على الرغم من أنّ اضطرابات الغدة الدرقية تُعدّ إحدى الحالات المرضية الشائعة جداً، إلاّ أنه لا يتمّ في معظم الأحيان تشخيصها بشكل سليم.
ووفقاً للجمعية الأميركية للغدة الدرقية فإنّ نحو 60% من الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المرتبطة بالغدة الدرقية يجهلون إصابتهم بها. كما تشير الإحصائيات الصادرة عن الجمعية أيضاً إلى أنّ النساء أكثر عرضةً للإصابة بمشاكل الغدة الدرقية من الرجال بمعدل 5-8 أضعاف، وأنّ امرأةً واحدة من بين كلّ ثماني نساء ستُصاب باضطرابات الغدة الدرقية خلال فترة حياتها.
وكشفت التقديرات التي تمّ تداولها خلال معرض ومؤتمر طبّ الأذن والأنف والحنجرة الذي عُقد عام 2013 في دبي، أنّ نسبة المصابين بأمراض الغدة الدرقية في الشرق الأوسط تصل إلى ما يقارب 5% من إجمالي سكّان المنطقة.
ويشرح الأستاذ الدكتور طاهر بن حيدجيب، إستشاري ورئيس قسم الجراحة ونائب المدير الطبي في مستشفى برجيل في أبوظبي عن الغدة الدرقية، في أنها تشبه الفراشة في شكلها وهي أكبر الغدد الموجودة في منطقة العنق، وتتألف من فصين أيمن وأيسر يقعان على جانبي القصبة الهوائية.
وتتمثل المهمة الرئيسية للغدة الدرقية في إنتاج الهرمونات الدرقية، والتي تقوم بتنظيم عمليات الإستقلاب والنمو ومستويات الطاقة في الجسم. وتشمل الهرمونات الرئيسية التي تفرزها الغدة الدرقية كلّاً من التيرونين ثلاثي اليود (تي 3)، والثيروكسين (تي 4).
وترتبط الغدة الدرقية بحسب د. بن حيدجيب بالعديد من الأمراض الشائعة، سواءً تلك التي تتعلق بإفراز الهرمونات الدرقية أو بالغدّة نفسها. وتشمل هذه الإضطرابات فرط نشاط الغدة الدرقية (زيادة إنتاج الهرمونات)، وقصور الغدة الدرقية (نقص إنتاج الهرمونات)، وتضخّم الغدة الدرقية (نمو الغدة الدرقية بصورة غير طبيعية)، وتشكّل العُقيدات أو الكتل (يمكن أن تكون صلبة أو مليئة بالسوائل) في الغدة الدرقية، والتي قد تشير إلى احتمال الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، بالإضافة إلى التهاب الغدة الدرقية، وداء ‘هاشيموتو’ وداء ‘غريفز’، وهما من اضطرابات المناعة الذاتية.
عوامل وراثية وأخرى
وبحسب د. بن حيدجيب، تنجم هذه الأمراض عن عدة عوامل، منها العوامل الوراثية والحمل ومشاكل المناعة الذاتية، وصولاً إلى التوتر النفسي والسموم البيئية ونقص التغذية.
أما الأعراض التي تظهر على المرضى المصابين بالأمراض المرتبطة بالغدة الدرقية فتشمل زيادة الوزن أو خسارته بصورة مفاجئة، والتعب والإرهاق الشديد، والإكتئاب، وتقلّب المزاج، وتساقط الشعر، والوهن العضلي، واضطرابات في النوم ومشاكل في الرؤية. كما ينبغي أيضاً التحقق من وجود أورام أو عُقيدات وكتل واضحة في منطقة العنق. في حين قد يشير ظهور أعراض محددة تشمل آلام الرقبة وبحّة الصوت والسّعال المتواصل وصعوبة البلع إلى احتمال الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
وهناك مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يتمّ اللجوء إليها لتشخيص أمراض الغدة الدرقية، والتي تشمل التقييم السريري، وإجراء فحوصات معيّنة للتحقق من مستويات هرمونات الغدة الدرقية، وفحوصات التصوير كالأشعة السينية والرنين المغناطيسي، واختبار امتصاص اليود المشع، والموجات فوق الصوتية، وأخذ الخزعات (العيّنات) باستخدام إبرة شفط دقيقة، بالإضافة إلى إجراء فحوصات الدم والأجسام المضادة والبول واللّعاب واليود، فضلاً عن الفحوصات الذاتية للتحقق من وجود العُقيدات أو الكتل في منطقة العنق.
(هي)