ما هو الإعلان التجاري الناجح؟ الجواب في لبنان بسيط بالنسبة إلى معــظم القيّمين على ســـوق الإعلانات: اختر امرأة جميلة واعرضها في الإعلان لتجـــذب المشاهـــدين أو المارة في الشوارع..
لطالما إحتلت المرأة الساحة الإعلانية بقوة ، فأينما تلفّتّ على الطرقات رأيتها بجسدها العاري المفعم بالمتعة والإثارة في غالبية الدعايات المصفوفة عشوائياً على جوانب الطريق، وكيفما أدرت التلفاز شاهدتها في إعلان تجاري أقرب الى السلعة الجنسية منه إلى الإعلانية، فتسأل: " أيُّهما السلعة "؟ ظهور المرأة بات ضرورياً إلى حد ما في الإعلانات التي يراها اللبنانيون وتعتمد الوكالات في هذا المجال على عدد كبير من العارضات اللواتي تستقطبهن سوق الدعاية..
مسكينة المرأة، لم نعد نعرف كيف يتمّ إقحامها في التسليع والترويج ..
مسكينة المرأة وهي تحارب طواحين الهواء وتتحدّى الطبيعة لأنّ الشركات الاستهلاكية استعملتها أيضاً لتعمّم لها صورة غير واقعية، صورة المرأة النحيلة الأنيقة طوال الوقت ، وهي تتحوّل إلى هدف لشركات العناية بالشعر والبشرة ومسكينة وهي تتحوّل إلى وسيلتهم للإعلان أيضاً ..
فهل من الضروري إستخدام جسدها العاري لتسويق حذاء ، شراب، ومستحضر تجميل مرة، ومستحضر تدليك مرة، أو أية سلعة تجارية لا علاقة لها بالجسد ولا حتّى بالجمال؟ وعندما نرى إعلاناً لأحد انواع السيارات، نجده مرفقا بفتاةٍ شبه عارية لا علاقة لحالتها تلك لا من قريب ولا من بعيد بمضمون الإعلان المعروض..
لا نأتي إلى هذا الموضوع من باب الحشمة أو الدين أو الحفاظ على تقاليد، فنحن مع كل تطور مواكب للعصر، ونحن مع كل إعلان ذكي يلفت إليه ناظره ،ولكننا نأتي إلى الموضوع من باب تسليع جسد المرأة واسترخاصه إلى هذا الحدّ من وقاحة حيث تطالعنا يومياً على نواصي الطرقات في لافتات كبيرة مضاءة تلفت إليها من بعيد، ويُحملق فيها أولادنا الذين نسعى إلى إبعادهم عن المحطات الفضائية ومن ثم نطلق لخيالهم وساعة الافتراضات في لافتة كبرى على مدخل مدرستهم..
إنّ الاعلانات المرئية واللوحات تخضع لإجازة مسبقة، إلاّ أنّه لا توجد أي مادة في القانون تمنع ظهور جسد المرأة..
وإذا كان الرجل (في هذا المجتمع الذكوري) يرفض أن بيان سنتيمتر واحد من أية منطقة “حميمة” في جسد زوجته أو حبيبته، فكيف يرضى بتلك المنطقة (الشبيهة بما لدى امرأته) معروضة على ناصية عالية تلتقطها العين ولا تعود تنتبه إلى الإعلان ولا إلى السلعة الاستهلاكية موضوع الإعلان ؟
و ألا تكفي ذكورية الرجل ما يمارسه من قهر على المرأة في الكثير من حقوقها، حتّى يعرض جسدها العاري بهذا الشكل !!
يجب إعطاء المرأة اللبنانية حقها على مختلف الصعد، وإتاحة المجال أمامها لتتساوى مع الرجل في مراكز القيادة وتعزيز إيمانها بنفسها وثقتها بقدراتها ..
فلقد تخطّينا العام الزمن القديم زمن الأفكار التقليدية ، وأصبحت المرأة شريكة للرجل في كل شيء، لكنها في إعلاناتنا التجارية لم تزل حتى اليوم امرأة تقليدية قوامها جميل، تلتزم منزلها وتخدم الرجل.
ولماذا لا تزال شركات الإعلان حتى الآن تستخدم هذه الوسيلة للترويج لمنتجاتها، على الرغم من الانتقادات والاعتراضات، التي تواجهها في بعض وسائل الإعلام، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كل مرة؟
فهل باتت تعتبرها وسيلة سهلة لإحداث ضجة تخدم أهدافها التسويقية، في غياب أي محاسبة؟ وأين يدخل دور الرقابة في هذه القضية ؟