ذكرت معلومات ديبلوماسية من واشنطن ان الادارة الاميركية لا تمانع في انتخاب رئيس جمهورية في لبنان في أقصى سرعة لكن هذا الامر ليس من اولوياتها وهي غير مهتمة به حاليا، بل منصرفة اولا الى الانتخابات الرئاسية الاميركية التي دخلت مرحلة متطورة وتقترب من اجرائها بعد 11 شهراً لانتخاب رئيس جديد يخلف الرئيس الاميركي باراك اوباما، وان وزارة الخارجية الاميركية ليست في صدد ارسال اي مبعوث اميركي، او في وضع الاهتمام بموضوع الرئاسة اللبنانية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، لان لديها اولويات مثل انتخابات الرئاسة الاميركية في الداخل ولديها الوضع في سوريا والوضع في العراق، ووضع كوريا الشمالية واولويات دولية اخرى، كذلك الوضع الاقتصادي العالمي وهبوط اسعار النفط واهم قضية لديها هي مكافحة الارهاب في العالم، التي تعتبرها معركتها وهي تدرس الاستراتيجية التي ستضعها لمكافحة الارهاب المنتشر في الشرق الاوسط والممتد الى اوروبا والذي يهدد العالم كله.
واذا كانت واشنطن ليست في اولوياتها انتخابات رئاسة جمهورية لبنان فان موسكو بعيدة جدا عن الموضوع، رغم ان بابا الفاتيكان مهتم جدا وسيطلب من بطريرك روسيا ان يناقش مع بوتين الاهتمام بالانتخابات اللبنانية، لكن الموضوع يبقى دون جدوى، ولن يعطي نتيجة سريعة. والفاتيكان لديه اولوية انتخابات لبنان، لكن الفاتيكان ليست لديه القدرة والامكانية لاجراء انتخابات رئاسية في لبنان، لذلك ستبقى جهوده جهود تمنيات دون ان تكون جهوداً فعلية.
اما بالنسبة الى روسيا، فان اولوياتها هي معركة سوريا ومعركة 70 طائرة حربية تقصف يوميا حوالى 120 غارة، لمساندة الجيش السوري وحلفائه ضد المنظمات المسلحة التكفيرية، ودقة الوضع مع تركيا ودقة الوضع في سوريا واقتراب المعارك من نقاط هامة واستراتيجية وفاصلة، لذلك فان موسكو لن تقدم على اي خطوة في شأن انتخاب رئيس جمهورية في لبنان.
اما بريطانيا والمانيا فلا تعبّران الا عن تمنيات، اما الافعال فغائبة كليا.
ومن ناحية فرنسا، فهي مهتمة جدا بانتخاب رئيس جمهورية للبنان، لكن واشنطن ليست معها ولا تستطيع فرنسا القيام بهذا الدور لوحدها، وقد جرّبت باريس والرئيس فرنسوا هولاند شخصياً العمل على انتخاب رئيس جمهورية للبنان، فاصطدم بالاهمال الدولي والاهمال الاقليمي والخلافات الاقليمية التي اوصلت الوضع الى عجز فرنسا عن السعي لانتخاب رئيس للجمهورية واستقالت من دورها واوقف الرئيس هولاند نشاطه في هذا المجال، بعدما اعتبر ان الرئيس سعد الحريري وضعه في معطيات خاطئة، جعلته يتحرك على الساحة اللبنانية لانتخاب رئيس جديد، داعما الرئيس سعد الحريري نفسه بقرار سعودي ادى بالرئيس الفرنسي هولاند الى الوقوع في خطأ كبير في معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية، ولذلك اصيب الرئيس الفرنسي هولاند بالصدمة وانسحب من معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية، ولم يعد يريد البحث مع الرئيس سعد الحريري ولا مع اي طرف لبناني في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية.
على صعيد ايران فان طهران تقول ان الموضوع متروك لحليفها حزب الله وهو يقرر دوره في لبنان ولن تضغط عليه في شيء وان انتخابات الرئاسة شأن داخلي لبناني لن تتدخل طهران فيه وتتركه للاطراف اللبنانية.


