يُعد اغتيال الجاسوس الروسي ألكساندر ليتفينينكو واحداً من أشهر اغتيالات العقد الحالي، حيث جذبت القضية أنظار العالم بعد وفاة ليتفينينكو جراء إصابته بمتلازمة الإشعاع الحادة، وذلك إثر شربه لكوب من الشاي الذي يحتوي على عنصر البولونيوم 210 في الأول من تشرين الثاني عام 2006.
ومازالت الصور البشعة التي تظهر موت ليتفينينكو البطيء بعد تسميمه بواحدة من أكثر المواد سمية على وجه الأرض، لا تفارق الأذهان، لكن ما هو البولونيوم تحديداً؟
مادة سامة للغاية
البولونيوم هو من أكثر المواد المعروفة سمّية. فطبقاً لبعض المصادر، البولونيوم تتجاوز سمّيته سيانيد الهيدروجين بحوالي تريليون ضعف!
ترجع سمّية البولونيوم إلى أنه يشع جسيمات ألفا، ولأن هذه تمتصّها المواد الأخرى بسهولة تامة، حتى الحواجز الورقية والهواء الجوي، فإن البولونيوم لابد وأن يدخل الجسد ليتمكن من إحداث الضرر. هذا الامتصاص السهل يجعل تتبع إشعاع البولونيوم صعباً بأجهزة مثل عداد غايغر المستخدم للكشف عن المواد المشعة، لذا فإن تهريبه أسهل من المواد الأخرى.
في حالة العلم بأن البولونيوم دخل الجسد في وقت قريب جداً، فيمكن إما إفراغ محتويات المعدة أو إجراء عملية غسيل لها. يمكن أيضاً استخدام بعض المواد التي ترتبط بالبولونيوم وتمنع امتصاصه إلى مجرى الدم، ولكن يجب أن تتم هذه العملية في وقت مبكر للغاية. فما إن يدخل البولونيوم إلى مجرى الدم، حتى يُصاب الشخص على الأغلب بمتلازمة الإشعاع الحادة، ويتبعها فشل في وظائف الأعضاء يسبب الوفاة.
تأثيره على الجسم
أشعة ألفا تكسر الروابط الكيميائية في الخلايا الحية، لتسبب ضرراً للحمض النووي DNA، وتنتج الكثير من الأيونات النشطة للغاية، التي تسبب مزيداً ومزيداً من الضرر.
أحد نواتج تسمم البولونيوم هو انخفاض معدّل كريات الدم البيضاء، وهو ما يجعل الشخص أكثر عرضة لالتقاط العدوى، وهو ما يتطلب نقل الدم والصفائح الدموية للشخص.
يستهدف البولونيوم أهدافاً محددة، مثل الكبد، الكليتين، الطحال ونخاع العظم، ويسبب لها ضرراً جسيماً عن طريق إشعاع ألفا. يصيب البولونيوم القناة الهضمية أولاً، مسبباً الغثيان والقيء. أما فشل نخاع العظام فيتطلب أياماً.
يستهدف البولونيوم أيضاً بصيلات الشعر، لهذا فقدَ ليتفينينكو شعره قبل أن يلقى حتفه.
ليس ألكساندر ليتفينينكو أول ضحايا البولونيوم، فالعالمة إيرين جوليو كوري - ابنة ماري كوري - ماتت جرّاء اللوكيميا. ويُعتقد أنه أصابها جراء التعرض للبولونيوم قبلها بأعوام. كما يدّعي البعض أن الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، تم تسميمه بطريقة مشابهة لما حدث مع ليتفينينكو.
(هافينغتون بوست)