تصادف غداً السبت 6 شباط الذكرى العاشرة لـ"تفاهم مار مخايل " بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، فيما تحل الاحد 14 شباط الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري. محطتان بارزتان تتخذان بعداً مفصلياً جديداً هذه السنة في ظل التطورات والمتغيرات الضخمة التي طرأت على تحالفي 8 آذار و14 آذار بدفع من أزمة الفراغ الرئاسي وخصوصا في الاشهر الاخيرة حيث أحدثت ظاهرة ترشيح ركنين من قوى 14 آذار هما الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ركنين من 8 آذار هما النائب سليمان فرنجيه والعماد ميشال عون تداعيات غير مسبوقة على مستوى المشهد السياسي العام للمرة الاولى منذ نشأة التحالفين العريضين في العام 2005 وكذلك على مستوى الهزات العمودية التي ضربت كلا من التحالفين. ولعل المفارقة الزمنية التي تواكب هاتين المحطتين تتمثل في مصادفة الجلسة النيابية الـ35 المدعو اليها مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية الاثنين 8 شباط عشية عيد القديس مارون وسط اللبس الكبير الذي أحاط بهذه الجلسة وان يكن مجمل المعطيات يشير بوضوح الى تعذر توقع اي مفاجأة انتخابية في الجلسة على رغم ما احاط بموضوع "البوانتاجات " الذي أثاره رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام من لغط.
ويبدو ثابتاً ان تحالف تفاهم 6 شباط يحيي الذكرى العاشرة لقيامه على خلفية تشبث الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بالعماد عون مرشحا للرئاسة مع "قيمة مضافة" حصل عليها الاخير بفضل "توافق معراب" في 18 كانون الثاني الماضي. وهذا ما دفع العماد عون مساء أمس في حديثه الى "المنار" الى ابراز قراءته السلسة للتفاهمين اللذين يظللانه، معتبراً ان التفاهم مع "حزب الله " نجح بفعل التزام الهدف والقضية والنظرة نفسها الى المواضيع، كما ان تفاهمه مع "القوات " لم يأت على حساب أحد ولا يمس باحد. كما لم يجد حرجاً في الدفاع عن سلاح "حزب الله " الذي رأى انه "يجب ألا يسحب" ربطاً باحتلال اسرائيل لاراض لبنانية.
أما في مقلب قوى 14 آذار، فان الانظار ستتركز على الاستعدادات الجارية لاحياء الذكرى الحادية عشرة لـ14 شباط في مجمع "البيال" حيث من المقرر ان يلقي الرئيس الحريري كلمة عبر الشاشة يتناول فيها مجمل الوضع الداخلي ولا سيما منه الازمة الرئاسية وتطوراتها. وتتركز التساؤلات على نقطتين محوريتين أولاهما ما اذا كان الحريري سيتبنى ترشيح النائب فرنجية وثانيهما اي صورة ستكون هذه السنة لتحالف 14 آذار في الذكرى بعدما اصابته الهزة الرئاسية في العمق.
ولعل ما بدا لافتا أمس دعوة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق المسيحيين إلى "عدم المبالغة في التعبير عن المظلومية بما يجعل موظفا في وزارة عنوانا للوجود المسيحي في لبنان أو المنطقة"، كما تمنى "ألا يبالغ المسلمون في القفز فوق موجبات الحد الطبيعي الذي يشعر المسيحيين بشركة عادلة". وتساءل في كلمة القاها في مناسبة اطلاق "وثيقة لقاء الربوة": "أين تصرف الحقوق الصغيرة وقواعد الشركة إذا ما تحللت المؤسسات وتهاوت بقايا السيادة واندثرت أسس الدولة وطار الكيان؟".
