بينما كان نائب رئيس البرلمان التونسي والقيادي في حركة النهضة الاسلامية الشيخ عبد الفتاح مورو يتحدث في مؤتمر الثورات العربية في بيروت حول التجربة التونسية، كان المهمشون والعاطلون عن العمل في المدن والارياف التونسية ينتفضون ضد السلطة والحكومة مطالبين بالوظائف والعمل والحياة الكريمة، وهي المطالب نفسها تقريبا التي كان يطالب بها ثوار تونس قبل خمس سنوات.
الشيخ عبد الفتاح مورو وفي مؤتمر بيروت ، والذي انعقد في الجامعة الاميركية وبدعوة من معهد عصام فارس للدراسات السياسية والمركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، تحدث بصراحة عن المشكلات والازمات التي تواجهها تونس واخطرها المشكلات الاجتماعية والبطالة وازدياد المهمشين ، اضافة للعنف والمخاطر الامنية، وقدم مورو وبجرأة قراءة نقدية لتجربة الحركات الاسلامية في الحكم وخصوصا لجهة اهمالها للقضايا الاجتماعية والاقتصادية وحقوق الانسان والحريات العامة داعيا لاعادة النظر بهذه التجربة وللتعاون بين العلمانيين والمثقفين والنخب العربية والحركات الاسلامية لمواجهة مختلف التحديات التي تواجه الثورات العربية بعد خمس سنوات من اندلاعها.
وما جرى في تونس في اليومين الماضيين اكد ان هذه الثورات الشعبية لا تزال تواجه تحديات كبيرة وهذا ما ينطبق ايضا على الاوضاع في مصر واليمن وليبيا والعراق وسوريا والبحرين والاردن وغيرها من الدول العربية التي شهدت ولا تزال تشهد حراكا سياسيا وشعبيا بهدف الاصلاح والتغيير ، فيما غرقت بعض هذه الدول في صراعات امنية وعسكرية وسياسية.
وكل هذه التطورات توضح ان الربيع العربي لم يكتمل حتى الان وان هناك مشكلات كبيرة في الواقع العربي والاسلامي ون كل القوى والحركات الاسلامية والقومية واليسارية والتيارات والهيئات الشعبية والنقابية تحتاج هي ايضا لثورات داخلية لتجديد نفسها وخطابها من اجل البحث عن اسباب الفشل وكيفية انقاذ هذه الثورات الشعبية التي دخلت في نفق كبير.
وما تحدث عنه الشيخ عبد الفتاح مورو من ازمات لدى الحركات الاسلامية كان مهما وقد لقي خطابه الجريء والنقدي في الجامعة الاميركية ترحيبا كبيرا من الجمهور الطلابي واساتذة الجامعة والاوساط الثقافية والاعلامية ومعظمها من اصحاب الاتجاه العلماني، وقد كان مورو ناجحا وموفقا ان على مستوى المضمون او الاداء وقد اشار الى مشكلات المهمشين والعاطلين عن العمل في تونس وضرورة العمل لتلبية مطالبهم وهذا يقتضي تعاون كل القوى التونسية من اجل حماية تونس وثورتها الشعبية.
وبانتظار تحويل الافكار والامال التي طرحها الشيخ مورو الى برامج عمل والمسارعة بمعالجة مشكلات الشعب التونسي وعدم الهروب الى الامام ، كل الامل ان تنجح تونس وحكومتها وكل القوى فيها بالخروج من هذه الازمة وان لا تعود الاوضاع الى نقطة الصفر لان هناك الكثير من المتربصين بتونس وينتظرون تأزم الاوضاع كي يخربوها ومن هؤلاء تنظيم داعش والمجموعات المتطرفة الموجودة في ليبيا وفي مناطق عديدة من تونس.