هل تتقصّد الفضائيات اللبنانية تشويه صورة الفكر بما هو فكر, أوتشويه صورة الفكر الديني أو الصورة الفكرية التي أرادها الله للدين , باستضافة رجال دين من اجل تكريس الاسطورة والخرافة , وشرعنة الحماقة والبلاهة , كي تُبقي الناس في حظيرة الجهل , أم أن رجال الدين هم الذين يحشرون أنفسهم في ما لا يعلمون , أعني في قضايا فكرية حساسة تحتاج إلى مفكرين وعلماء ومتخصصين , ليس لرجال دين أمثال مَنْ تستضيفهم بعض الفضائيات , وبالتالي يبدؤون بتوزيع الحماقة والبلاهة على جمهور متعطّش للثقافة وللدين الصحيح الحقيقي المعتمد على العقل السليم والبراهين العقلية التي يريدها الدين وصاحب الدين .
طرح مشكلة أو قضية علمية أو طبية أو إجتماعية , والإتيان بشخص مريض أو يعاني من إعاقة ما و ربط شفائه بأمور السحر والشعوذة ,أو أمور غيبية أو بسبب شخص قد مات من مئات السنين يظهر عليه ويشفيه من مرضه أو إعاقته , ويُؤتى برجل دين ليشهد على موت العلم والطب , بل يشهد على موت كل العلوم ويُدلي بدلوه المليء بالجهل والحماقة والبلاهة أمام ملايين البشر .
أليس هذا العمل هو أخطر على الناس وحاضر الناس ومستقبل الناس , وعلى الوطن وعلى المواطنة وعلى الانسانية كلها , من خطر الاستعمار ؟ أليس هذا العمل هو من صناعة أجهزة تريد أن تدمر المجتمع وتدمر البنية الفكرية اللبنانية أولا والعربية ثانيا ؟ أليس هذا المنطق يسعى إلى إلغاء العقل وإلغاء العلم ؟ .
من خلال بعض البرامج التي عُرضت , وخصوصا البرنامج الذي أستضيف فيه شخص مُعاق وإدعى أن رجلا قد مات منذ مئات السنين قد ظهر عليه ومَنَّ عليه بالشفاء , وحضور بعض رجال الدين الذين أيدوا الفكرة , تبيّن أن الخطر الذي نعاني منه اليوم هو خطر الحماقة والبلاهة , وهذا يوجب على العلماء والمفكرين أن يهاجموا الحماقة والبلاهة من أي جهة أتت , من أجل الحفاظ على ما تبقى من عقل ومنطق , وكي لا تسيطر هذه الثقافة الحمقاء على الاجتماع الانساني , وبالتالي إرجاع الناس إلى الوراء بدل أن نسير بهم إلى المستقبل لمواكبة الحضارة الانسانية التي ننعم الآن كلّنا بخيراتها .