مؤتمر لندن
في غضون ذلك، اتجهت الانظار أمس الى مؤتمر المانحين الدوليين الذي انعقد في لندن تحت عنوان "دعم سوريا ودول الجوار" وما يمكن ان يحصل منه لبنان على مساعدات لدعمه في تحمل اعباء نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري. واذ بلغ حجم المساعدات التي قررها المؤتمر 11 مليار دولار وهو " حجم استثنائي وأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية في يوم واحد ولقضية واحدة وشعب واحد " كما وصفه الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون، نقلت موفدة "النهار" الى المؤتمر سابين عويس عن مصادر بريطانية ان توزيع الاموال لم يحدد بعد حصص الدول المستفيدة أو التوزيع بحسب المشاريع والبرامج. وسيستفيد انطلاقا من معادلة واضحة هي انه تقدم لبنان في تنفيذ مشاريعه كلما دفع المانحين الى الوفاء بالتزاماتهم. وعلم ان لبنان طلب لهذه السنة ثلاثة مليارات دولار على شكل هبات وسبعة مليارات دولار لتنفيذ مشاريع عبر قروض معفاة من الفوائد. والقى رئيس الوزراء تمام سلام كلمة أمام المؤتمر حذر فيها من خطر تدفق موجات جديدة من النازحين الى ما هو أبعد من دول الجوار السوري. وأكد ان لبنان غير قادر وحده على تمويل عبء اللاجئين الهائل وسيصبح في وقت قريب عاجزاً عن منع انطلاق موجات من النازحين الى شواطئ بعيدة. ص3.
قهوجي في واشنطن
وسط هذه الاجواء، أفاد مراسل "النهار" في واشنطن هشام ملحم ان قائد الجيش العماد جان قهوجي أنهى أمس زيارة رسمية لواشنطن عقد خلالها لقاءات واسعة مع المسؤولين العسكريين والسياسيين في ادارة الرئيس باراك اوباما، ومع زعماء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي تمحورت على سبل تعزيز الدعم الاميركي العسكري للجيش اللبناني وخصوصا في مجال مكافحة الارهاب. وصرح العماد قهوجي لـ"النهار": "وجدت تفهما كبيرا وتعاطفا عميقا مع احتياجاتنا العسكرية واللوجستية، والاهم من ذلك تفهما لما يواجهه لبنان من تحديات خطيرة لامنه القومي، وتقديراً لما يقوم به الجيش اللبناني في حماية حدوده الشرقية، والحفاظ على الهدوء على حدوده الجنوبية".
وأضاف: "اردنا من الجانب الاميركي ان يعجل في عملية تسليمنا المعدات التي اشتريناها منهم وتحديدا ست طائرات من طراز A-20 Super Tucano ".وتشمل الصفقة الدعم اللوجيستي، وصواريخ جو-أرض من طراز Hellfire وتدريب الطيارين اللبنانيين. وهناك اتصالات مستمرة بين الطرفين للبحث في حصول لبنان على طائرات مروحية جديدة.
والتقى العماد قهوجي عدداً من الضباط العاملين مع رئيس هيئة الاركان الاميركية العسكرية المشتركة في وزارة الدفاع، اضافة الى المسؤولين المدنيين المعنيين بمنطقة الشرق الاوسط ومنهم أليسا سلوتكين مساعدة وزير الدفاع لشؤون الامن الدولي. وهذه الزيارة الرابعة للعماد قهوجي للولايات المتحدة.
وتحدث قائد الجيش مساء الثلثاء عن العلاقة المتنامية بين الجيش اللبناني ووزارة الدفاع الاميركية وعن التحسن الملحوظ في نوعية الاسلحة التي حصل عليها لبنان في السنوات الاخيرة، في عشاء اقامته كارلا جزار القائمة بالاعمال في السفارة اللبنانية وحضره عدد كبير من المسؤولين من وزارتي الدفاع والخارجية وعدد من أعضاء مجلس النواب من جمهوريين وديموقراطيين، واعتبرته القائمة بالاعمال "تأكيداً للعلاقة المتنامية بين القوات المسلحة اللبنانية والاميركية، والدعم السياسي والعسكري الاميركي للبنان في حربه ضد الارهاب".
كما التقى العماد قهوجي نائب وزير الخارجية انطوني بلينكين، واقامت له مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط السفيرة آن باترسون مأدبة غداء حضرها جميع المعنيين بشؤون منطقة الشرق الادنى في الوزارة، والتقى أمس رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب ديفين نونس، والسناتور الجمهوري والمرشح السابق للرئاسة جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ادوارد رويس الجمهوري الذي دعا اعضاء اللجنة للمشاركة في اللقاء. كما اجتمع مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور روبرت كوركر، اضافة الى لقائه النواب من أصل لبناني وفي طليعتهم النائب الجمهوري داريل عيسى رئيس تجمع النواب من اصل لبناني. واعرب قهوجي عن "ارتياحه العميق" الى الدعم السياسي والعسكري الذي لمسه في هذه الاجتماعات مع المشرعين الاميركيين من الحزبين، ورأى ان "هذا الدعم سوف يترجم من خلال زيادة حجم المساعدات العسكرية للبنان في السنوات المقبلة".