إرباك لبناني سياسي وضياع في المواقف , وحصار مصرفي خانق لحزب الله
السفير :
يشتد الضغط على «الأذرع الإقليمية» لإيران في المنطقة، وخصوصا «حزب الله» الذي يسعى الإسرائيليون الى تضخيم دوره وإمكاناته.. إلى حد يصبح فيه «عدوّهم الكوني الأول» الذي لا يتقدم عليه «عدو» آخر!
ومن يقرأ النص الذي أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في «منتدى دافوس» فقد يجد تفسيراً لقوانين العقوبات المالية الأميركية الأخيرة التي استهدفت «حزب الله» تحديدا. لمّح نتنياهو الى نوع من الصفقة أبرمها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتزامن مع إبرام الاتفاق النووي. في أساس هذه الصفقة، تركيز الضغط على «حزب الله» و «تفكيك شبكاته الإرهابية في شتى أنحاء العالم»!
اقتضى التفاهم النووي تقديم «جائزة ترضية» أو مجموعة «رشى» للاسرائيليين، أبرزها ما يتصل بمستقبل التعامل الأميركي مع «حزب الله». لا ينتهي الأمر هنا. يسعى «اللوبي الاسرائيلي» في الولايات المتحدة الى تكثيف الضغط على «المؤسسة الأم» في ايران: «الحرس الثوري» بكل امتداداته السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية في المنطقة، وإلا فكيف يمكن أن يفسر شمول العقوبات الأخيرة شخصيات لبنانية تعمل في العراق البلد الذي يشكو الأميركيون من هيمنة «الحرس الثوري» على قطاعاته الاقتصادية الحيوية!
وللضغوط المالية على لبنان زمنها الدولي والاقليمي. التوقيت متصل بتداعيات التفاهم النووي أولاً ثم بمجموعة عناوين كبرى. هل يمكن للصراع مع اسرائيل (هدنة أو تسوية) أن يكون جزءاً من أي تفاهم مستقبلي بين الأميركيين والايرانيين أم أنه ليس مطروحا للتفاوض من وجهة نظر أي فريق ايراني؟
لا ينبغي تجاوز ما يُرسم من خرائط في المنطقة. يمتزج الدم بالنفط والمياه وبترسانات الأسلحة وحبر عقود التسلح غير المسبوق. تتسابق وفود المستثمرين من شتى أنحاء العالم نحو طهران، وبينهم لبنانيون يحاولون حجز مساحة في العديد من القطاعات هناك. تأتي القوانين التي يقرها الأميركيون ليس تعبيراً عن «الفرص» الاقتصادية بل بمواجهة الآخرين ممن يحاولون تبديدها عبر الفوز بها.
تتكثّف مساعي التسوية السياسية في سوريا، ويبدأ العد العكسي لإطلاق مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين ممثلي النظام والمعارضة في جنيف. يبدأ الحديث عن وقف نار ومصالحات. عشرات المشاريع جاهزة لإطلاق ورشة إعمار سوريا الجديدة. في العراق، ثمة تنافس اقتصادي وتجاري محموم، وعندما يقترب رجال أعمال لبنانيون من قطاعات حيوية مثل النفط والاتصالات، يكاد يصيبهم ما أصاب أقرانهم في الماضي القريب في أفريقيا أو في قارات أخرى، لكأن هناك من يرفع «البطاقة»: لقد تجاوزتم الخطوط الحمراء.
هذه الخطوط موجودة عند عتبة كل مشروع حيوي في شتى أنحاء العالم.. وهنا، يسجل للبنانيين شجاعتهم وحيويتهم ولو أنها ترتد سلباً عليهم في بعض الأحيان.
في السياسة والأمن، لا تكون اللعبة مضمونة النتائج بل محكومة بضوابط وتوازنات معينة.. في الاقتصاد، تضيق حدود اللعبة كثيراً، خصوصاً اذا كان الأميركي هو الخصم.. والحكم في آن معا. هو المتحكم بالعملة والقطاع المصرفي والاقتصاد العالمي. هل تستطيع دول مثل ألمانيا وفرنسا وروسيا والصين مواجهته؟ حتماً لا تستطيع، فكيف الحال مع لبنان؟
من هنا، يمكن القول إن القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي مؤخراً ويتعلّق بمطاردة أموال لبنانيّين تحت شبهة علاقتهم بـ «حزب الله»، قد أصاب لبنان وقطاعه المصرفي بالضرر. أما وأن ما كُتب قد كُتب، فكيف يمكن تخفيف الضرر؟
هذا السؤال هو في صلب المهمة التي انبرت لها جمعية المصارف اللبنانية التي توجه وفد منها، أمس، الى واشنطن (ينضم جزء آخر اليه غداً الأحد) بهدف تسليم المسؤولين الأميركيين نسخاً من القوانين التي أقرها مجلس النواب مؤخراً بعدما ترجمتها دوائر مجلس النواب رسمياً الى اللغة الانكليزية، ومضمونها كلها امتثال لبنان وقطاعه المصرفي للنظام المالي العالمي وتحديداً الأميركي.
وكما هو معروف، فإن القانون الأول يتعلق بانضمام لبنان الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب، الثاني يقضي بوجوب التصريح عن المبالغ التي يحملها أي شخص عبر المنافذ الحدودية إذا تجاوزت قيمتها 15 ألف دولار أميركي، الثالث متصل بتبادل المعلومات من أجل مكافحة التهرب من الضرائب، الرابع ويتعلق بالتعديلات على قانون مكافحة تبييض الأموال.
بيت القصيد أن هذه القوانين كان ينبغي أن تقر منذ زمن بعيد، ولو حصل ذلك، لأمكن للبنان أن يتجنب الكثير من المطبات. وفي موازاتها، كان ينبغي أن يكون لبنان حاضراً في المنابر الدولية، وخصوصاً الأميركية والأوروبية، من أجل الشرح والتوضيح، غير أن واقع الفراغ والتعطيل الحكومي والنيابي.. وأخيرا الرئاسي، ارتد سلباً على لبنان، بغيابه عن هذه المنابر وافتقاده المبادرة في أكثر من مجال حيوي.
