أورسولا؛ فلاديمير؛ ثاليسا..تعددت الأسماء والعاصفة واحدة والوطن واحد والوجع واحد..
كم ألف من الأسماء غير المدوية هي لأطفال ونساء وعجزة مشردون مشرعون لعواصف الذل والقهر والحرمان؟ إنهم مواطنو الدرجة العاشرة في وطن يكاد أن ينسى أبناء شعبه وفقرائه ومعوزيه..أولئك المرتكنون نحو الأمل بوطن إن تذكرهم يوما" ما..أولئك الذين يشعلون خوفهم من المجهول مواقد يتحلقون حولها ليتدفؤوا عل بصيص أمل يأتيهم على حين غفلة..
وطن ضربه الفساد والارتشاء والمحسوبيات في كل هيكليته وبنيته التكوينية الرسمية والمدنية..
وطن يتاجر بأوجاع أبنائه ويقدمهم أضاحي على معبد الزعماء والمسؤولين والحكام الذين احترفوا الرقص على زجاج طموح الشباب المكسور ثم عادوا واستصنعوا من دماء هؤلاء الشباب أفكارا" خالية خاوية سيطروا عبرها على جيل صاعد أهبطوه الى أسفل درك..
في السياسة، في الاقتصاد، في الاعلام، في القضاء، في الدوائر الرسمية، فساد يعانق الفساد..والتاجر واحد لا يتغير والبضاعة لا تتكدس في لعبة البيع والشراء: التاجر هو الزعيم والمتاجر به هو وطن وأبناء وطن..
فإلى متى السكوت؟إلى متى سيبقى الخوف من الغد هو فقط ما يمكن توريثه الى الأبناء؟إلى متى سيبقى المستقبل ملفوفا" بأوشحة الضباب فإما بطالة أو بطالة مقنعة أو هجرة..كأن الوطن يكاد يصبح بوابة عبور الى الاغتراب مع وصول عدد المغتربين اللبنانيين في شتى أنحاء العالم الى أكثر من عشر أضعاف المقيمين في الوطن، ومع اصطفاف أكثر من نصف المقيمين في أروقة السفارات ليقدموا أوراق اعتمادهم نحو بلاد تحترمهم وتقدرهم وليشطبوا من ذاكرتهم وطنا" أمعن في إيلامهم وتوجيعهم وتجييعهم..
لبنان، بلد الأرز الشامخ، بلد المحبة والقداسة والثقافة، يليق به أن يعود وطنا" مطهرا" من رجس الفساد والفاسدين، يعيد توجيه أبنائه الكادحين، ييمم صوبه كل المغتربين، وطن للترجيع وليس للتوجيع والتجويع.
(نادين خزعل)