عشية الجلسة المخصصة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي تبقى على رغم تبدل المعطيات والتحالفات والترشيحات، من دون جدوى، في ظل مقاطعة وتعطيل من "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" الذي اعلن السبت من الرابية انه "حين يحين قطافها سنقطفها، ولنترك الأمور الى الزمن"، اطلقت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ عبر "النهار" دعوة متجددة لانتخاب رئيس جديد متخوفة من التداعيات السلبية الكبيرة على لبنان جراء استمرار الشغور الرئاسي. وقالت: "اعتقد ان الامر صعب ان نرى تآكل المؤسسات والاقتصاد وندرك الاثار السلبية لازمة اللاجئين، فيما يحتاج اللبنانيون الى ان يكونوا موحدين أكثر من أي وقت مضى".
ولا تخفي كاغ انها توجه دوماً رسالة الى الخارج بان "لا تأخذوا الاستقرار في لبنان أمراً مسلماً به اذ ان هناك نقاط ضغط تحت السطح مثيرة للقلق وخطيرة. ولا يمكن ان يكون هناك فقط المصرف المركزي والجيش اللبناني والجهود الكبيرة للرئيس تمام سلام. يجب ألا يترك لبنان ينزلق أكثر والا سيكون الامر متأخراً لانقاذه".
وتحدثت عن مساعيها في اتجاه الرياض وطهران فعبرت "عن فكرة ان يكون لبنان هو المجال المحتمل لبناء الثقة بين الجانبين ثم تلقفها ايجابا في البلدين، لكن هذا لا يعني ان هذا ما سيعتمد فوراً لان هناك عوامل اخرى مؤثرة".