من هذه الزاوية، وفي مواجهة القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي، يسجل للمجلس النيابي أنه كان مبادرا. رئيسه نبيه بري وجه رسالة للرئيس الأميركي باراك أوباما عبر السفير الأميركي في بيروت، حثه فيها على وقف مسار تنفيذ القانون الأميركي ضد «حزب الله»، في إشارة واضحة الى المراسيم التطبيقية التي يفترض أن تترجمها وتتحمل مسؤوليتها الحكومة الأميركية.
وما إن تم الكشف عن مضمون الرسالة من قبل الأميركيين، تم توظيف الرحلة المقررة لوفد جمعية المصارف في الاتجاه نفسه. الخطوة التالية تمثلت بتشكيل لجنة نيابية برئاسة النائب ياسين جابر عقدت سلسلة اجتماعات أبرزها مع جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وبعض الخبراء، وخلصت الى اتخاذ توصية بوجوب القيام بزيارة الى العاصمة الأميركية في النصف الثاني من شباط المقبل، ربما تسبقها أو تليها زيارات الى بعض العواصم الأوروبية. «الانطباع أحيانا يكون أهم من القانون أو الحقيقة. هذه وظيفة الزيارة. ليس المطلوب لا سؤال الأميركيين لماذا أقروا القانون ولا هل هم بوارد إلغائه»؟ كما يردد أحد أبرز المتابعين لهذا الملف.
«السؤال يتعلق بنا كلبنانيين وبقدرتنا على تقديم صورة مختلفة عن أنفسنا: لبنان يواجه تحديات وجودية وهو يشكل رأس حربة في مواجهة خطر الإرهاب. التحديات اللبنانية كثيرة وكبيرة. تحدي النازحين السوريين المليوني وما يستنزف من قدرات لبنانية. تحدي اللجوء الفلسطيني. لبنان نموذج عالمي فريد للمعنى الحقيقي للعيش المشترك. استهداف القطاع المصرفي في لبنان في هذه المرحلة يهدد الاقتصاد اللبناني برمته وبالتالي يعرّض لبنان لخطر كبير ستكون عواقبه وخيمة. لبنان دولة صديقة وليست عدوة للولايات المتحدة والشعب الأميركي.. واستهداف فئة لبنانية يتنافى وتقاليد الولايات المتحدة وأبسط مبادىء حقوق الإنسان».
انطلاقاً من هذه العناوين سيكون لزاماً على الوفد النيابي أن يتحول الى «لوبي» في الإعلام الأميركي والغربي، كما في طرق أبواب المؤسسات الحكومية الأميركية وباقي دوائر القرار. المهمة لا تتوقف على زيارة، بل على تواصل مستمر.. وحسناً فعل وزير المال علي حسن خليل بأن بدأ بإجراء اتصالات تمهد لزيارة يقوم بها الى الولايات المتحدة في السياق ذاته، على أن يتكفل بجزء من هذه المسؤولية مستقبلا وزير الخارجية جبران باسيل.
وظيفة هذا الاستنفار الديبلوماسي، ومعه الجهد الذي يقوم به حاكم مصرف لبنان، هو إبلاغ الأميركيين رسالة واضحة مفادها أن التزام القطاع المصرفي في لبنان بالقوانين اللبنانية وتعاميم مصرف لبنان كفيل وحده بحماية المصارف اللبنانية، وبالتالي، يمكن وضع القانون الأميركي في خانة توجيه رسالة سياسية للبنان سرعان ما وصلت.. بدليل الإجراءات التي تقوم بها المصارف، ولو أنها تشي أحياناً بمبالغات تصل الى حد تخطي مصرف لبنان والتواصل مع الدوائر الأميركية مباشرة من أجل ضمان عدم ارتكاب «فاولات» على طريقة المصرف اللبناني الذي «تبرع» برفض توطين رواتب نواب «حزب الله»!
النهار :
لم يقتصر الاشتباك السياسي الذي تسبب به تكراراً موقف وزارة الخارجية والمغتربين في مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي في جدة بالامتناع عن التصويت على قرار التنديد بايران لاعتدائها على السفارة السعودية وقنصليتها في طهران، على تظهير الانقسام الداخلي وحتى الحكومي فحسب، بل اتسم تجدد الاشتباك هذه المرة بتداعيات مباشرة على خط التوتر الرئاسي بما من شأنه ان يزيد سخونة الأجواء السياسية.
والواقع ان امتناع سفير لبنان لدى المملكة العربية السعودية عبد الستار عيسى، بتوجيهات من وزير الخارجية جبران باسيل الموجود في منتدى دافوس مع رئيس الوزراء تمام سلام، عن التصويت على بيان وزراء الخارجية لدول منظمة التعاون الاسلامي، تسبب باشتباكين يعتبران امتداداً للتداعيات التي أثارها سابقاً الموقف الرسمي نفسه من بيان وزراء الخارجية العرب في القاهرة. وقد حمل الرئيس سعد الحريري بحدة على "انفراد وزارة الخارجية بما زعمت انه نأي بالنفس عن موقف عربي جامع في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الاسلامي للتضامن مع المملكة العربية السعودية"، معتبراً ان "النأي بالنفس يتحول اصطفافاً حين تجد الخارجية اللبنانية نفسها للمرة الثانية وحيدة خارج موقف جميع الدول العربية بلا استثناء". واذ تساءل الحريري: "هل نحن في صدد محاولة للنأي بالديبلوماسية بعيداً عن لبنان وعروبته نحو ايران وعدوانيتها؟"، حذر من ان "هذا التغريب المتكرر للبنان عن عروبته هو نذير شؤم عن محاولة الهيمنة على القرار الوطني".
سلام
أما التطور الآخر البارز في هذا السياق، فتمثل في الموقف الذي عبّر عنه الرئيس سلام من دافوس والذي بدا بمثابة كفة القبان التي توازن الموقف السلبي للخارجية من خلال اتخاذ سلام عبر هذا المنتدى العالمي موقفاً سلبياً من التدخل الايراني في العالم العربي. واكد سلام ان "ايران تتدخل في العالم العربي منذ سنوات وهذا اصل النزاع بينها وبين السعودية"، مشدداً على "حق السعودية في اضطلاعها بالدور القيادي في العالم العربي". وتساءل: "لماذا تتدخل ايران في شؤوننا الداخلية ولماذا تزيد الاوضاع تعقيداً؟".
