عندما كان وزيراً للمالية أعلن الرئيس السنيورة عن مكننة مالية ضخمة تحتشد فيها التقنيات الحديثة والكفاءات البشرية ويومها ظننا أننا أمام فتح اداري عظيم لوزارة مثقلة بالفساد الاداري واعتبرنا أن كلفة التحديث المالي خطوة صحيحة على سكّة الدولة الحديثة ..
خرج الرئيس السنيورة من الوزارة التي " استوزرها " لفترات أثناء حياة الرئيس رفيق الحريري وتبين لاحقاً أننا أمام ورشة مفتوحة على الاصلاحات ومثلها كمثل باقي الوزارات وبغض النظر عن موقف التيّار الوطني من تيّار المستقبل في ادارة الوزارات ثمّة شكاوى مواطنية تكاد أن تلامس باطن الفساد الاداري المستشري في قطاعات حكومية . من المؤسف وبعد ما صُرف من مبالغ طائلة على التحديث الاداري في وزارة المالية أن يتبين أن عنصر الكفاءة لم يكن متوفراً في بعض الموظفين الذين يتعاطون مع المراجعين لمعاملاتهم بطريق الاهانة وكأن الوزارة ملكاً لهم .
حدثني صديقي أنه في بداية كل سنة جديدة يذهب الى وزارة المالية دائرة التقاعد – المتحف – ليزودهم بأوراق مطلوبة منه كونه متقاعد وعليه أن يبلغ عن الأولاد الذين لم تتجاوز أعمارهم ال25وعشرين وما زالوا يتابعون دراستهم وأنه يصطدم منذ سنتين بموظف عادي يتعاطى مع المراجعين بطريقة مخزية اذ أنه لا يتجاوب مع أسئلتهم ولا ينظر بوجههم حين يسألونه ودائم الامتعاض وكأن المُراجع زائراً لبيته في ساعة متأخرة من الليل وكان يتجاوز عن ذلك باعتبار أن هذا حال الكثيرين من الموظفين في الادارات الرسمية .
هذه السنة وجرياً على عادته قصد صديقي وزارة المالية يوم الجمعة واتجه نحو الموظف المذكور الذي كان وجهه على طاولة مكتبه وعندما ألقى السلام عليه وسأله عن المعاملة همهم وعندما طلب كرر التحية والسؤال همهم أيضاً وقال له عبي طلبك هناك وبلغة الاشارة وعندما لم يكن موجوداً أحد من الموظفين على بيرو الطلبات سأل صديقي الموظف المذكور عن الموظفين الغائبين فقال له انتظرهم فقال صديقي هنيئًا لهؤلاء الموظفين على وظيفتهم فسمعه هذا الموظف وصرخ عليه تعالى الى هنا فلم يهتم صديق له وتحاشاه حتى لا يصطدم معه وعندما حضرت الموظفة الأولى المعنية قام هذا الموظف العادي جداً وطلب منها بحدة لا تعطيه الطلب فتجاوبت معه وأثناء ذلك حضرت الموظفة الثانية المعنية وقامت بالواجب وقالت لصديقي اصبر بصوت خافت و يا ليت الشكوى على هذا الموظف تصل الى المدير العام وعندما عبت له الاستمارة قصد الموظف المذكور فرفض اجراء المعاملة له وعندما أصر عليه بأن ينجز عمل يتطلب منه جهداً أقلّ من دقيقة رفض وقال سكرنا بعد ال11 فأصرّ صديقي عليه انجاز المطلوب لأنه غير حاضر للمجيء من الجنوب مرّة ثانية من أجل ذلك وأن واجبك أن تنجز المعاملات فأنت تتقاضي راتبك من أجل خدمة الناس فرفض الموظف بطريقة متحدية وعندما سأله صديقي عن اسمه قال له اسمه وبنبرة تحدي اي اذهب واشتكي -وما فارق معو – عندها تدخل موظف كان يستمع الى الحادثة من أولها وأخذ أوراق صديقي الى موظف في غرفة مجاورة وطلب من أن يسجل الطلب لصديقي وبثانية سُجل الطلب وشكره على ذلك . ربما يصل الصوت للوزير المختص الذي آل على نفسه محاربة الفساد و الحرمان وهو في مواقع المعارضة فكيف وهو في السلطة والجهة المسؤولة عن وزارة حسّاسة يزورها اللبنانيون كل يوم لانجاز معاملاتهم .. ان ثقتنا بالوزير كبيرة لمعالجة فساد موظفين بعضه معلن وكثيره غير معلن .