلال زيارة لأنقرة أمس الغارات الروسية التي أجبرت عشرات آلاف المدنيين في ريف حلب على الفرار باتجاه حدود تركيا. وأشارت إلى أن ما تقوم به روسيا يمثل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي الذي وقعت موسكو عليه في نهاية العام الماضي. وقالت إنها شعرت «بالفزع والصدمة» جراء معاناة المدنيين في مدينة حلب.
وأعلنت ألمانيا وتركيا الاثنين أنهما ستطلبان من «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) المساعدة لمواجهة مهربي المهاجرين على السواحل التركية مع غرق 24 مهاجراً آخرين كانوا في طريقهم إلى اليونان.