لم يكن تأجيل إجتماع الكتلة النيابية لـ"حزب الله" بالامس بالامر العادي، إذا ما نظر المرء الى خصوصية هذا الاجتماع في سياق مرحلة الانتخابات الرئاسية التي بلغت إحدى ذراها بترشيح الدكتور سمير جعجع العماد عون لمنصب رئيس الجمهورية. ولم يعط الحزب أي تبرير لهذا التأجيل ولو بعبارة "لمزيد من المشاورات". بل إهتم إعلامه بالتركيز على ذريعة رفض السعودية ترشيح عون إستنادا الى معلومات من صنع إعلام مقرّب منه.فهل لتأجيل إجتماع كتلة "الوفاء للمقاومة" أي أبعاد غير معلنة؟
في مقال على موقع "العهد"الالكتروني التابع للحزب واوردته وسائل إعلام إيرانية حمل العنوان الاتي: "إيران بعد "النووي": القرار عند "حزب الله"... رئاسياً" وجاء فيه: "القرار يعود له (حزب الله)... سواء إختار ميشال عون أو سليمان فرنجية أو أي أحد غيرهما، فلا حدود لثقة إيران بحزب الله..."وتساءل المقال: "هل الدخول في زمن الاتفاق النووي، يسرّع إنتخابات الرئاسة في لبنان؟" ويجيب: "السائد هو أن الانتخابات مجمّدة لأشهر.... قد يبرز توجّه دولي لإجراء الانتخابات الرئاسية خلال فترة لا تزيد عن ستة أشهر. ولكن هناك من هو متشائم، فلا يرى إنتخابات رئاسية قبل سنة وربما أكثر مع خشيته من إحتمال بروز تطورات يمكن أن تفرض على صورة النظام السياسي".
ما يعلنه المقال بوضوح هو أن أوان الانتخابات الرئاسية في لبنان لم يحن بعد حتى لو طرأ عنصر ترشيح جعجع لعون ,لا بل أكثر أنه يوحي بإن حسابات "حزب الله" مع نظام الطائف لم تغلق بعد وهذا ما لا ينسجم مع موافقة عون على ما ورد في النقطة الثانية من النقاط العشر التي أذاعها جعجع وفيها " التزام وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف.."
هل استعجل عون الصعود الى معراب قبل ملاءمة سرعة الخطوة مع ما يتلاءم مع السرعة التي يريدها حليفه "حزب الله"؟ ظاهر الامور يؤكد الاستعجال، خصوصا أن جعجع أسبغ على موعد لقاء معراب رمزية تاريخ 15 كانون الثاني عام 1986 فوصفه في مقابلة مع الزميل وليد عبود في قناة "أم تي في" بقوله: إنه "تاريخ عزيز جدا على قلبي... إنه أسقط الاتفاق الثلاثي الذي كانت سوريا الاسد وقوى أخرى وإسرائيل وراءه ومع ذلك أسقطناه..."وهكذا أراد جعجع التأكيد أن ترشيح عون في معراب يتجاوز الواقع الاستراتيجي الذي يمثل فيه "حزب الله" امتدادا لسوريا الاسد سواء أكان ذلك عام 1986 أم كان ذلك عام 2016.
يقول كريم بقرادوني في كتابه "صدمة وصمود" الذي يتعلّق بعهد الرئيس أميل لحود إن المبادرة التي اعادت عون من منفاه الباريسي عام 2005 إقترنت بموافقة بشار الاسد الذي إشترط "أن يكون "حزب الله" شريكا في العملية". إن إعلان معراب يعني عمليا "وداعا" يقولها نصرالله لعون الذي وجد شريكا جديدا.