ولاحظت أوساط سياسية بارزة أن رد الحريري الفوري على هذه القضية طاول هذه المرة ضمناً "محور معراب" بمعنى ان الخطوة الديبلوماسية الجديدة التي بدا معها لبنان ممعناً في التفرد عن الاسرة العربية تسجل في خانة ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة وخصوصاً في ظل البنود العشرة التي تبنّى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ترشيح عون على أساسها. وقد ذهب عضو كتلة "المستقبل" النائب احمد فتفت بوضوح الى التساؤل "ماذا بقي من النقاط العشر التي وردت في الوثيقة السياسية الصادرة عن لقاء معراب بعد الموقف الاخير لوزير الخارجية؟". واضافت الأوساط ان واقع الملف الرئاسي لا يوحي بأي تبديل جوهري بعد في المواقف الأساسية، بل ان المرشح النائب سليمان فرنجيه أظهر في الايام الاخيرة تصميماً أكثر من أي وقت سابق على المضي في معركة ترشيحه لكن مجمل المعطيات يؤكد ان لا انتخابات رئاسية في الافق القريب بل ان ثمة ما يرجح تمديد الأزمة الرئاسية الى شهور عدة في ظل ارتباط هذا الازمة بمجموعة عوامل اقليمية ودولية.
وقالت أوساط الفريق الخصم لرئيس حزب "القوات اللبنانية" في معركة انتخاب رئيس الجمهورية لـ"النهار" إن جعجع يحاول حصر الأضرار التي أصيب بها في علاقاته بحلفائه في الداخل والخارج بفعل ترشيحه الإحتفالي للعماد عون في معراب، وأشارت الى اقتناع بدأ يترسخ بأن احتفالية معراب كانت إحدى ترجمات نقلة استراتيجية حضّر لها رئيس "القوات" طوال شهور انطلاقاً من قراءة جديدة للتطورات الإقليمية بدءاً من الأوضاع في سوريا قادته إلى نظرية "حلف الأقليات" التي باتت تجمعه على الأرجح والعماد عون.
موقف الكتائب
ورأت الأوساط نفسها أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل خطف الأضواء أمس من معراب بتفنيده النقاط العشر بأسلوب يبيّن تفريطاً في السيادة اللبنانية، وتوقعت إغراقاً للساحة السياسية في الأيام والأسابيع المقبلة بمزيد من أسماء المرشحين للرئاسة.
واتخذ الجميل في مؤتمر صحافي عقده في بكفيا موقفاً مؤيداً بحرارة للمصالحة بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، داعياً الى ترسيخها على "أسس ثابتة ودائمة"، غير انه في المقابل اتخذ موقفا شديد التحفظ من الاتفاق السياسي للفريقين على ترشيح العماد عون، معلناً بوضوح ان الكتائب لن تصوت لمرشح مشروع 8 آذار. وقال: "على كل مرشح حر ان يتخلى عن مشروع 8 آذار وأن يأتي الينا بمشروع مقبول".
وتحدثت الأوساط عن استياء يتصاعد في المملكة العربية السعودية من ترشيح جعجع لعون، وخصوصاً بعد موقف لبنان الرسمي من القرارات العربية والتي عبّر عنها ووجّهها الوزير الذي لقي تبريراً لافتاً من رئيس "القوات" في مقابلة متلفزة أمس. وكان جعجع تساءل في معرض تعليقه على موقف الخارجية: "أين هي الحكومة كاملة ؟ وأياً يكن وزير الخارجية هل كان ليتخذ موقفا مغايراً؟ اذا كان بعض الافرقاء حريصين الى هذه الدرجة فلتجتمع الحكومة وتتخذ قراراً واضحاً وتحمله للوزير باسيل".
المستقبل :
بينما إيران نفسها تسعى إلى لملمة ذيول خيباتها المتتالية أمام الحزم العربي وتتوارى عاجزةً خلف بيادقها الميليشيوية المزروعة عبثاً وتخريباً في أرجاء المنطقة العربية، ثمة في لبنان من يعمل جاهداً على إغراق عروبته في الوحول الإيرانية مستخدماً «الخارجية» اللبنانية مطيةً مسخّرة لأخذ الدولة ومصالح أبنائها رهينة دولة معتدية على السيادة العربية وأسيرة طموحاتها التوسعية في المنطقة. ففي أقلّ من شهر عادت وزارة الخارجية لتنتهج سياسة عزل لبنان عن بيئته العربية و«النأي» به وبتاريخه الديبلوماسي عن منظومة الإجماع العربي تحقيقاً لأجندة العاملين على اختطاف القرار الوطني واغتصاب إرادة غالبية اللبنانيين الحريصين على مصالح وطنهم العليا والمتمسكين بهويتهم العربية في وجه محاولات طمسها ووأدها تحت أطماع مشاريع إيران العدوانية. أمام هذا الواقع المشؤوم، وبينما سارع رئيس الحكومة تمام سلام إلى محاولة إصلاح ما أفسده «العهد» العوني في وزارة الخارجية مع العرب عبر تأييده الحقّ العربي في صدّ التدخلات الإيرانية، بادر الرئيس سعد الحريري إلى رسم خط أحمر عريض أمام محاولات «تغريب لبنان عن عروبته وعن قواعد ديبلوماسيته التاريخية»، مؤكداً باسم «اللبنانيين المخلصين لوطنهم وعروبته وقيمهم» أنّ «هذا الوضع الشاذ» لن يطول.
الحريري، وفي بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أمس تعليقاً على «نأي» الخارجية اللبنانية عن الموقف العربي الجامع في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي للتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الديبلوماسية في إيران ولرفض التدخل الإيراني في الشؤون العربية، شدد على أنه «موقف لا يُعبّر عن غالبية الشعب اللبناني وخروج مرفوض للمرة الثانية عن سياسة الوقوف مع الإجماع العربي التي شكلت قاعدة ذهبية للديبلوماسية اللبنانية منذ الاستقلال».
