ما بين أزمة التشريع وضروراته وميثاقيته والتسويات بين السياسيين وشلل الحكومة ثمة استحقاق ديموقراطي مستحق بعد زهاء 3 أشهر تقريباً هو الانتخابات البلدية والاختيارية، في ايار 2016 لكن ثمة خشية من تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية على غرار التمديدين لمجلس النواب بأعذار وحجج سياسية أو أمنية .. أشهر قليلة تفصلنا عن موعد جديد للقاء صوت المواطن وصندوق الإقتراع الذي إشتاق للديموقراطية بعدما سلبته إياها التسويات السياسية الداخلية منذ أيار ال2010.
هذا الموعد مع الديموقراطية معرض للإغتيال على يد طبقة سياسية لا تعي أن في لبنان جيل مثقف متعلم قد يفتح الباب على مصراعيه أمام تحسينات في بلد محتل من قبل أفراد يجدون في مصالحهم الشخصية باباً لسرقة المواطن ، فتربط دائمًا الحاجة الوطنية بالمكاسب الحزبية التي يمكن تحقيقها عند كل تسوية للأمور اللبنانية الداخلية.
وخير دليل على ذلك ما حصل في الإنتخابات الماضية في بلدة قعقعية الجسر حيث خسرت لائحة الشباب المستقلين أمام اللائحة المدعومة من الأحزاب السياسية .
والسؤال هنا هل هذه التجربة التي حصلت في هذه البلدة وغيرها ستتكرر في بعلبك ؟
فمعظم قرى بعلبك تعاني من إنعدام للمؤسسات والجمعيات التي تهتم بالإنماء والتطور العلمي والثقافي والزراعي والإفتقار لمشاريع مياه الشفة والري ، إضافةً إلى فقدان بعض القرى البقاعية لمراكز الثقافية والتربوية تساعد على رفع المستوى التعليمي للطلاب وغيرها الكثير من المطالب المفقودة التي من الممكن لجيل الشباب تنشيطها ولنفتح أمامهم طريقاً للدخول إلى الحياة السياسية .
وصحيح أن هناك من يرى أنه من المبكر الحديث عن الإنتخابات البلدية والإختيارية وليس أوانها، خصوصاً أنه ما من مشكلة في القانون ولا في لوائح الشطب كونها تصحح دورياً، إلا أن التجارب مع السياسيين اللبنانيين توجب ضرورة التذكير باكراً بالمواعيد والمهل الدستورية والإنتخابات، خصوصاً بعدما مني اللبنانيون بخسائر ديموقراطية عدة، لعلّ أبرزها التمديدين لمجلس النواب وشلله وعدم إنتخاب رئيس للجمهورية ..
أكثر ما تكره الطبقة السياسية الحاكمة في النظام اللبناني الفريد هي: الإنتخابات ،إنها كلمة إستفزازية تتضمن قدراً من التمرد والرغبة في الخروج على طاعة أولي الأمر، والإصرار على إثبات الذات ..
وأبغض مشهد يمكن أن تراه هذه "الطبقة"، والأكثر إستفزازاً لمشاعرها، طوابير «الرعايا» وهم يتقدمون نحو صناديق الاقتراع وفي أيديهم أوراق بأسماء من يختارونهم بأصواتهم ممثلين لهم في أية مؤسسة تؤكد تعلقهم بالديموقراطية، أي حرية الاختيار... يستوي في ذلك المجلس النيابي أو جمعية تنظيم النسل أو الحق بالزواج المدني وصولاً إلى جمعية الرفق بالحيوان، وفضلاً عن الأهم وهي: البلديات.
وإذا كانت الإنتخابات الرئاسية ما زالت متعذرة، وإذا كان الفشل قد إستحكم بالسلطة، بدليل التخبط منذ ستة أشهر في النفايات، فإن الانتخابات البلدية تبدو الفرصة الأخيرة للحفاظ على ماء الوجه، خصوصاً أن الإدارات المحلية يفترض أن تكون في منأى عن هذه الصراعات، بحيث يصار إلى تجديد التفويض الشعبي، إنقاذاً لما تبقى من نسائم الديموقراطية اللبنانية التي لا يفترض أن تخضع لمزاج السياسيين أو لمصالحهم.. على ما أوحى رئيس الحكومة تمام سلام، الذي قال جهاراً إن قرار إجرائها «رهن توافق السياسيين»، فيما ذهب الرئيس نبيه بري أبعد من ذلك بالقول إن التمديد للبلديات يحتاج الى قانون وهو ليس مستعداً لتحمل كلفة هذا الخيار «ويكفيني ما تحملته من أوزار التمديد للمجلس بعدما كاد الكل يتنصل ويريد أن يحملني وحدي مسؤولية ما حصل»..
إنطلاقاً من هنا .. يجب على الدولة اللبنانية العمل لإعطاء البلديات حقها ودورها الفاعل وبالتالي إجراء الانتخابات في موعدها، والا فإن تأجيلها يؤدي الى تهديد الكيان اللبناني وبالتالي تكون الطبقة السياسية قد فوتت فرصة على البلد نحو المسار الدستوري الصحيح ، فلبنان ينعم بالاستقرار وبأمنه الممسوك كما ورد على لسان عدد كبير من السياسيين والأمنيين، وأن تبادر الحكومة الى العمل على التحرر من عجزها والدعوة ضمن الأطر الدستورية الى إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها من دون أي تأجيل على أمل أيضاً أن يتحرر السياسيون من جشعهم المتعلق بالمقاعد والعضوية وإفساح المجال لجيل الشباب ..