تهاوت البورصات العربية بنحو حاد في تعاملات كانون الثاني الماضي، مدفوعة بالتّراجعات المستمرة في أسعار النّفط إلى أدنى مستوياتها منذ 12 عاماً، في حين لم يتّفق منتجي النّفط من "منظّمة الدّول المصدّرة للنّفط" (أوبك) ومن خارجها بعد، على عقد اجتماع لبحث القيام في إجراء، لدعم أسعار النّفط، بحسب ما أعلن مندوبان في المنظمة، يوم الإثنين.
ووفقاً لحسابات وكالة "الأناضول" التّركية، خسر رأس المال السّوقي في البورصات العربيّة مجتمعة، نحو 90 مليار دولار، كان للسّوق السّعودي النّصيب الأكبر منها بنحو 56 مليار دولار، ثم بورصة قطر بنحو 12.6 مليار دولار، فيما جاءت أسواق مسقط والبحرين والأردن في المؤخرة في خسائر جاوزت 1.5 مليار دولار.
وأشار مدير إدارة البحوث الفنيّة محمد الأعصر، لدى بنك "الكويت الوطني" أنّ "التّراجعات لم تقتصر على البورصات العربية فقط، بل امتدّت أيضاً إلى الأسواق العالمية، في ظل تنامي المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، والقلق من تباطؤ النّمو في الصين".
وتوقّع، في اتصال هاتفي مع "الأناضول"، أن تتعافى الأسواق العربية والعالميّة، في تداولات شهر شباط الحالي، مدعومة بتحسّن أسعار النّفط، دفعت الخام نحو أدنى مستوياته منذ 12 عاماً.
وتظهر حسابات "الأناضول"، هبوط الأسهم الأميركية بنحو حاد في كانون الثّاني، إذ تراجع مؤشر "داون جونز" الصّناعي، بنسبة 5.5 في المئة، فيما تراجع مؤشر "ستاندر آند بورز"، الأوسع نطاقاً، بنحو 5.1 في المئة، بينما هبط مؤشر "ناسداك"، المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 7.9 في المئة، وهي أكبر خسائر شهرية منذ أيار العام 2010.
وأعلن مندوبان في "أوبك" يوم الاثنين، أنّ منتجي النّفط من "أوبك" ومن خارجها، لم يتّفقوا بعد على عقد اجتماع لبحث القيام بعمل لدعم أسعار النّفط.
وأضاف المندوبان، أنّ المنظمة لم تتّخذ بعد، قراراً في شأن عقد اجتماع لأعضائها، بناءً على طلب من فنزويلا، ولكن استجابة عدد من الدّول الأعضاء للفكرة كانت فاترة.
وأشار مندوبون في "أوبك"، الأسبوع الماضي، أنّ اجتماعاً لمسؤولين من المنظمة ومن خارجها، قد يُعقد في شباط الحالي أو آذار المقبل، وذلك على مستوى الخبراء وليس على مستوى وزاري.
في انتظار روسيا وإيران
يأتي هذا، بعد أسبوع من تصريح مسؤولين روس، بأنّه ينبغي لموسكو التّحاور مع "أوبك" بشأن الإنتاج.
وفي هذا السّياق، نشر موقع "بيزنس إنسايدر"، مقالة اعتبر فيها أنّ استراتيجية روسيا في سوق النّفط، ستكون عاملاً رئيسيّاً لبدء ارتفاع أسعار الذّهب الأسود المتهاوية.
وترى شركة "أر بي سي كابيتال ماركتس" للاستشارات، أنّ سوق النّفط ستلقى دعماً كبيراً في حال قررت "أوبك"، وخاصة السّعودية ودول من خارج "أوبك" كروسيا تقليص الإنتاج.
ومن بين الإشارات التي تظهر بدء المفاوضات بين موسكو والرّياض بشأن تقليص الإنتاج، يسلّط الموقع الضّوء، على سلسلة الاجتماعات الأخيرة بين الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين، وولي ولي العهد السّعودي وزير الدّفاع محمد بن سلمان، والتي تمّ خلالها توقيع اتفاقيات في مختلف المجالات كالاستثمار المشترك والأسلحة.
ونقل موقع "بيزنس إنسايدر"، قول خبير في "أر بي سي كابيتال ماركتس" أنّ "قنوات الحوار الحالية يمكن أن تستخدم للتّنسيق بين الطّرفين في مختلف المجالات".
بدوره، أعلن مصدر في منظمة "أوبك"، أنّ الرّياض مستعدة للتّعاون في إدارة سوق النّفط، شريطة أن يتعاون جميع المنتجين من داخل المنظمة وخارجها، وذلك بحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن صحيفة "الحياة" السّعودية.