وإذ سأل عما إذا كان موقف وزارة الخارجية «محاولة للنأي بالديبلوماسية بعيداً عن لبنان وعروبته نحو إيران وعدوانيتها ومصالحها التوسعية»، حذر الحريري من أن «هذا التغريب المتكرر للبنان عن عروبته وعن قواعد ديبلوماسيته التاريخية إنما هو نذير شؤم عن محاولة الهيمنة على القرار الوطني ضد إرادة غالبية اللبنانيين وعلى حساب مصالحهم ومصلحة لبنان العليا»، معرباً في المقابل عن ثقته التامة بتفهّم العرب لكون المواقف الحالية التي تتخذها الخارجية اللبنانية هي في واقع الأمر «رهينة ذرائع يتبرأ منها اللبنانيون المخلصون لوطنهم وعروبتهم وقيمهم الذين لن يسمحوا لهذا الوضع الشاذ أن يطول ويتجذر».
بدوره، حاول سلام إعادة تصويب الموقف الرسمي للبنان من على منبر إحدى الندوات التي شارك فيها في دافوس بتشديده على أنّ «أصل النزاع بين إيران والمملكة العربية السعودية هو التدخل الإيراني القائم منذ سنوات في العالم العربي والذي يزيد الأوضاع المعقّدة تعقيداً»، جازماً بأنّ السعودية محقة في الاضطلاع «بدورها القيادي في العالم العربي بما من شأنه تعزيز الاستقرار وتحسين الأوضاع الإقليمية».
الجميل
رئاسياً، برز أمس تظهير حزب «الكتائب اللبنانية» موقفه حيال مستجدات الاستحقاق مؤكداً، بعد مطالعة موضعية لرئيسه النائب سامي الجميل استعرض فيها الوضع المأسوي الذي بلغته الدولة اللبنانية ومؤسساتها تحت وطأة الفراغ، أنّ نواب كتلته البرلمانية لن ينتخبوا مرشحاً «يحمل مشروع 8 آذار إن كان هذا المرشح صنع الصين أو صنع في تايوان»، مع إشارته إلى أنّ «كل مرشح حرّ أن يتخلى عن مشروع 8 آذار ويأتي إلينا بمشروع مقبول من قبلنا».
الديار :
الذين توقعوا بعد تأييد الرئيس سعد الحريري لترشيح الوزير سليمان فرنجية لانتخابات رئاسة الجمهورية، ان تكون المعركة قد انتهت وان الوزير سليمان فرنجية سيتم انتخابه خلال اسبوع رئيسا للجمهورية، وتفاجأوا لاحقاً بأن العماد ميشال عون لن ينسحب، ثم تفاجأوا مرة ثانية بتأييد القوات اللبنانية والدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون كمرشح لرئاسة الجمهورية، باتوا يعرفون جميعا ان لا مفاجآت تفيد وان ترشيح الرئيس سعد الحريري للوزير سليمان فرنجية ادى الى انقسام في حركة 8 اذار وان ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون ادى الى انقسام في حركة 14 اذار.
فالمكوّن الماروني في حركة 14 اذار وهو الدكتور سمير جعجع بات في موقف مستقل على مستوى انتخابات رئاسة الجمهورية وخرج من 14 اذار اذا كان يمثلها الرئيس سعد الحريري في ترشيح الوزير سليمان فرنجية.
كذلك خرج الوزير سليمان فرنجية من حركة 8 اذار وبات اقرب الى الرئيس سعد الحريري عبر تحالف غير معلن، وذلك رداً على ترشيح القوات اللبنانية للعماد ميشال عون واستمرار حزب الله بالترشيح للعماد ميشال عون وتأييده.
العنصر الجديد الذي لم يعلن لكنه واقع هو ان الرئيس بشار الاسد لن يتدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية، وهو على رغم علاقته وصداقته مع الوزير سليمان فرنجية ابلغت اوساطه اطرافا لبنانية ان الرئيس السوري الرئيس بشار الاسد لن يتدخل في انتخابات الرئاسة، وان على الجميع الا يراجعوه في هذا الموضوع، وان سوريا التي اتهمت في الماضي بأنها كانت تصنع رؤساء لبنان لا تريد هذه المرة ان تتدخل في انتخابات الرئاسة، وتترك الامر لدول اوروبا الغربية وواشنطن والفاتيكان لكي يتدخلوا ويصلوا الى حل في لبنان.
كذلك فان حزب الله الذي ايد العماد ميشال عون منذ الاساس مرشح لرئاسة الجمهورية، لن يتدخل مع الوزير سليمان فرنجية ليطلب منه الانسحاب، كي لا يصل الى الخلاف مع الوزير سليمان فرنجية، وهو يترك للوزير سليمان فرنجية ان يقرر ما يشاء على اساس ان للوزير سليمان فرنجية قناعات سياسية لن يمليها عليه حزب الله.
رغم ان اوساط حزب الله ابدت عدم ارتياحها لما وافق عليه الوزير سليمان فرنجية لاقتراحات الرئيس سعد الحريري خلال اجتماعهما في باريس مقابل تأييد الرئيس سعد الحريري للوزير سليمان فرنجية مرشحا لرئاسة الجمهورية.
هذا ودخلت على الخط فرنسا بقوة، للمساهمة في تعجيل انهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، فطلب الرئيس الفرنسي من سفيره في بيروت زيارة العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية وقد قام السفير الفرنسي بالزيارتين للعماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية واستطلع رأيهما في شأن انتخابات الرئاسة، ووفق معلومات الديار، فان العماد ميشال عون ابلغ السفير الفرنسي انه يقود المعركة حتى النهاية، وانه لا مجال للانسحاب من ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وان لديه برنامج عمل وهو استطاع جمع القوات اللبنانية وحزب الله كمؤيدين له، اضافة الى انه يمثل الشريحة الكبرى من المسيحيين، وان الفرصة مؤاتية لتعزيز وضع المسيحيين في لبنان بعدما انهار هذا الوضع منذ 30 سنة، وانهS اي العماد ميشال عون» قادر على اعادة معنويات المسيحيين عبر حكمه كرئيس للجمهورية، وعبر التحالف الذي حصل مع حزب الله والارتياح المسيحي لهذا التوافق بين اكبر قوتين مسيحيتين.
