كشفت إفادتا الموقوفَين عمر وبلال ميقاتي في وزارة الدّفاع إثر توقيفهما في محيط عرسال وهما يحاولان الهروب نحو الرقّة، بعض القصص التي بقيت مخفيّة عن العسكريين المخطوفين لدى «داعش» وقتل ثلاثة منهم، ليكون الأبرز في هذه الإفادة انشقاق أحد العسكريين الـ9 واعتبار الجندي علي قاسم العلي هو أوّل عسكري مخطوف قتل على يد التنظيم الإرهابي!
مشاهد مقزّزة بالجملة يرويها «الميقاتيان» اللذان قاما بعمليّات قتل وضرب لمدنيين وعسكريين قبل أن يعودا سوياً إلى عرسال، حيث شاركا بالمعارك في 2 آب 2014 بالإضافة إلى عمليّة خطف العسكريين وضربهم وقتلهم.
ويشير بلال إلى أنّ العسكريَّين عباس مدلج وعلي الحاج حسن خُطفا على يد «الجيش الحرّ»، قبل أن يعمد «المقنّع» (مساعد قائد مغاوير القصير في الجيش الحرّ عرابة ادريس)، إلى تسليمهما إلى «داعش» مقابل «غنائم عسكريّة» تمّ أخذها من حواجز الجيش اللبناني. فيما عاد التنظيم ونفّذ حكم الإعدام بـ «المقنّع» مع 4 من عناصر «الحر» (نفّذ عمر ميقاتي الحكم).
هذه الروايات لا يمكن أن تروى كاملةً، برغم أن الشابَّين الإثنين سردا بالتفصيل وبدمٍ بارد، كيف شاركا أو شاهدا عمليّة قتل مدلج وعلي السيّد وقبلهما علي العلي.
كان يفترض أن يكون العلي اليوم من بين العسكريين الأسرى وأن يقوم أهله بالمشاركة في الاعتصامات التي كانت تجري سابقاً، إلا أن ابن الـ24 عاماً حاول المقاومة حتى الرّمق الأخير. فقبل انتهاء معركة عرسال بيومين اصطحب عدد من «الدواعش»، وهم السوريون «أبو أسيد» و «أبو يوسف التونسي» و «أبو الحارث»، العلي إلى موقع عسكري تابع لـ «داعش» بغية إطلاق قذائف من مدفع 106 ملم على الجيش اللبنانيّ بعد أن تبيّن من التحقيق معه (بعد خطفه من عرسال) بأنّه رامي مدفع!
اقتيد العلي مكبّل اليدين وأُجلس داخل «بيك اب» في المقعد الخلفي خلف السائق «أبو أسيد» وإلى جانبه «التونسي»، الذي كان يضع جعبته في الخلف أرضاً.
ومن دون أن ينتبه أحد، استلّ العسكريّ قنبلة يدويّة من داخل الجعبة وحاول فتحها بصعوبة، قبل أن يسارع «أبو الحارث» إلى منعه، غير أن يد «التونسي» كانت أسرع منه، إذ التفت الأخير إلى الخلف وطعن العسكريّ برقبته.
ولم يتوقّف «الدواعش» عن إجرامهم بل قاموا بإنزال العلي من الـ «بيك اب» وتمّ قتله رمياً بالرصاص، ثمّ دفنه في جرد فليطا.
هكذا، استشهد أوّل عسكري مخطوف لدى «داعش» دفاعاً عن جيش انتمى إليه، ومن دون أن يعلم كثيرون أنّه كان فعلاً من بين العسكريين المخطوفين، ليسقط اسمه دوماً من لائحة الشهداء الذين قتلهم التنظيم الإرهابي.
وقطعت إفادة عمر ميقاتي، الشكّ باليقين بعدد العسكريين الذين خطفهم تنظيم «داعش»؛ إذ يشير ميقاتي إلى أنّ أحد العسكريين في الجيش وهو عبد الرحيم دياب (من البقاع) ليس مخطوفاً وإنّما هو فعلياً منشقّ وانضمّ إلى صفوف «داعش» ويحارب تحديداً مع مجموعة خاله القيادي «أبو طلال» الذي كان موجوداً في وادي ميرا.
بالطبع هذا الكلام ليس جديداً، خصوصاً أن دياب كان قد ظهر في أحد الفيديوهات مع الشهيد علي السيّد وهو يعلن انشقاقه عن الجيش اللبنانيّ بعد أسره، قبل أن تنفي عائلته الأمر وتشدّد على أنّها زارته العام الماضي وأنّ «وضعه مأساوي».
فيما تكمن أهميّة إفادة ميقاتي بأنّه من المشاركين في خطف العسكريين وحضر عمليّة تصفية الشهيد علي السيّد وبقي لأشهر طويلة في جرود عرسال، حيث كان مقرّباً من المسؤول عن المفاوضات بشأن العسكريين في حينه أبو عبد السلام، وشارك في التحقيق مع العسكريين وتعذيبهم.
ويشير إلى أنّ دياب كان على تواصل مع «داعش» قبل معارك عرسال، وهو من ساعد التنظيم في السيطرة على حاجز وادي الحصن وعمليّة أسر زملائه وقدّم له معلومات حول مركزه.
ويلفت «أبو هريرة» الانتباه إلى أنّ «داعش» تقصّد في البداية إبقاء دياب مع زملائه في الأسر «كجاسوس عليهم وكان يخبرنا بكل الأحاديث التي يتحدثونها»، قبل أن يتمّ إعطاؤه سلاحاً وينضمّ إلى التنظيم للقتال.
وإن صحّت إفادة ميقاتي، فهذا يعني أنّه لم يتبقَّ بحوزة «داعش» إلا 7 عسكريين بدلاً من 9، لا سيّما بعد كلام الوزير وائل أبو فاعور بأنّ أحد العسكريين (سيف ذبيان) انتقل إلى الدّاخل السوري حيث يمكث مع أقربائه.