وأشار المصدر للصّحيفة أنّه "من المبكر الحديث عن عقد اجتماع طارئ للمنظمة، خصوصاً أن حجم النّفط الذي ستعمد إيران إلى ضخه في الأسواق، بعد رفع العقوبات عنها، لا يزال غير معروف، فهو لن يتحدّد تماماً قبل شهرين على الأقل من الآن".
90 مليار دولار خسائر
في آسيا، هبط مؤشر "نيكي" القياسي للأسهم اليابانية، بنسبة 7.96 في المئة، محققاً أكبر خسائر شهرية منذ آب الماضي.
وكانت بورصة مصر في صدارة الأسواق الخاسرة، مع هبوط مؤشرها الرئيس بنسبة 14.46 في المئة، وصولاً إلى 5992.72 نقطة بضغط عمليات بيع مكثفّة للأجانب على الأسهم القيادية، خاصة في قطاعي العقارات والخدمات المالية والبنوك.
وحلت بورصة السّعودية، الأكبر في العالم العربي، في المرتبة الثانية، إذ هبط مؤشرها الرّئيس بنسبة 13.24 في المئة، مواصلاً تراجعه للشهر الثاني على التوالي، ليغلق بالقرب من حاجز ستّة آلاف نقطة، عند 5996.57 نقطة، بفعل هبوط الأسهم الكبرى في قطاعي المصارف والصناعات البتروكيماوية.
وتكبّدت بورصة قطر، خسائر حادة أيضاً، مع هبوط مؤشرها الرّئيس في نسبة 9.09 في المئة، وصولاً إلى 9481.3 نقطة، مع انخفاض مؤشرات القطاعات الرّئيسية، تصدّرها الخدمات والبنوك والعقارات، مقابل ارتفاع وحيد لقطاع التأمين في نسبة 0.61 في المئة.
ونزلت مؤشرات بورصة الكويت، الثّلاثة الرئيسية، وانخفض المؤشر السّعري بنسبة 8.92 في المئة، وهي أسوأ بداية سنوية منذ سبع سنوات، ليغلق عند 5114.52 نقطة، فيما هبط المؤشر الوزني بنسبة 7.41 في المئة، ومؤشر "كويت 15"، للأسهم القيادية بنحو 7.84 في المئة.
وفي الإمارات، انخفض مؤشر بورصة العاصمة أبو ظبي، بنسبة 5.9 في المئة، وهي أكبر وتيرة هبوط شهرية منذ آب الماضي، ليغلق عند 4054.37 نقطة، فيما خسر رأس المال السّوقي للأسهم نحو 5.02 مليار دولار.
فيما هبطت بورصة دبي المجاورة، بوتيرة أقل، مع نزول مؤشرها الرّئيس في نحو 4.86 في المئة، مغلقاً عند 2997.77 نقطة، مواصلاً بذلك تراجعه للشّهر السّادس على التّوالي، وخسر رأس المال السّوقي للأسهم قرابة 3.2 مليار دولار.
وامتدت الخسائر إلى بورصة مسقط، لينخفض مؤشرها العام بنسبة 4.2 في المئة، مواصلاً هبوطه للشّهر الثّالث على التّوالي، ليغلق عند 5179.36 نقطة، فيما تراجعت بورصة البحرين بنسبة 2.37% لتغلق عند 1187.1 نقطة، مستمرة في هبوطها للشّهر السّابع على التوالي.
وعلى العكس، ارتفعت بورصة الأردن وحيدة، مع صعود مؤشرها الرئيس بنسبة 0.5 في المئة، وصولاً إلى مستوى 2147 نقطة، مواصلاً ارتفاعه للشهر الثاني على التوالي، بعد أن صعد في كانون الأوّل الماضي بأكثر من 7 في المئة.
وتراجعت أسعار النفط الخام، بنسبة 70 في المئة، منذ منتصف العام 2014، هبوطاً من 120 دولاراً للبرميل، إلى أقل من 30 دولاراً في الجلسات الاخيرة من الشهر الماضي، بسبب تخمة المعروض ومحدودية الطلب، إلا أنّها عاودت الصعود لتحوم حالياً بين 33 إلى 35 دولاراً للبرميل.
يشار إلى أنّ أسعار النّفط، انخفضت في خلال شهر كانون الثّاني على نحو حاد، وهبطت العقود الآجلة لخام القياس العالمي، مزيج برنت بنسبة 6.8 في المئة إلى 34.74 دولاراً للبرميل، فيما نزلت عقود الخام الأميركي "نايمكس" بنسبة 9.3% إلى 33.62 دولاراً للبرميل.
(الأناضول، أ ف ب، رويترز، "الحياة"، "روسيا اليوم"، "بيزنس إنسايدر")