ـ زيارة السفير الفرنسي لفرنجية ـ
اما بالنسبة لزيارة السفير الفرنسي للوزير سليمان فرنجية التي تمت يوم الجمعة 22 كانون الثاني، فقد علمت الديار ان الوزير سليمان فرنجية شرح للسفير الفرنسي ان لبنان انتظر سنتين تقريبا لوصول العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وان الوزير سليمان فرنجية أيد العماد ميشال عون لكنه لم يصل، وان تكتل المستقبل ومؤيدين عديدين في المجلس النيابي يؤيدون الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. بينما العماد ميشال عون لا يحوز على اكثرية الاصوات مثلما يحوز عليها الوزير سليمان فرنجية، وانه مسيحي يمثل الموارنة والمسيحيين وعائلة فرنجية تاريخيا لعبت دورا كبيرا على صعيد حماية المسيحيين، وانه لن ينسحب من ترشيحه لرئاسة الجمهورية، ولن نبقى ننتظر الفراغ الرئاسي ان يستمر طالما ان هنالك كتلا كبرى لا تؤيد العماد ميشال عون.
واستمع السفير الفرنسي لوجهة نظر العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية وسيرفع تقريره الى الرئيس الفرنسي هولاند كي يعرف الرئيس الفرنسي الامور على حقيقتها ومن مصادرها ويتخذ الموقف الذي تستطيع فيه فرنسا مساعدة لبنان على انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية.
ـ عدم نضوج الاجواء الدولية ـ
لكن الوزير مروان حمادة، عضو اللقاء الديموقراطي الذي يرأسه الوزير وليد جنبلاط والوزير حماده اطلع على المواقف الفرنسية والاميركية والاوروبية صرّح بأن الاجواء الدولية ليست ناضجة مع الاجواء الاقليمية لانتخاب رئيس للجمهورية. لذلك اتجه الحزب الاشتراكي واللقاء الديموقراطي الى تأييد ترشيح النائب هنري حلو، وانه عندما تنضج طبخة انتخابات رئاسة الجمهورية سيتخذ الحزب الاشتراكي واللقاء الديموقراطي الموقف المناسب.
انما في ظل عدم نضوج الاجواء الدولية والاقليمية والوزير مروان حمادة مطلع عليها فان طبخة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لن تنضج وبالتالي لا رئيس للجمهورية في 8 شباط وسيؤجل الرئيس نبيه بري الانتخابات الى جلسة اخرى، ستكون نتيجتها تقريبا هي ذاتها مثل 8 شباط الى ان يحين الوقت الصالح لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو غير متوفر حالياً خاصة في ظل الصراع السوري - الايراني مع السعودية، ودعم دول اوروبا والغرب للسعودية، ودعم روسيا لسوريا وموقف ايران الغير متسرع للتدخل في معركة رئاسة الجمهورية والذي يترك الامور للسيد حسن نصرالله امين عام حزب الله كي يتخذ الموقف المناسب.
على صعيد الكتل النيابية، يبدو انه بعد اتخاذ الوزير وليد جنبلاط قرار بترشيح النائب هنري حلو « اي تحييد نفسه عن انتخابات رئاسة الجمهورية» فان الرئيس نبيه بري قام بتحويل ملف انتخابات الرئاسة الى المكتب السياسي في حركة امل لدراسته، وهذا يعني ان الموضوع مؤجّل لدى تكتل التنمية والتحرير الذي يرأسه الرئيس نبيه بري، لانه من النادر ان يحوّل الرئيس نبيه بري موضوع سياسي، الى المكتب السياسي، وهو عادة يجمع تكتل التنمية والتحرير ويتناقش معهم ويتخذ موقفاً في شأن الحكومة او المواضيع المطروحة و خاصة الموضوع الاهم وهو رئاسة الجمهورية، وهكذا يكون تكتل ثان بعد تكتل جنبلاط هو تكتل الرئيس نبيه بري قد أجل او قام بتحييد نفسه عن انتخابات الرئاسة وترك الموضوع مارونيا بين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية وزيارة البطريرك بشارة الراعي الى الفاتيكان.
الجمهورية :
لم تنتهِ عملية خلط الأوراق التي أحدثتها مبادرة معراب بتبنّي ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بل إنّها اختلطَت واتّصلت بتلك العملية المماثلة التي أحدثتها مبادرة الرئيس سعد الحريري الباريسية بترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، إلى حد أنّها لم تمنع مختلفَ الأفرقاء من اتّخاذ مواقف واضحة ومحدّدة منها. وبات الجميع ينتظرون الجميع، لكنّ الشغور الرئاسي هو سيّد الانتظار. قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنْ لا شيء متوقّعاً على جبهة الاستحقاق الرئاسي في المديَين المنظور والقريب، وإنّ الكلمة كانت ولا تزال للميادين الإقليمية، من سوريا إلى العراق إلى اليمن، وطالما إنّ هذه الميادين لم تقارب الحسم، أو على الأقلّ تحقيقَ المكاسب لهذا الطرف أو ذاك، فإنّ أزمة لبنان الرئاسية باقية في الثلّاجة، وإنّ الحراك الجاري في شأنها لا يَعدو كونه محاولةً للحدّ مِن التجَمّد، حتى لا يفرض لاحقاً فترةَ انتظار طويلة لكي يذوب.
وأضافت هذه المصادر: «إنّ المبادرات المطروحة ربّما تكون مريحة في الشكل، لكنّها أكثر تعقيداً في المضمون، إذ إنّ كثيرين لا يستسيغون خوض انتخابات الرئاسة بمنطق التنافس بين مرشّحَين أو أكثر كسراً للمعتاد، وإنّما الغالبية السياسية تفَضّل التوافق على انتخاب رئيس من ضمن مرشّحي المبادرات، أو مبادرات المرشحين أو من خارج هذه المبادرات».