وبالنسبة الى السعودية اعتقدت انها اعطت كلمة السر ومباركة انتخاب الوزير سليمان فرنجية، فاذا بها تقع في الخطأ الذي وقع فيه الرئيس هولاند وتصاب بصدمة دعم الرئيس سعد الحريري للوزير سليمان فرنجية، فقد قررت السعودية بعد ان اصيبت بالصدمة ورأت ان هنالك تحالفاً مسيحياً كبيراً في وجهها مكوّن من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والى حد ما الكتائب اللبنانية ولكن ليس بشكل مباشر من قبل الكتائب بل عبر موقف سلبي لا يؤيد مبادرة الرئيس الحريري ولا يؤيد مبادرة العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، بل انسحبت السعودية وطلبت من الرئيس سعد الحريري الجمود وعدم التحرك السياسي وعدم التصريح السياسي والزمته بالصمت كي تمتص الصدمة التي اصيبت بها المملكة العربية السعودية، نتيجة التصور الخاطىء الذي قدمه الرئيس سعد الحريري للقيادة السعودية واوصلها الى الفشل على الساحة اللبنانية، وهي كانت تتمنى ان يطلب الرئيس سعد الحريري من النواب المسيحيين الذين هم في كتلة المستقبل ان يؤيدوا الدكتور سمير جعجع وان يكونوا في كتلته وعندها لا يكون الدكتور سمير جعجع حليفا للعماد ميشال عون وينضم اليه وهكذا عندما يصبح الدكتور سمير جعجع اقوى يبقى حليفا للسعودية ولا يؤيد العماد ميشال عون ضد السعودية او على مسافة من السعودية في مرحلة الجمود.
اما بالنسبة الى سوريا فتنقل الاوساط عن الرئيس بشار الاسد ان سوريا لن تتدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية قبل الانتهاء من مهمات داخلية يقوم بها الجيش العربي السوري وحلفاؤه كذلك ان تنتهي المفاوضات والوصول الى المرحلة الانتقالية والتطورات التي ستحصل على الساحة السورية، ولذلك فلا موقف سورياً حاليا من انتخابات رئاسة الجمهورية.
ونعود الى جلسات ابريق الزيت في بيروت، التي يعيّنها ويديرها الرئيس نبيه بري حيث كل شهر جلسة او جلستان لانتخاب رئيس جمهورية وهو مدرك تماما ان لا جلسات ولا انتخابات لرئاسة الجمهورية. وبالتالي، فان جلسة 8 شباط كسابقاتها تم تأجيلها الى الثاني من اذار المقبل وستتأجل ايضاً جلسة 2 آذار الى مرحلة لاحقة، لان الاتفاق الداخلي غير موجود والاهم هو الاهمال الدولي تجاه لبنان المنتشر بقوة، ذلك انه عندما تم بحث موضوع اللاجئين السوريين في مؤتمر لندن للدول المانحة جمعت هذه الدول 10 مليارات دولار في يوم واحد، بينما في شأن موضوع لبنان الداخلي وفي عز ازمة اللاجئين السوريين في لبنان لم يتم تقديم سوى 400 مليون دولار الى لبنان، لا يكفون لشيء، وهذا دليل على انه عندما يكون هناك اهتمام دولي تحصل العجائب وعندما ليس هنالك اهتمام دولي لا يحصل شيء، ولو كان الان هنالك اهتمام دولي بلبنان وفي الاولوية لتم انتخاب رئيس جمهورية في 24 ساعة.
اما الاهمال الدولي لانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية فهو واضح، ولذلك لن يتم انتخاب رئيس للجمهورية.
على كل حال، هنالك 3 مرشحين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية والنائب هنري حلو، فبالنسبة للنائب هنري حلو انه ليس مرشحاً جدياً، وتبقى الانتخابات بين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، والوزير سليمان فرنجية غير مستعد للانسحاب من معركة الرئاسة لصالح العماد ميشال عون وقالها بصراحة: من لديه 70 نائباً وغيره 40 نائباً فكيف ينسحب له؟
اما بالنسبة الى رجل الاعمال اللبناني جيلبير شاغوري، فقد اكتشف ان المال لا يصنع حركة سياسية في البلاد واصطدم بمواقف لا تغيْرها الاموال، فانسحب من لبنان، وسافر الى الخارج تاركاً المعركة وراءه، وقد تثبّت انه لا يستطيع تغيير الامر الواقع على الساحة اللبنانية، مع العلم ان لديه رغبة في انشاء كتلة نيابية من 8 او 9 نواب، على ان يأتي هو وزيرا لخارجية لبنان ويلعب دورا دوليا يناسب دوره المالي كرجل اعمال يملك مليارات الدولارات في نيجيريا وفي العالم كله وله صداقات دولية خاصة في العاصمة الاميركية وخصوصا مع عائلة كلينتون.