على مدى ثلاثين عاما اطبقت سوريا على لبنان واحتلته احتلالا عسكريا وأصدرت قراره السياسي وهي الفترة التي أطلق عليها بالوصاية السورية.
فكانت هي التي تعين رؤوساء الجمهوريات وتشكل الحكومات وتفرض القوانين الإنتخابية التي تتناسب مع احتلالها للبلد. إلا أنها كانت تحاول ان تحافظ على شكل من أشكال الديمقراطية من ناحية الشكل حيث كانت تفرض إجراء العمليات الانتخابية في مواقيتها وإن بنتائج معروفة مسبقا تقررها الأجهزة الأمنية السورية الممسكة بمفاصل الحكم مجنبة البلد من التعرض لأي تعطيل في أي من مؤسساته.
وبعد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتوجيه أصابع الاتهام للنظام السوري بأنه وحليفه حزب الله هما وراء عملية الاغتيال تكونت أجواء داخلية وإقليمية ودولية ضاغطة على الوجود السوري في لبنان.
فانسحبت قواته العسكرية مرغمة من البلد لينتهي بهذا الإنسحاب زمن الوصاية السورية وتدخل البلاد مرحلة جديدة هي الوصاية الإيرانية ولكنها مقنعة من خلال اداتها حزب الله.
ومع الدخول في زمن الوصاية الإيرانية سعى حزب الله وبدعم من النظامين الإيراني والسوري ومستفيدا من منظومته العسكرية الهائلة إلى إضعاف مؤسسات الدولة من خلال ضرب هيبة المؤسسات العسكرية والأمنية الضامنة لاستقرار البلد وأمنه وكذلك سعى إلى إعتماد وسيلة التعطيل بفرض شروط تنسجم مع مشروعه ونتائج مسبقة لأي عملية انتخابية.
واليوم وفي موضوع رئاسة الجمهورية وبعد مرور ما يقارب العشرين شهرا من الشغور الرئاسي. سعى الرئيس سعد الحريري للخروج من مأزق الشغور فبادر إلى تبني ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. ومن ناحيته رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع تبنى ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون.
وكلا المرشحين من فريق الثامن من آذار الخاضع لهيمنة حزب الله. وذلك بغية إزالة العراقيل عن طريق القصر الرئاسي في بعبدا وتسهيلا لإجراء عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد ووضع حد للشغور الرئاسي.
إلا أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قضى على أي أمل بانتخاب رئيس في المدى المنظور. وبدا ذلك من خلال خطابه الأخير مساء يوم الجمعة الماضي الذي أكد فيه أن حزب الله يؤيد كلا المرشحين. لكنه أن يحضر جلسة الانتخاب إلا إذا حصل إتفاق مسبق على انتخاب أحدهما. أي أنه لا يريد الانتخاب بل التعيين خلافا لأحكام الدستور وما تقتضي به الأصول الديمقراطية.
ففي زمن الوصاية السورية تم اعتماد طريقة التعيين مع الحفاظ على بعض المظاهر الشكلية للدستور بتمرير اللعبة الديمقراطية ولو بشكل صوري.
أما في زمن الوصاية الإيرانية تم القضاء قضاءا مبرما على كل مظاهر الديمقراطية من خلال خرق الدستور يشكل فاضح واعتماد وسيلة التعطيل.