طغى الملل على الجلسة الثانية لاستجواب ميشال سماحة أمام محكمة التمييز العسكرية بعد إخلاء سبيله. الرواية التي قدمها أمام فرع المعلومات وقضاة التحقيق ثم المحكمة العسكرية الدائمة، تتكرر أمام التمييز. توحي هيئة التمييز، كما الجمهور، برغبة في إنهاء المحاكمة.
فبعد أن كان رئيس المحكمة القاضي طاني لطوف يترك وقتاً بين جلسة وأخرى تتعدى شهراً، حصر أمس المدة بأسبوعين فقط، معيّناً موعد الجلسة المقبلة في 18 شباط الجاري.
وحده سماحة العائد إلى الحرية بعد ثلاث سنوات ونصف سنة في زنزانة انفرادية، في سجن الريحانية، يتمنى التأجيل. هل لأنه يعلم بأن التمييز ستصدر حكماً أقسى من حكم العسكرية، قد يعيده إلى السجن؟
وكيل الدفاع عن سماحة، المحامي صخر الهاشم، قال لـ"الأخبار" إن الجلسة المقبلة قد ترجأ للمرافعة بعد أن شارف الاستجواب على الانتهاء. لكن مصادر قضائية مواكبة للقضية أشارت إلى أن الحكم المتوقع على سماحة "لن يكتفي بمدة التوقيف التي أمضاها قبل إصدار الحكم عليه من قبل العسكرية وبعده، في أيار الفائت. بل إن التمييز ستصدر حكماً جديداً لا يقل عن السجن سبع سنوات مع احتساب مدة التوقيف".
وتربط المصادر، وفق "الأخبار"، مسار القضية بتعهد وزير العدل أشرف ريفي بمتابعة ملف سماحة إلى النهاية. وحيث عجز عن إحالة الملف إلى المجلس العدلي لأنه تخطّى مرحلة التحقيق الاستنطاقي وصدر حكم محكمة البداية، والحكم النهائي قريب، فإن الخطة "ب" تتمثل في إصدار حكم سريع وقاس يردّ صفعة إخلاء السبيل. توقعات تقاطعت مع اتهام الهاشم للهيئة بأنه "على ما يبدو هناك قرار بتسريع المحاكمة وصدور الحكم سريعاً"، ما أثار غضب لطوف، فردّ قائلاً: "ما بسمحلك، أنت تهين المحكمة، ونحن من يقرر مواعيد الجلسات وليس أنت".
ويبدو أن هاجس العودة إلى السجن يؤرق سماحة وعائلته. فبعد إخلاء سبيله، ازداد عدد مرافقيه إلى المحكمة. فإلى زوجته وبناته الثلاث وأشقائه ومرافقه، انضم أقرباء وأصدقاء ملأوا مقاعد الحضور. سماحة بدا أمس مشتت الذهن ومنهكاً وهو متكّئ على قفص الاتهام يجيب عن أسئلة لطوف. طوال ساعتين ونصف ساعة، تعثر لسانه وتمتم بكلمات غير واضحة، وبصوت منخفض، وتناول الماء مرات عدة، ودمج الوقائع مع التحليلات والانطباعات، ما اضطر لطوف في معظم الأحيان إلى تكرار السؤال وضبط تدوين أجوبته من قبل كاتب المحكمة. انزلق لسان الرجل المنهك عندما سأله لطوف: "كيف تصف استهداف المدنيين بالمتفجرات؟ أجاب سريعاً: عملية إرهابية". فوجئ الهاشم بسقطة موكله، مومئاً إليه. "أسحب جوابي، ولن أجيب على هذا السؤال" استدرك سماحة.
أكد سماحة أنه لم يبحث الأهداف مع السوريين، بل قالها من عندياته للمخبر ميلاد كفوري. قال له: "عندك إفطارات. في نواب وفيك تروّح خالد الضاهر وخيّو، وفيك تروّح قيادات أساسية من الجيش الحرّ ومخازن أسلحة والطرقات التي يمرون عليها. كنت أسايره في بهورته، ولم أكن أعتقد أن كفوري قادر مع مجموعته على تنفيذ أي هدف من هذه الأهداف".
"كيف تثبت أنّ ميلاد كفوري قد استدرجك؟"، سأل لطوف. حار سماحة بين أوراقه وذكرياته حتى استمهل الإجابة في الجلسة المقبلة لتقديم مذكرة خطيّة يثبت فيها أنّه "ضحية استدراج مُحكم، مهني وتقني".