قال وزير خارجية السعودية عادل الجبير خلال المؤتمر الصحفي المشتركمع ضيفه جان كيري بأن تبادل السجناء بين إيران وأميركا لم يكن تبادلاً لأن السجناء الإيرانيين لم يغادروا البلد وفضّلوا البقاء في أميركا!
وكل من عاش فترة في أميركا لن يريد مغادرتها! بل يختار البقاء، لأن الولايات المتحدة بلد عظيم!
بغض النظر عن ما هي علاقة تلك الكلمات التي جرت على لسان وزير خارجية السعودي بالعلاقات الثنائية السعودية - الأميركية وما مدى ارتباطها بزيارة نظيره الأميركي جان كيري؟ يمكننا أن نطرح مجموعة من الأسئلة ونسجل عدة نقاط من خلال تفكيك تلك الكلمات.
أولا: إذا كان كل من يعيش في أميركا لن يريد مغادرتها، وفق عادل الجبير فلا يُلام إيران ولا الإيرانيين على بقاء السجناء الإيرانيين في أميركا بعد إفراجهم عن السجون.
لأن الإيرانيين شأنهم شان الآخرين من البشر.
ثانياً: إن الإيرانيين الذين تم اعتقالهم وسجنهم في الولايات المتحدة بتهمة خرق العقوبات، أغلبهم كانوا مقيمين في الولايات المتحدة ولم يكونوا زواراً أو من المخابرات، بل إنهم قاموا بخدمة وطنهم في بيع تجهيزات أدوات يمكن استخدامها في المشروع النووي، وربما ارتكبوا خرق العقوبات التي أحرقتها المفاوضات النووية ومن الطبيعي أن هؤلاء الإيرانيين لا يرون حاجة في العودة إلى إيران بسرعة کما أن واحداً من السجناء الأمريكيين لم يغادر إيران بعد الإفراج عنه وهذا ليس دليلاً على أن إيران بلد عظيم، بل إن للعظمة رجال يصنعونها بالكدح.
ثالثااً: أليس من المخجل أن يباهي عادل الجبير بأن الولايات المتحدة بلد عظيم لأنها بلد الحرية والديمقراطية وحق المواطنة وحرية التعبير والمعتقد، بينما القضاء في بلده ( المملكة السعودية) تقطع رأس رجل دين معارض سلمي لم يحمل السلاح ولم يشجع على حمل السلاح!
لما ذا ليس من حق شعوبنا في المنطقة من إيران وصولاً إلى السعودية أن يكون بلادهم عظيماً؟ هل قصّر الشعوب أو الحكومات؟ لما ذا لم يباهي وزير خارجية السعودي ببلده ويياهي بالولايات المتحدة ويصفاه بأنها بلد عظيم؟
ثانيا: إن وزيري خارجيتي إيران والسعودية كانا يعيشان في الولايات المتحدة ثم غادراها إلى بلدهما، فإن محمد جواد ظريف عاد إلى بلده بعد انتهاء مهامه كمندوب إيران في الأمم المتحدة وعادل الجبير عاد بعد تعيينه وزيراً للخارجية.
رابعاً: إن عدد الإيرانيين الذين يموتون على زيارة الأماكن المقدسة في مكة المكرمة ومدينة المنورة وكربلاء والنجف، يفوق عدد الإيرانيين الذين يحبون الخلود في الولايات المتحدة وعدم مغادرتها!
هل يعرف عادل الجبير بأن ملايين من المسلمين الإيرانيين يودعون مبالغاً في البنوك لحجز دورهم للحج والعمرة بعد 6 سنوات وأكثر؟! نظراً لمحدودية حصة إيران من الحج.
إن زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة وأداء الحج أو العمرة تُعتبر شرف لأي إيراني مسلم يباهي بها على الآخرين بينما قلما يكون هناك أحد يفتخر بالعيش في الولايات المتحدة ويباهي به كما وزير الخارجية السعودي.
ينبغي للوزير الجبير أن يعيد النظرة في خارطة بلده حتى يعرف قيمته ولا ينبهر أمام الولايات المتحدة، فإن الفخر والاعتزاز بما يملكها الآخرون لن يغنينا عن شيء ويجب علينا نحن المسلمين أن نصنع عظمتنا بالحرية والديمقراطية وسيادة الشعب واحترام الجيران وهذا الأمر يصدق على المملكة السعودية وإيران وأي بلد مسلم آخر على حد سواء.