كادت الجلسة الـ 35 لانتخاب رئيس الجمهورية تتحول تجسيداً لمهزلة يتعرض لها النظام الدستوري ولو ان شيئاً جديداً وجدياً منها لم يكن في اطار الحسابات والتقديرات الموضوعية. فاذا كانت مجرياتها الشكلية لن تختلف عن كل الجلسات الفاقدة النصاب السابقة، فان دلالتها الوحيدة التي ميزتها عن مسلسل تعطيل انتخاب الرئيس هي انها شكلت الأخفاق الاول في ظل تثبيت معادلة المرشحين الحصريين من فريق 8 آذار بحيث باتت الكرة ترمى الآن أكثر فأكثر في ملعب هذا الفريق الذي يتباهى بكونه تلقى هديتين ثمينتين للغاية من فريق 14 آذار فيما اكثرية قواه تعاود لعبة التعطيل فيحضر من يرشح المرشحين ويتغيب المرشحان في طليعة المعطلين.
ومع ارجاء الجلسة الـ36 الى الثاني من آذار المقبل، يمكن التوقف عند ثلاثة مواقف اطلقها فريق 14 آذار عشية احياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري الاحد المقبل من شأنها الاضاءة على المأزق الرئاسي الذي يحاصر الاستحقاق وكذلك فريقي 8 آذار و14 آذار. فالرئيس فؤاد السنيورة رأى ان "على حزب الله والتيار الوطني الحر ان يقدما طروحات محددة لا ان يقولا إما ان تنتخبوا مرشحنا (العماد ميشال عون) وإلا ليست هناك انتخابات". والوزير بطرس حرب كشف عن اقتراح تعديل دستوري يعتبر بموجبه النائب الذي يتغيب عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ثلاث مرات بحكم المستقيل، كما ينصّ على أن يستمر رئيس الجمهورية في مهماته الى حين انتخاب رئيس جديد. اما النائب جورج عدوان فحدد خطوتين نحو الرئاسة "تفاهم حزب الله مع النائب سليمان فرنجية كي يبقى العماد عون المرشح الأساسي لـ8 آذار والتفاهم بين عون وتيار المستقبل ومكونات 14 آذار".
ووسط الدوامة العبثية للمأزق الرئاسي الآخذ بالتعقيد وسط مخاوف من ازدياد التأثيرات الاقليمية التي تحاصر الأزمة، برز تجديد العرض الايراني لتسليح الجيش اللبناني على وقع نفي تدخل طهران في الاستحقاق الرئاسي. وقال السفير الايراني في بيروت محمد فتحعلي في موضوع الاستعداد الايراني لتسليح الجيش: "عرضنا لا يزال قائماً من دون شروط مسبقة ومن دون مقابل". وأضاف: "نحن لا نتدخل في أي شكل في الشؤون الداخلية اللبنانية وخصوصا في ملف رئاسة الجمهورية"، منبهاً الى ان "التدخلات الخارجية تزيد المشكلة تعقيداً". وفي المقابل برزت اشادة القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز بزيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي للولايات المتحدة التي قال جونز إنها "أكدت العلاقة الامنية المتبادلة"، لافتاً الى ان لبنان بات يشكل سادس بلد في العالم يتلقى مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، كما رحب بزيارات نواب ووزراء لبنانيين لواشنطن.
مجلس الوزراء
وإذ عادت الملفات الضاغطة الى الواجهة مع تلويح جهات نقابية وعمالية برفض أي اتجاه الى زيادة سعر صفيحة البنزين وتثبيته، علمت "النهار" من مصادر وزارية ان الاتجاه الغالب في جلستي مجلس الوزراء غداً الاربعاء وبعد غد الخميس سيكون الى رفض فرض الضرائب مما يعني ان فكرة زيادة الضريبة على سعر صفيحة البنزين ليست في مسار القبول بها. وأوضحت المصادر أن ما تردد عن هذا السعر في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء كان عابراً ولم يكن مدار نقاش. وأضافت ان مبلغ 20 مليون دولار لتثبيت متطوعي الدفاع المدني لا يحتاج الى كل هذا الكلام عن الموارد، علماً أن أموراً بملايين الدولارات كانت تطرح في الحكومة ويتم إيجاد مصادر لها من دون ربطها بضرائب. وأكدت أن الضرائب لا يمكن أن تفرض غبّ الطلب بل تتطلب مشروعاً متكاملاً عن الخطة الانمائية ومن ثم يجري التفتيش عن مداخيل لها. وخلصت إلى أن مجلس الوزراء غداً سيكون أمام إمتحان في القضية المالية والتي تفيد أنها لا تتعلق بالمال فحسب بل أيضاً بالقرار السياسي.
كما علمت "النهار" ان تحركاً كبيراً سيجري في الساعات الـ 24 الأخيرة لتوحيد المواقف النقابية من موضوع التظاهر رفضاً لزيادة أي ضريبة ربطا بما يجري الحديث عنه من ضرائب جديدة، فيما بحث الاجتماع المشترك امس لوزراء حزب الكتائب ونوابه في هذه المسألة.
وعلمت أيضاً أن الجدل حول تلزيمات وزارة الاشغال لم ينته وهو مطروح مجدداً أمام مجلس الوزراء الخميس.
مار مارون
في ظل هذه الأجواء، ستكون عظة راعي ابرشية بيروت للمورانة المطران بولس مطر اليوم في قداس عيد مار مارون مميزة بالتوجهات السياسية التي توضح مسار الامور في لبنان حالياً.
وأفادت معلومات ان هذه الكلمة ستجسد الموقف الكنسي من الأزمة الرئاسية وخصوصاً مع مرور السنة الثانية على احياء العيد في غياب رئيس للجمهورية.
وعلمت "النهار" أن مبدأ إلاجتماع الذي دعا اليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الجمعة المقبل في بكركي للبحث في الملف الوظيفي للمسيحيين في الدولة لا يزال قائماً، إنما هناك فكرة متداولة ان يقتصر الاجتماع على الوزراء المسيحيين لكي يطلع البطريرك منهم على وضع الوزارات والادارات. وفي هذا الاطار زار الرئيس ميشال سليمان أمس البطريرك الراعي وبحث معه في تعزيز الحضور المسيحي في الدولة ولكن من دون إحياء نزاعات طائفية، لكن نسبة الطائفية في هذا الموضوع تعود الى مدى تجاوب أو عدم تجاوب من يطيحون الروح الميثاقية. وفهم ان الاتصالات التي ستجرى في الساعات المقبلة ستحدد شكل إجتماع الجمعة بصورة نهائية.