وأكّدت المصادر أنّه يستحيل انعقاد جلسة نيابية انتخابية يتنافس فيها عون وفرنجية، لأنّ نصابَها الدستوري لن يكتمل إلّا إذا ضمنَ أحدُهما التوافق عليه، وهذا التوافق يبدو إلى الآن مستحيلاً. فعون كان ولا يزال يراهن على الميادين الإقليمية، فيما فرنجية يراهن على العواصم الإقليمية والدولية والجهات التي رشّحته، مُعتقداً أنّ في إمكانها تأمينَ التوافق الداخلي عليه، فيما هو مثل عون، يواجه داخلاً منقسماً بين مؤيّد ومعارض».
ويرى المراقبون أنّ المتفائلين يتوقعون أن تبدأ المقاربة الجدّية للاستحقاق الرئاسي بدءاً من آذار المقبل، فيما المتشائمون يتوقّعون ذلك بدءاً من الصيف، إنْ لم يكن بعدَه.
وفي انتظار كلّ هذه التطورات، فإنّ الداخل سيظلّ دائراً في دوّامة الأخذ والرد التي يمكن أن تتغيّر معها تحالفات واصطفافات في ضوء مفاعيل «الترشيحين القويَين» ومضاعفاتهما. فبينما تشهَد جبهة 14 آذار معالمَ تفكّك، فإنّ جبهة 8 آذار تعيش حالاً من الإرباك إزاء هذين الترشيحين المنتميَين إليها.
وفي الوقت الذي يعوّل البعض على دور للثنائي الشيعي («حزب الله» وحركة «أمل») لكسرِ دوّامة المراوحة، فإنّ أفرقاء سياسيين عادوا إلى التموضع في مواقفهم الأصلية، ومِن هؤلاء رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي عاد إلى ترشيح النائب هنري حلو، واضعاً هذا الترشيح في المستوى نفسِه مع ترشيحَي عون وفرنجية.
سلام
وفي هذه الأجواء، اعتبَر رئيس الحكومة تمام سلام «أنّ أصل النزاع بين إيران والمملكة العربية السعودية هو التدخّل الايراني القائم منذ سنوات في العالم العربي والذي يزيد الأوضاع المعقّدة فيه تعقيداً.
وأبدى سلام خلال ندوة شاركَ فيها في دافوس مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في إطار منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس، قلقَه من تفاقم المشكلات الطائفية في المنطقة سواءٌ بين المسلمين والمسيحيين أو بين السنّة والشيعة، آمِلا «في إمكان تجاوُز هذه المشكلات لكي يحافظوا على التعايش السِلمي في منطقتهم».
الحريري
وفي سياق مضاعفات المبادرات، بدأ تيار «المستقبل» إطلاقَ النار على مبادرة معراب من زاوية انتقاد الحريري أداءَ وزارة الخارجية على خلفية نأيِ الوفد اللبناني بنفسه عن البيان الختامي لاجتماع «منظّمة التعاون الإسلامي»، في مدينة جدّة، والذي دعمَ السعودية ودانَ إحراقَ بعثات ديبلوماسية سعودية في إيران وانتقد تصريحات طهران «التحريضية» و»تدخّلاتها في الشؤون الداخلية لدوَل المنطقة» و»استمرار دعمها الإرهاب».
وأكّد الحريري أنّ انفراد وزارة الخارجية «بما زعَمت أنّه نأي بالنفس عن موقف عربي جامع في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي للتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الديبلوماسية في إيران ولرفض التدخّل الإيراني في الشؤون العربية، هو موقف لا يعبّر عن غالبية الشعب اللبناني، وخروجٌ مرفوض للمرة الثانية عن سياسة الوقوف مع الإجماع العربي التي شكّلت قاعدة ذهبية للديبلوماسية اللبنانية منذ الاستقلال».
واعتبَر الحريري «أنّ النأي بالنفس يتحوّل اصطفافاً حين تجد الخارجية اللبنانية نفسَها للمرة الثانية وحيدةً خارج موقف جميع الدول العربية بلا استثناء، وتنأى بنفسها وحيدةً عن قرار تؤيّده جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي باستثناء إيران المعتدية على البعثات الدبلوماسية والسيادة العربية»، وسأل: «عن ماذا نأت الخارجية اللبنانية بنفسها هذه المرّة، خصوصاً أنّ البيان لم يتضمن أيَّ ذِكر للبنان أو أيّ تنظيم سياسي لبناني، أم أنّنا في صَدد محاولة للنأي بالديبلوماسية بعيداً عن لبنان وعروبته نحو إيران وعدوانيتها ومصالحها التوسّعية؟».
وحذّرَ الحريري من «أنّ هذا التغريب المتكرّر للبنان عن عروبته وعن قواعد ديبلوماسيته التاريخية إنّما هو نذير شؤم عن محاولة الهيمنة على القرار الوطني ضد إرادة غالبية اللبنانيين وعلى حساب مصالحِهم ومصلحة لبنان العليا.
بدوره رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة انتقد أداء وزارة الخارجية اللبنانية، واعتبر أنّ موقف وزير الخارجية جبران باسيل «يعرّض مصالح اللبنانيين في الدول الشقيقة والصديقة، ولا سيّما منها المملكة العربية السعودية، للخطر».
واعتبر النائب مروان حمادة أنّ باسيل «كرّسَ في المؤتمر الإسلامي تبَعيتَه للنظام الإيراني، ما يعرّض لبنان لحالٍ من العزلة بين إخوانه العرب وعلى امتداد الأمّة الإسلامية».»
الخارجية
في هذا الوقت، أوضحَت وزارة الخارجية «أنّها كانت قد أعطت التعليمات لسفير لبنان في المنظمة قبل انعقاد الاجتماع بوجوب اتّخاذ الموقف نفسه المشابِه للموقف السابق في الجامعة العربية في حال تضمّنَ القرار المضامينَ نفسَها الواردة سابقاً، وذلك التزاماً بسياسة الحكومة القاضية بالنأي بلبنان عن هذه المواضيع المشابهة والمرتبطة بالأزمة السورية، وعملاً بالتوافق على هذا الموقف الذي ظهرَ جليّاً على طاولة الحوار الوطني».
