لا يختلف اثنان على أن الحوارات أفضل السبل لتخفيف الحدّة بين الفئات السياسية أو لتنظيم الاختلافات حيال بعض الملفات أو حتى تقريب وجهات النظر. في خضم موجة التلاقي والحوارات السائدة حالياً، أعيد احياء التواصل أو الحوار بين حزب الكتائب اللبنانية و"حزب الله"، الذي كان قد بدأ قبل نحو سنة ونصف السنة.
في الأساس بدأت الاتصالات عبر النائبين علي فياض وإيلي ماروني، وبين الوقت والآخر كانت تتوسع دائرة الحوار، اذ التقى فياض سابقاً الرئيس أمين الجميل.
إيقاع التواصل لم يكن منتظماً، فكانت صيغته ضبابية أحياناً، وهذا ما جعله ينعكس أحياناً على طبيعة الحوار. حالياً، بناء على مبادرة من الكتائب أعيد التواصل، علماً انه لم ينقطع وكان يتم أحياناً عبر الهاتف بين فياض وماروني وحصل أكثر من 20 لقاء بينهما في مجلس النواب.
بعد انتخاب النائب سامي الجميل رئيساً لحزب الكتائب عقد لقاء موسع، والثلثاء الفائت انعقد لقاء رباعي بعيد من الإعلام في مجلس النواب ضم عن "حزب الله" رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والنائب فياض، وعن الكتائب رئيسه النائب الجميّل والنائب ماروني.
الكتائبيون يطلقون على هذا الحوار اسم "التواصل" بينما يسمّيه "حزب الله" حواراً واقعياً بعيداً من المبالغات وتسويق أي توقعات غير منطقية، خصوصاً ان ثمة مواطن خلاف جوهرية في ما يتعلق بملفات أساسية، لكنها لا تمنع الحوار حولها، أو التعاون حيث يمكن.
وعلمت "النهار" ان الحوار بدأ بجدول أعمال، وتبيّن لاحقاً ان ثمة نقاطاً عالقة أو خلافية تتعلق بدور"المقاومة" في سوريا وسلاح الحزب ورئاسة الجمهورية، وكان إدراك لوجود ملفات استراتيجية ليس الأوان للبحث فيها ويصعب الوصول الى نتائج في شأنها. وحصل تبادل للرأي حول التطورات اللبنانية في صورة أساسية، وفتح قنوات التواصل واعتبار ان التشاور بين الطرفين قائم، والتأكيد على النقاط التي كان الطرفان اتفقا عليها سابقاً، وهي التنسيق والتعاون بين وزراء الحزبين لمواجهة الفساد أو الحد منه في ملفات مختلفة.
وفي المعلومات أيضاً أن وفد الحزب أبلغ الوفد الكتائبي الاهتمام الخاص بالحضور المسيحي في لبنان والمنطقة، وان "حزب الله" من القوى المعنية ثقافياً وحضارياً وسياسياً ببذل كل جهد لحماية هذا الوجود والحؤول دون تفريغ المنطقة من المسيحيين.
هذا التواصل ردم الهوة الكبيرة التي كانت موجودة على صعيد العلاقات الشخصية، ويقول ماروني انه فتح مجالاً "لتفهم الهواجس والمشكلات التي تصادفنا وتواجهنا. فالغاية منه الوصول الى تفاهم حول النقاط التي تشغل بال اللبنانيين وتشكل هواجس عند المسيحيين، وتنفيس الاحتقان، وتبادل وجهات النظر حيال القضايا المطروحة في شكل مباشر ومن دون ضجيج، اذ ان مصلحة اللبنانيين معالجة المشكلات بصمت". لكن هذا لا يمنع من توجيه النقد أو إظهار أوجه الخلاف تحديداً في سياسة "المقاومة" ونهجها "ما دمنا نقول الكلام نفسه علناً وفي الاجتماعات الثنائية".
وفق ماروني ان اللبنانيين ملّوا الاجتماعات والاستعراضات، وهم في حاجة الى نتائج ايجابية وملموسة، "ولن نعلن النتائج إلا عندما نصل الى شيء ملموس". لذا من المبكر الكلام على توقيع "وثيقة تفاهم" كما حصل مع "التيار الوطني الحر"، حتى أن هذا الموضوع غير مطروح حالياً.
هل يمكن أن نرى النائب سامي الجميل في حارة حريك؟ يجيب ماروني: "حارة حريك جزء من الـ10452 كيلومتراً مربعاً، وبكفيا جزء من مساحة لبنان، ومن الممكن ان نرى قيادات "حزب الله" في بكفيا. كل شيء وارد إذا اتفقنا. نحن موجودون معاً في مجلس النواب والحكومة وحول طاولة الحوار، و"حزب الله" ليس غريباً عنا، لكن ثمة اختلافاً في وجهات النظر حيال إدارة الوضع اللبناني".