لماذا يدحض جون كيري كل المزاعم التي سبق لباراك أوباما أن أدلى بها عندما ظلّ يراهن على ان رفع العقوبات عن ايران، سيجعلها أكثر أندماجاً في المجتمع الدولي وأقل إثارة للمشاكل في الدول المحيطة بها؟
هل ان مناخ النقاش في دافوس لا يتسع للأراجيف السياسية التي سبق لنا ان سمعناها في الأعوام الماضية خلال المفاوضات بين ايران والدول الغربية، وخصوصاً خلال مرحلتها السرية في الكواليس العُمانية المغلقة وعلى إمتداد ثلاثة أعوام؟
لم تصل المليارات بعد الى ايران وها هو كيري يقول أمام قادة العالم إن حصول ايران على مليارات الدولارات لن يغيّر نشاطها في المنطقة: "انني أحاول فقط ان أكون صادقاً، لا يمكنني ان أقول للناس إن أياً من الاموال المفرج عنه لن يصل الى أيدي المجموعات الإرهابية التي تديرها ايران".
هذا الكلام لا يشكل اكتشافاً عجيباً، إنه مجرد إقرار بواقع قائم وله إعلاناته الإيرانية الصريحة كي لا نتحدث عن الإتهامات التي تسوقها دول المنطقة ضدها، فعندما يتحدث القادة الإيرانيون وبينهم محمد علي جعفري، عن ان هناك ٢٠٠ ألف مقاتل تابعين للحرس الثوري في دول عربية، فمن أين سيأتي تمويلهم ان لم يكن من المليارات التي ستعود الى طهران؟
لكن السؤال يبقى: هل ان أميركا والدول الغربية التي فاوضت ايران لمدة عقد من الزمن توصلاً الى الإتفاق معها، كانت غافلة فعلاً عن تدخلاتها السلبية في الإقليم ولم تكن تحسب ان قسماً من المليارات المُفرج عنها سيذهب فوراً لتمويل السياسات التي تقول طهران علناً انها جعلتها تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت؟
والسؤال الأهم على المستوى السياسي: هل ان ايران كان يمكنها التوصل الى الإتفاق ورفع العقوبات لو لم تكن اتعبت المنطقة ومفاوضيها الغربيين من خلال تدخلاتها وعربدتها في الإقليم؟
الأسئلة يجب ان تكون متوازنة والتصريحات يجب ان تكون أكثر إحتراماً لعقول الناس، فعندما يقول كيري "إذا أمسكنا بالإيرانيين وهم يمولون الإرهاب فستكون لهم مشاكل مع الكونغرس الأميركي وسنلجأ الى العقوبات التي نجدها مبررة"، فليس كثيراً ان يبعث كلامه على كثير من السخرية، ليس لأنه يهدد بالعودة الى العقوبات، بل لان أميركا لم تمسك بالإيرانيين يوماً وهم يمولون الإرهاب، ربما لأن الاستخبارات الأميركية افترضت دائماً ان المئتي الف مقاتل الذين تديرهم طهران في المنطقة هم من السيّاح او يسهرون على الأمن الإقليمي!
ليس خافياً ان نظام الثورة هو الذي يقود الدولة في طهران، ويعرف كيري وكل العالم أنه ما لم تتمكن الدولة من ضبط الثورة لن يتغيّر شيء من سياسة التدخلات الإيرانية الخارجية!