وجدّدت موقف لبنان الثابت في إدانة الاعتداءات على البعثات الديبلوماسية للسعودية في ايران، وفي رفض التدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية، كذلك أكّدت أهمية الإجماع العربي عندما لا يمسّ بالوحدة الداخلية، مع الإشارة الى أنّ موقف لبنان بالامتناع عن التصويت (النأي بلبنان) لم يخلَّ بأيّ إجماع، إذ إنّ الموقف اللبناني الذي حصَل في الاجتماع، لم يأتِ معترضاً بل ممتنعاً بالإضافة الى الموقف المتحفّظ والآخر المعترض اللذين صَدرا عن الدول المشاركة».
جعجع
وبرزَت مضاعفات المبادرات من خلال إقرار رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، ومِن على قناة العربية «السعودية» بوجود اختلاف مع الحريري، وذلك للمرّة الأولى، مؤكّداً أنّ العلاقة ليست على ما يرام في الوقت الحالي، «إنّما سأعمل بكلّ جهدي لتعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً»، وذكر أنّ «آخِر اتصال مع الحريري كان بَعد ترشيح فرنجية».
وأقرَّ جعجع بأنّ «قوى «14 آذار» ليست بأحسن حالاتها منذ ترشيح فرنجية»، مُكرّراً القول إنّ «حزب الله» أمام امتحان جدّي بدعم عون و»إلّا سيخسر أهمّ حلفائه في الفترة الأخيرة إذا لم يَعمل لإيصاله رئيساً للجمهورية». وأضاف «إذا لم يؤيّد الحزب العماد عون سيكون لهذا الموقف تداعيات كثيرة عليه». ورأى أنّ «مِن غير المحسوم أنّ جلسة 8 شباط ستُنتج رئيساً».
اللواء :
انتهى الأسبوع الذي بدأ بتبني معراب ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة الأولى، بتكرار خطيئة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وهو رئيس «التيار الوطني الحر» أيضاً، عندما أوعز إلى سفير لبنان في المملكة العربية السعودية عبد الستار عيسى ان «ينأى» بالموقف اللبناني عن قرار الإجماع الذي اتخذته منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي الذي انعقد في جدّة أمس الأوّل، وادان الاعتداءات الإيرانية على سفارة المملكة في طهران والقنصلية في مشهد، كما ادان التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية للدول العربية.
والموقف اللبناني الذي لم يكن له نظير سوى الموقف الإيراني، أحدث صدمة إضافية في مختلف الأوساط اللبنانية، محدثاً، من دون ريب، ارتجاجات ملموسة على اتفاق معراب، وعلى احتمالات قبول عون كمرشح للرئاسة.
ولم يتأخر موقف الرئيس سعد الحريري عن وصف خطوة باسيل بأنها «محاولة للنأي بالدبلوماسية بعيداً عن لبنان وعروبته نحو إيران وعدوانيتها ومصالحها التوسعية»، ورأى ان «هذا التغريب المتكرر نذير شؤم من محاولة الهيمنة على القرار الوطني على حساب مصالح اللبنانيين ومصلحة لبنان العليا»، مؤكداً ان «هذا الوضع الشاذ لن يطول أو يتجذر، لأن سياسة الوقوف مع الإجماع العربي شكلت قاعدة ذهبية للدبلوماسية اللبنانية منذ الاستقلال»، فيما رأى رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ان موقف باسيل «يعرض مجدداً مصالح اللبنانيين للخطر في الدول العربية والإسلامية الشقيقة والصديقة، لا سيما في المملكة العربية السعودية»، داعياً الحكومة اللبنانية إلى «تصحيح هذا الخلل الفاضح المتمثل بانحياز وزارة الخارجية اللبنانية لايران المشكو منها، وضد إجماع العرب والمسلمين وضد مصلحة لبنان».
وجاء كلام الرئيس تمام سلام من «دافوس» حيث يمثل لبنان في المنتدى الاقتصادي العالمي، حول الوضع غير الصحي بين إيران والمملكة العربية السعودية ليكرس الموقف الرسمي من دعم المملكة وتقدير تقديماتها للبنان.
وقال الرئيس سلام في ندوة شارك فيها إلى جانب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وادارتها الصحفية الأميركية كريستيان امانبور «ان السعودية محقة بموقفها، ولها دور قيادي في العالم العربي لتعزيز الاستقرار وتحسين الأوضاع الإقليمية، اما إيران فتتدخل في العالم العربي منذ سنوات عديدة، وهذا هو أصل النزاع بينها وبين المملكة»، متسائلاً: «لماذا تتدخل إيران في شؤوننا الداخلية ولماذا تزيد الأوضاع تعقيداً?»، داعياً «لدعم نهج الاعتدال في المنطقة بما يسمح بمكافحة التطرف»، محذراً من «تفاقم المشكلات الطائفية في الشرق الاوسط».
وفي إشارة ذات مغزى إلى ربط موقف باسيل بالاستحقاق الرئاسي، قالت محطة «المستقبل» في مستهل مقدمتها للنشرة المسائية، وفي معرض وصف تعليمات باسيل في مؤتمر جدّة، بأنه «موقف يشبه لبنان الذي يريده النائب ميشال عون إذا وصل إلى رئاسة الجمهورية، موقف يتحفظ على علاقة لبنان في محيطه، ويناقض البند الثاني من مقدمة الدستور الذي ينص على ان لبنان عربي الهوية والانتماء».
وإذا كان موقف الرئيس سلام هو الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية، وفقاً لنص المادة 65 من الدستور التي تنص على أن رئيس مجلس الوزراء يتكلم باسم الحكومة ويعبّر عن سياستها، فإن موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من دعوة الحكومة إلى الاجتماع ومساءلة الوزير باسيل يمكن أن يكون «بداية تمايز» إزاء البنود العشرة التي وردت في كلمته من معراب عندما أعلن دعم ترشيح النائب عون باسم «القوات اللبنانية».
