نحن أمام صنفين من رجل الدين . الأول موظف عند الدين والناس ، ويعمل لخدمتهم ، ويدفع حياته وكل ما يملك في هذا الطريق .
والثاني يوظف الدين والناس ، ليقوموا بخدمته وخدمة مصالحه و مشاريعه باسم الدين ، وإذا استذكرنا الثورة الاسلامية للإمام الخميني ، فسنرى أن التهم كانت تنهال على رجالات الثورة المضحين من الأوساط الدينية ،حتى إن هذه التهم انهالت على رأس الإمام الخميني بشكل أو بآخر ، وهذا ما يؤكده قول الامام حرفيا : "إن الضربات التي تلقيتها من مدعي القداسة والمعممين_الذين يرتدون الزي الديني_ السذج ، كانت أشد وقعا علي مما تلقيته من أمريكا وإسرائيل" !؟
(صحيفة النور، ج22 ، ص20)
وقد وصفهم العلامة الشهيد مطهري بالخوارج "الذين جلبوا الويلات لﻹسلام ، من خلال جهلهم وتخلفهم وأفقهم المحدود ، الذين يمضون الليل في العبادة ، حيث أخذوا يجرون الإسلام نحو الرهبانية والإنزواء وروجوا لسوق التظاهر والرياء" (الإمام علي بين قوتيه الجاذبة والدافعة ص 368) .
إذ تحدث عنهم مطهري قائلا : "إن خطر جهل أمثال هؤلاء الأفراد والجماعات أكثر من مجرد الوقوع كآلات بيد الأذكياء الذين يريدونهم حجر عثرة في طريق المصالح الإسلامية العليا ..." "إن الخوارج قد مات شعارهم ،إلا أن روح مذهبهم ما يزال حيا من خلال ذوي الأدمغة الجافة" إن هؤلاء "راحوا يسلقون رجال الفضل والفضيلة بألسنة حداد ، فألصقوا بكل صاحب فضل تهمة من التهم ، بحيث إننا قلما نجد أحد الفضلاء في تاريخ الإسلام ممن لم يتخذه هؤلاء الخوارج هدفا لسهام اتهاماتهم"
(مصدر سابق ، ص371) .
والواقع أن مثل هؤلاء المتدينين الجهلة الذين تحدث عنهم الشهيد مطهري ، لم توفر حملاتهم مطهري نفسه ، وغيره من أعلام الأمة المصلحين الكبار ، فقد طالت الشهيد السيد محمد باقر الصدر الذي اتهمه البعض بأنه يملك "فكرا التقاطيا"، وهي لم توفر أيضا الامام الخميني الذي عانى ما عاناه ممن وصفهم ب" الأفاعي الرقطاء " ، كما طالت السيد محمد حسين فضل الله الذي تعرض لواحدة من أشرس حملات التخلف والتحجر والعصبية وغيرهم مما لا يتسع الوقت لذكرهم..!!