"سامحته لأن ابنتي كانت تسامح أعداءها، لكن أريد مواجهته لمعرفة سبب قيامه بفعلته، مطفئاً النور في عيوني وغارزاً سكينًا في قلبي، تاركاً إيّاي وحيدة من دون صديقة رافقتها في كل خطواتها، ورسمت مستقبلي وفق مشروع حياتها"... كلمات قالتها شيمان بغصة أمٍ مطعونة في وريدها بعد أن خسرت ابنتها الكسندرا مزهر(22 عاماً) التي طعنت في السويد بيد لاجئ صومالي.
علامات تعجب عدة طرحتها شيمان والدة الكسندر في اتصال مع "النهار" فهي لا تستوعب كيف يمكن لشخص ان يقتل من يساعده ويسعفه ويعلّمه؟ ومن يعمل على دمجه في المجتمع والحضارة"، وتساءلت "هل هو مريض؟ كيف له أن يقدّم طلب لجوء الى السويد؟ أمثاله لا يجب أن يأتوا الى هنا".
وأضافت ان "عمره 24 عاماً ويدعي انه يبلغ 15 عاماً، فوق فعلته الشنيعة يكذب. التحقيق لم ينته بعد، أنتظر تقرير الشرطة، أتابع ما تذكره الصحف، على الرغم من أني متأكدة أن شجاراً وقع بين الشابين، وكون ابنتي قوية وقفت بينهما فحصل ما لم يكن في حسبانها".
حلم ضائع
منذ خمسة اشهر ابتدأت الكسندرا عملها في تجمع للاجئين القاصرين من دول عدة، بعد أن تخرجت في شهر حزيران مرشدة اجتماعية، وقالت الوالدة "أرادت أن تعمل لفترة قبل أن تكمل دراسة الماجيستير في الاجراءات البوليسية، لم تكن تتحدث وتخبر عن مشاكلها وحالها لأحد، على الرغم من أنها لم تكن ابنتي بل صديقتي التي ربيتها بدموع عيني على الصدق والامانة والايمان والمحبة، ولم أُربِّها على التفرقة بين الاسلام والمسيحية، كانت دائماً تقول لي (أحب اللهُ جميع العالم)".
خطوة خطوة رافقة شيمان ابنتها المحبة للجميع، "فسعادتها تأخذها من فرح الآخرين، أشقاؤها دانيال (11 عامًا) والياس (17 عامًا) وشربل (19 عامًا) مصدومون وجميع أفراد عائلتها ينتظرون على نار أن ينجلي الغبار وتتوضح صورة ما حصل. وكان مصدر في شرطة غوتنبرغ صرح لموقع "مايل أونلاين" أنّ "الجريمة بدأت بهجوم المشتبه به يوسف خليف نور على فتى آخر، تدخلت الكسندرا بينهما، حاولت فضّ الشجار، فتعرضت لعدة طعنات".
مشاكل نفسية وعاطفية ولم تتأخر الشرطة السويدية في التعرف الى قاتل الكسندرا، وقد أظهرت مجموعة من الصور نور وهو يلف جسده بغطاء ويجلس في جوار محاميه في الجلسة الأولى لمحاكمته. وزعمت الشرطة انه يعاني مشاكل نفسية، وسبق له ان هاجم مراهقة قبل ارتكابه جريمة طعن مزهر. وذكرت معلومات الصحافة السويدية ان نور وصل الى البلاد في الصيف الماضي.
وبحسب مصدر الشرطة "كان المشتبه به قد انفصل عن حبيبته في الساعات التي سبقت الهجوم، واشتكى من سماع أصوات في رأسه"، ولفت "لم يكن يجدر بمديري مركز اللاجئين الصغار أن يدعوا مزهر تعمل بمفردها في المناوبة الليلية، إذا كانوا يعلمون أن أحد المقيمين في المركز يعاني اضطرابا عصبيا" مضيفا "إذا كان مديرو المركز على علم بأن أحد المقيمين ليس على ما يرام عقلياً، كان يجدر بهم إحضار موظفين إضافيين لمساعدتها في تلك الليلة".
أصابع اتهام شيمان
شيمان حملت المسؤولية للدولة السويدية التي فتحت حدودَها لكل من يشاء، "نعم أنا لاجئة عشت في هذا البلد منذ 26 عامًا بسبب الحرب الأهلية التي دفعت زوجي الى ترك بلدته القليعة، لكن لم يكن هناك فوضى الهجرة واللجوء، هربنا من العنف لكي نعيش بأمان للأسف بات الأمان مفقودًا في كل مكان حيث حلّت الفوضى التي يدفع ثمنها أولادنا"، وهذا ما لفت اليه المصدر الذي يعمل في شرطة غوتنبرغ منذ أكثر من 30 عاماً، حيث قال "شهدنا ارتفاعاً شديداً في نسبة الإجرام، لا سيما الجرائم العنفية، منذ شرّع سياسيونا الأبواب أمام المهاجرين من مختلف أنحاء العالم".
وكانت الشرطة السويدية قد اعلنت لـ"دايلي ميل" إن القاتل سيبقى وراء القضبان بسبب الجريمة الخطرة ريثما يمثل أمام المحكمة، حيث سيُحاكم كشخص بالغ وليس قاصرًا. كما اعلن المتحدث باسم الشرطة بينير أدرلرسون، إنّ مراهقين في المركز تدخلا وأوقفا المجرم حتى وصول الشرطة، وأشادت الشرطة بهما باعتبارهما "بطلين". "بدك شي ماما" كانت آخر كلمات الكسندرا لوالدتها قبل أن تنطلق الى عملها، دعت شيمان الله حينها أن "يكون معها"، فتغمدها برحمته ونقلها الى العالم الآخر حيث الأمن والأمان، لا "نور" القاتل يطفئ شمعة عائلة بأكملها ولا أمثاله، بل"نور" يضيء طريقها في الدرب الجديد!
النهار