أجندة الأسبوع
وبالإنتظار، فإن جدول أعمال الأسبوع المقبل، سيكون حافلاً بمواعيد استحقاقات مهمة:
1- الاثنين في 25 الحالي تنعقد الجولة 23 من الحوار الثنائي بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، على وقع تطورين خطيرين وهما استمرار التوتر الإقليمي، وتراجع احتمالات عقد جنيف3 السوري هذا الشهر، والثاني اعتبار النائبين سليمان فرنجية وميشال عون مرشحين للرئاسة الأولي في جلسة 8 شباط حيث قد يتطرّق النقاش إلى احتمالات النصاب والمشاركة في الجلسة، مع العلم أن تيّار «المستقبل» ما يزال يدعم رئيس تيّار «المردة» إذا ما استمر مرشحاً، فيما يضرب الضباب السياسي موقف «حزب الله»، نظراً لتبنّيه ترشيح عون الذي كشف جعجع أن بيان ترشيح عون من معراب تطرّق إلى سلاح «حزب الله» وتدخّله في سوريا من دون أن يسمّيه، مع العلم أن الحزب تربطه علاقة صداقة وتحالف قديمة مع النائب فرنجية.
2- وتنعقد جلسة الحوار الوطني رقم 14 في عين التينة الأربعاء في 27 الحالي، وأمامها، إضافة إلى الموضوعين المشار إليهما، موقف باسيل في مؤتمر جدّة.
ولم يُعرف ما إذا كانت الجلسة ستخرج بتوصية تدعو النواب لتأمين حضور جلسة الانتخاب في 8 شباط، أم أن عدم نضوج المواقف سيبقي القرار حرّاً لكل كتلة، وهو ما ترجحه الأوساط المطلعة.
مجلس الوزراء
3- بعد ظهر الخميس في 28 الحالي ينعقد مجلس الوزراء في السراي الكبير، وأمامه جدول أعمال متخم ومتراكم بـ379 بنداً معظمها مالي وإداري يتعلق بمصالح المواطنين.
ويعود الرئيس سلام اليوم من دافوس ليبدأ ورشة اتصالات أهمها احتواء «غلطة» باسيل الديبلوماسية الثانية، ومتابعة مجرى المساعي لملء الشواغر في المجلس العسكري، فضلاً عن تمهيد الطريق أمام مشروع وزير العدل أشرف ريفي لإحالة ملف ميشال سماحة على المجلس العدلي المطروح على جدول أعمال الجلسة.
وتخوّف مصدر وزاري في تصريح لـ«اللواء» من عودة التجاذب إلى طاولة مجلس الوزراء في ضوء التباينات السياسية المتعلقة بأزمات المنطقة أو المقايضات المطلوبة، فيما يخص الملفات الخلافية (المجلس العدلي مقابل تعيينات المجلس العسكري)، مع الإشارة إلى أن ملف النفايات يراوح بين المواعيد التي حددها الوزير أكرم شهّيب والصعوبات التي تواجه عملية الترحيل.
ولاحظت مصادر وزارية، أن خلو جدول الأعمال من بند ملء الشغور في المجلس العسكري، مؤشر إلى أن الملف لا يزال يحتاج إلى مزيد من البحث والتشاور، ولم يُعرف ما إذا كان وزراء «التيار الوطني الحر» ومَنْ تضامن معهم سيحضرون الجلسة أم سيستمرون في المقاطعة.
لكن وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي أوضح في تصريح لـ«اللواء» أن الأسماء الثلاثة المقترحة للتعيين في المجلس العسكري أضحت جاهزة لدى وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وفق اقتراح قيادة الجيش، وانها تراعي الاقدمية والكفاءة، كاشفاً ان الوزير مقبل جاهز لعرضها في حال ارتأى مجلس الوزراء طرحها من خارج الجدول.
وكشف الوزير حناوي ان هناك بين 3 أو 4 أسماء مقترحة لكل تعيين من التعيينات الثلاثة لأعضاء المجلس العسكري، مؤكداً ان هذه التعيينات تحتاج إلى توافق سياسي، وأن الوزير مقبل جال على معظم القوى السياسية في البلاد، وحرص على ان تكون الأسماء مقترحة من قيادة الجيش وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون.
اما وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج فأكد لـ«اللواء» انه لا يجوز ان يعين كل فريق سياسي مَن يريد، وأن الاقتراحات تقدّم من قيادة الجيش ويطرحها وزير الدفاع وتنال موافقة الحكومة. مشدداً على ان الجيش هو سياج الوطن ولا بدّ من مراعاة حق قيادة الجيش في هذا المجال.
موقف الكتائب
على أن الأبرز رئاسياً، إعلان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رفض الحزب انتخاب أي مرشّح تُسميه 8 آذار، في إشارة إلى النائبين عون وفرنجية، مع توجيه تحية إلى «الصديق العزيز» النائب هنري حلو الذي رشحه «اللقاء الديمقراطي».
رمى الجميل «بأسئلة «جمرية» في وجه النائب عون تتعلق بالحرب السورية والموقف من نظام الأسد وسلاح «حزب الله» لجهة المشاركة في الحرب السورية، وعلاقات لبنان الخارجية واعتماد سياسة الحياد بين المحاور المتصارعة في المنطقة.
الأهم ان رئيس الكتائب دعا للمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس في 8 شباط باعتبارها المحك لما أعلن في بيان معراب وليفز من يفوز.
وفي الإطار الرئاسي أيضاً، رأت أوساط عونية ان استضافة محطة «العربية» رئيس حزب «القوات» في مقابلة ضمن برنامج «نهاية الأسبوع» والمعروفة بعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية بأنها مؤشر إيجابي بأن لا فيتو على اتفاق معراب حيث أعلن جعجع خلالها (المقابلة) ان «حزب الله» إذا لم يلتزم بدعم عون في انتخابات الرئاسة، فإنه سيخسر أهم حلفائه في الفترة الأخيرة، كاشفاً ان عون على اتصال مع حزب الله، وإذا لم يؤيده الحزب سيكون لهذا الموقف تداعيات كثيرة عليه، مطالباً المشككين أن يثقوا كاملاً «بخطوتي»، لأن ميشال عون رئيساً للجمهورية غيره رئيس «التيار الوطني الحر».