لم يكن منتظرا أن تحمل إطلالة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الرئاسية مساء امس جديدا بعد كل الذي قيل في طهران وباريس وبيروت في الايام القليلة الماضية وخلاصته: خيار "حزب الله" الاول هو العماد ميشال عون، لكن لا ضغوط ستمارس على النائب سليمان فرنجية كي يسحب ترشيحه. وما لم يقله نصرالله أفصح عنه رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية لمجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر ولايتي خلال اجتماعه مساء الاحد الماضي في طهران مع مبعوثة الامين العام للأمم المتحدة الى لبنان سيغريد كاغ، فقال: "نظرا للأنباء المتعلقة بالانتخابات الرئاسية يبدو أن ميشال عون يتمتع بحظ أكبر من منافسيه في الانتخابات، كما يبدو نظرا الى تصريحات بعض المنافسين أن شعبية عون أكثر من الأخرين". وأفاد ولايتي في الوقت نفسه "أن الاستقرار في لبنان يستلزم حل أزمة سوريا... وأن إيران ستستخدم كافة إمكاناتها لإعادة الاستقرار في لبنان".
لم يظهر نصرالله أنه في عجلة من أمره لإنجاز الاستحقاق الرئاسي لكن العماد عون بدا في موقع المستعجل جدا كما أبلغ الزميلة "الاخبار" امس قائلا: "اللحظة الراهنة هي اللحظة المؤاتية التي قد لا تتكرر للتغيير". وذكّر بمثل سرياني يقول: "مورونويي لوم طقسو"، ومعناه "الموارنة لا ينتظمون". أضاف: "الان ضبطناهم الى حد كبير جدا". وخلص الى القول أنه يرى"براحة ضمير أننا و"القوات اللبنانية"نمثّل أكثرية ساحقة لدى المسيحيين وربما فوق الـ80 في المئة، فهل باتوا يريدون اليوم إجماعا مسيحيا؟"مشيرا الى "أن الثنائية الشيعية... لا يمكن أن تدّعي أنها تمثل إجماعا".
لا يمكن للمرء أن يفصل ما قاله عون عن عمر الرجل الذي لا يتحمّل ترف الانتظار حتى ولو إقترن بكل النوايا الطيبة التي عبّر عنها نصرالله. لكن رغبات الزعيم الماروني الابرز لا تبدو في ظروف دولية مؤاتية. فكما كانت الحال عام 1990 عندما هبت رياح الوفاق الاميركي بين واشنطن ودمشق في عاصفة الصحراء فأطاحت بحليفه الرئيس العراقي صدام حسين وأخرجت عون الى منفاه الباريسي لمدة 15 عاما كذلك هي الحال عام 2016 مع الاتفاق النووي بين طهران والغرب والذي وضع إيران في موقع القرار الدولي الذي يتحاشى الانفراد.
هناك من يقول إن إيران لن تفوّت فرصة الاتيان برئيس للجمهورية في لبنان خارج 8 آذار. لكن المعطيات تفيد أنها لن تذهب الى ما يضعها في مواجهة مع اميركا خصوصا إذا كانت الانتخابات في لبنان ستتحدى السعودية. ثم أن كلا من المرشحيّن البارزين عون وفرنجية أكد للرئيس سعد الحريري إلتزامه إتفاق الطائف الذي لا يرضى "حزب الله" ومن ورائه إيران أن يرسم مستقبل النظام في لبنان ولذلك يتم التركيز على "السلة" التي تتوارى فيها الرغبة في تعديل هذا النظام.
في زمن الحقائق العارية لا يملك عون سوى العتب على نصرالله قائلا: "أريد أفعالا يا عزيزي".