منذ لحظاته الأولى داخل رحمكِ، وطفلكِ يرافقكِ في مختلف مراحل تطوّره الجسدية والذهنية، ويطلب مساعدتكِ المباشرة.. ولكن، في نقطة ما، سيتحتّم عليكما أن تقضيا بعض الوقت منفصلين لأسباب عديدة، وعلى رأسها ذهابه للحضانة أو المدرسة.
وفي حين أنّ الأمر قد يبدو صعباً عليكِ بشكل كبير، قد تغفلين أنّ طفلكِ أيضاً يتعرّض لضغط نفسي لا يستهان به جرّاء هذا التغيير، ما يطلق عليه حسب علم النفس تسمية Separation Anxiety أو قلق الإنفصال. فكيف تتعاملين مع دخول طفلكِ هذه المرحلة؟
أولاً: ما هو قلق الإنفصال، ومتى يصبح مرضياً؟
هل تلحظين أنّ طفلكِ أصبح متعلّقاً بكِ إلى حدّ كبير ويظهر علامات من الخوف والتوتر، كالبكاء المفرط، كلّما غادرت الغرفة ولو لدقائق معدودة؟ كلّ ذلك يعتبر طبيعياً ما بين عمر الـ8 أشهر وحتى عمر السنتين، ويطلق عليه مرحلة "قلق الإنفصال". ويخف هذا الشعور تدريجياً بعد عمر السنتين وقبل الـ 6 سنوات. ولكن، إن لم ينجح طفلكِ في تخطّي الأمر في عمر الـ6 سنوات، وترافقه الأزمة لأكثر من 4 أسابيع متواصلة، حينها يصبح الأمر مرَضياً ويتطلّب تدخلاً من الطبيب النفسي.
ما هو سبب قلق الإنفصال عند طفلكِ؟
إجمالاً ما يشعر طفلكِ بهذا القلق لعدّة أسباب وعوامل، ولكن في معظم الحالات يكون السبب الرئيسي شعوره بأنّ إستمراريته وتأمين حاجاته الأساسية يعتمد بشكل كلّي على الوالدين، وبالأخص أنتِ كأمّه، وبالتالي، يخاف أن يخسركِ. كذلك، لا يعرف الطفل في هذه المرحلة العمريّة مفهوم الوقت، ما يجعل مغادرتكِ له لدقائق معدودة أو ساعات وربّما أيام يبدو له وكأنّه الأمر نفسه.
كيف أتعامل مع قلق الإنفصال لدى طفلي؟
إليكِ بعض النصائح الذهبية والبسيطة للتعامل مع قلق الإنفصال لدى طفلكِ:
إجعلي الوداع سريعاً وبسيطاً لا يتخطّى الدقائق المعدودة ومن دون مماطلة، واستعيني بدميته المفضّلة مثلاً لإلهائه وتخفيف وطأة الإنفصال عنه. إياك توديعه ثمّ العودة مجدداً بسبب بكائه أو شعوركِ بالذنب.
كوّني روتيناً ثابتاً في كلّ مرة عليكِ الإنفصال فيها عن طفلكِ، فبهذه الطريقة، يعتاد بنفسه على الأمر ويبني تدريجياً الثقة بأنكِ ستعودين دائماً للإهتمام به.
عند مغادرتكِ، أعطيه إهتماماً وعطفاً كبيرين، وأخبريه بأنّ "ماما تحبّك كثيراً، ولن تتأخّر لتعود وتهتمّ بك!"
عند ضرورة الإنفصال، حدّدي له وقت عودتكِ بمعايير يفهمها بالطبع. فبدلا من أن تقولي له سأعود مع حلول الساعة الثالثة مثلاً، أخبريه بأنكِ ستعودين بعد موعد قيلولته.
درّبي طفلكِ على الإنفصال تدريجياً، فاتركيه مثلاً لقضاء الوقت في منزل جدّته، أو للعب في منزل طفلِ من عمره بإشرافكِ من بعيد ومن دون رؤيته لكِ.
لذلك، وفي المرّة الأخرى التي تمرّين بها بحالة قلق كتلك مع طفلكِ، تذكّري جيداً بأنها مرحلة طبيعية للغاية، وتزول تلقائياً من نفسها. ولكن، في حال إستمرّت ورافقته حتى سنّ الخامسة أو السادسة، فلا تتردّدي في طلب المساعدة المختصّة.
(عائلتي)