مؤتمر لندن
والاستقرار اللبناني، اضافة الى تداعيات الشغور الرئاسي عليه، يتأثر كثيراً بالعدد الكبير للاجئين على أرضه الذين يزداد ضغطهم على الاقتصاد اللبناني من دون توافر المساعدات الدولية الكافية لتغطية نفقاتهم ولمساعدة المجتمع المضيف. واذا كان الامين العام للامم المتحدة بان كي-مون اعتبر ان مؤتمر لندن الاسبوع الماضي لم يكن عاديا بل كان "استثنائيا والأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية يُقرّ (تعهدات مالية كبيرة) في يوم واحد ولقضية واحدة وشعب واحد"، فان حصة لبنان لن تكون في حجم آماله وحاجته، خصوصا ان المساعدات التي وعد بها لبنان قبل سنوات لم يحصل منها الا على ما يقارب الخمسين في المئة. ويذكر ان دراسة سابقة للبنك الدولي أظهرت ان الكلفة المباشرة للجوء على لبنان تبلغ مليار دولار سنويا، وغير المباشرة 3,5 مليارات سنوياً، اي ما مجموعه 4,5 مليارات دولار.
واذا كان لبنان طلب لهذه السنة 4,6 مليارات دولار على شكل هبات و6,4 مليارات لتنفيذ مشاريع عبر قروض معفاة من الفوائد، أي ما مجموعه 11 مليار دولار، فقد بلغت التعهدات المالية في مؤتمر لندن ما يقارب 11 مليار دولار منها ستة مليارات للسنة الجارية وخمسة مليارات حتى سنة 2020، وتوزعت بنسبة 70 في المئة للسوريين داخل سوريا والباقي للاجئين في دول الجوار. منها ثلاثة مليارات من الاتحاد الاوروبي، 1,1 مليار من بريطانيا، 2.3 ملياران من ألمانيا، 280 مليونا من نروج، مليار من الولايات المتحدة الأميركية، 300 مليون من الكويت و100 مليون من السعودية.
ومع أن لبنان لم يتبلغ رسمياً حجم المساعدات التي سيحصل عليها، فان عملية حسابية بسيطة اجراها مستشار مالي في لبنان لحساب أحد الوزراء تبين الاتي: المبلغ الاجمالي للسنوات الخمس المقبلة 11 مليار دولار مقسما على 70 % للداخل السوري اي 7,7 مليارات، و30% لدول الجوار أي 3,3 مليارات دولار. فتكون حصة لبنان منها نحو 1,1 مليار اذا اعطي ثلثها، واذا اعطي نصفها تكون حصته 1,65 مليار دولار اي اقل من حاجته بـ50% لسنة واحدة.
وكما اعلنت الامم المتحدة، سيصار الى صرف ستة مليارات للسنة 2016 وخمسة مليارات للسنوات من 2017 الى 2020. وهذا يعني في عملية حسابية بسيطة ان 4,2 مليارات ستخصص للداخل السوري و 1,8 مليار للجوار، مما يعني ان حصة لبنان ستراوح بين 600 مليون و900 مليون دولار من أصل حاجته الى ثلاثة مليارات هذه السنة، وتالياً ستكون حصته أقل من ثلث حاجته.
أما في السنوات المقبلة، فسيقسم مبلغ خمسة مليارات على اربع سنوات بمعدل مليار و250 مليونا في سنوياً، يخصص منها 875 مليون دولار للداخل السوري (70%) ويبقى لدول الجوار 375 مليون دولار(30%) توزع على دول الجوار الثلاث. وهذا يعني حكما ان المساعدات ستتضاءل في السنوات المقبلة اذا لم تعقد مؤتمرات متلاحقة لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق اعلن الجمعة الماضي ان في لبنان وحده نحو 80 الف طفل ولدوا في الاعوام الثلاثة الاخيرة، ونصف هؤلاء ولدوا لعائلات جديدة، أي ان الزواج الذي انجب طفلاً أو أكثر تم في لبنان في مخيمات اللجوء. وتذهب تقديرات اخرى الى احتساب أرقام اكبر اذ لا يعمد كثيرون من الاهالي الى تسجيل اطفالهم الجدد. فقد اعتبرت شركة "ستاتيستيكس ليبانون"في العام 2015 ان عدد الولادات للسوريين في لبنان في حدود الخمسين الفا وهي تكاد تكون قريبة من عدد الولادات اللبنانية.
وأبلغت مصادر في اللجنة الوزارية المكلفة ملف اللاجئين السوريين "النهار" أن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام يميل حاليا الى التريث في تقويم نتائج مؤتمر لندن في إنتظار تبلغ لبنان رسمياً ما هي حصته فهو "لا يرغب في إطلاق الوعود بعد التجارب التي مررنا بها". ورأت أن هناك مسيرة طويلة بين الاعلان الشفوي عن المساعدات في لندن وترجمته فعلاً.
وقالت أن الاستثمار في انشاء بنى تحتية في لبنان يؤشّر لكون مكوث اللاجئين في لبنان سيطول واقامة مشاريع تنموية في القطاعات الصحية والتربوية وسوق العمل والسكن تجعل اللاجئين يتكيّفون مع واقعهم الحالي عوض أن يبذل المجتمع الدولي جهوداً في إتجاه عودة هؤلاء الى سوريا ولو الى أماكن موقتة في الداخل السوري.

 

اسبوع حافل
وفي الداخل يحفل هذا الاسبوع بمواعيد متلاحقة تبدأ اليوم بجلسة الانتخاب، يليها غداً عيد مار مارون وما سيشهده من مواقف تدعو الى الاسراع في ملء المقعد الماروني الشاغر، ويعقد مجلس الوزراء جلستين متتاليتين الاربعاء والخميس لدرس الواقع المالي للدولة واقرار ضريبة على البنزين لتغطية نفقات الانتخابات البلدية وتثبيت متطوعي الدفاع المدني وشراء معدات لضمان أمن المطار وأمور أخرى، وقد دعت بكركي الى اجتماع للبحث في مستوى التمثيل المسيحي في الدولة، الجمعة المقبل. وفي اليوم عينه يجتمع الاتحاد العمالي العام لرفض أي زيادة في الرسوم والضرائب، كذلك تتحرك نقابة المعلمين وهيئة التنسيق النقابية لرفض الزيادة غير المترافقة مع سلسلة الرتب والرواتب.

سامي الجميل
وفي موقف سياسي متصل بالاستحقاقات، قال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في حديث الى "الجديد" إن الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع "استسلما لحزب الله و8 آذار عندما كرّس ترشيح عون وفرنجيه. وان انتخاب احدهما يعتبر كارثة سيادية وستعرض لبنان كله للخطر. والكتائب لن تنتخب أياً منهما".