بينما إيران نفسها تسعى إلى لملمة ذيول خيباتها المتتالية أمام الحزم العربي وتتوارى عاجزةً خلف بيادقها الميليشيوية المزروعة عبثاً وتخريباً في أرجاء المنطقة العربية، ثمة في لبنان من يعمل جاهداً على إغراق عروبته في الوحول الإيرانية مستخدماً «الخارجية» اللبنانية مطيةً مسخّرة لأخذ الدولة ومصالح أبنائها رهينة دولة معتدية على السيادة العربية وأسيرة طموحاتها التوسعية في المنطقة. ففي أقلّ من شهر عادت وزارة الخارجية لتنتهج سياسة عزل لبنان عن بيئته العربية و«النأي» به وبتاريخه الديبلوماسي عن منظومة الإجماع العربي تحقيقاً لأجندة العاملين على اختطاف القرار الوطني واغتصاب إرادة غالبية اللبنانيين الحريصين على مصالح وطنهم العليا والمتمسكين بهويتهم العربية في وجه محاولات طمسها ووأدها تحت أطماع مشاريع إيران العدوانية. أمام هذا الواقع المشؤوم، وبينما سارع رئيس الحكومة تمام سلام إلى محاولة إصلاح ما أفسده «العهد» العوني في وزارة الخارجية مع العرب عبر تأييده الحقّ العربي في صدّ التدخلات الإيرانية، بادر الرئيس سعد الحريري إلى رسم خط أحمر عريض أمام محاولات «تغريب لبنان عن عروبته وعن قواعد ديبلوماسيته التاريخية»، مؤكداً باسم «اللبنانيين المخلصين لوطنهم وعروبته وقيمهم» أنّ «هذا الوضع الشاذ» لن يطول.
الحريري، وفي بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أمس تعليقاً على «نأي» الخارجية اللبنانية عن الموقف العربي الجامع في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي للتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الديبلوماسية في إيران ولرفض التدخل الإيراني في الشؤون العربية، شدد على أنه «موقف لا يُعبّر عن غالبية الشعب اللبناني وخروج مرفوض للمرة الثانية عن سياسة الوقوف مع الإجماع العربي التي شكلت قاعدة ذهبية للديبلوماسية اللبنانية منذ الاستقلال».
وإذ سأل عما إذا كان موقف وزارة الخارجية «محاولة للنأي بالديبلوماسية بعيداً عن لبنان وعروبته نحو إيران وعدوانيتها ومصالحها التوسعية»، حذر الحريري من أن «هذا التغريب المتكرر للبنان عن عروبته وعن قواعد ديبلوماسيته التاريخية إنما هو نذير شؤم عن محاولة الهيمنة على القرار الوطني ضد إرادة غالبية اللبنانيين وعلى حساب مصالحهم ومصلحة لبنان العليا»، معرباً في المقابل عن ثقته التامة بتفهّم العرب لكون المواقف الحالية التي تتخذها الخارجية اللبنانية هي في واقع الأمر «رهينة ذرائع يتبرأ منها اللبنانيون المخلصون لوطنهم وعروبتهم وقيمهم الذين لن يسمحوا لهذا الوضع الشاذ أن يطول ويتجذر».
بدوره، حاول سلام إعادة تصويب الموقف الرسمي للبنان من على منبر إحدى الندوات التي شارك فيها في دافوس بتشديده على أنّ «أصل النزاع بين إيران والمملكة العربية السعودية هو التدخل الإيراني القائم منذ سنوات في العالم العربي والذي يزيد الأوضاع المعقّدة تعقيداً»، جازماً بأنّ السعودية محقة في الاضطلاع «بدورها القيادي في العالم العربي بما من شأنه تعزيز الاستقرار وتحسين الأوضاع الإقليمية».
الجميل
رئاسياً، برز أمس تظهير حزب «الكتائب اللبنانية» موقفه حيال مستجدات الاستحقاق مؤكداً، بعد مطالعة موضعية لرئيسه النائب سامي الجميل استعرض فيها الوضع المأسوي الذي بلغته الدولة اللبنانية ومؤسساتها تحت وطأة الفراغ، أنّ نواب كتلته البرلمانية لن ينتخبوا مرشحاً «يحمل مشروع 8 آذار إن كان هذا المرشح صنع الصين أو صنع في تايوان»، مع إشارته إلى أنّ «كل مرشح حرّ أن يتخلى عن مشروع 8 آذار ويأتي إلينا بمشروع مقبول من قبلنا».
وبينما أشاد بالمصالحة التي حصلت في معراب بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، لفت الجميل الانتباه إلى أنّ «المصالحة شيء والاتفاق السياسي شيء آخر»، مشيراً إلى أنّ هذا الاتفاق يجب أن يكون مبنياً على أربع ثوابت: «الحفاظ على سيادة لبنان، تحييد لبنان، تطوير النظام السياسي، والعودة إلى المؤسسات والالتزام بالدستور». وعلى أساس التصويت للمشروع لا للشخص، طرح الجميل سلسلة أسئلة على عون والتي سيقرر «الكتائب» بموجب الإجابات التي يتلقاها عنها تحديد وجهة تصويته في الانتخابات الرئاسية. ففي حين سأل عون عن موقفه من «سياسة لبنان الخارجية خصوصاً في الموضوع السوري»، طلب الجميل توضيح مسألة «ضبط الحدود في الاتجاهين» الواردة في ورقة «إعلان النوايا» المبرمة بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، عما إذا كانت تشمل مسلحي «حزب الله» بمعنى أنه «إذا وصل عون إلى رئاسة الجمهورية هل سيقول للحزب لا يحق لك أن تذهب لتقاتل في سوريا»، مستفسراً كذلك عن موقف عون من سيادة الدولة باعتبار أنّ «الكتائب» يرفض انتخاب رئيس «يقيّد هذه السيادة». وأمهل الجميل عون، كما المرشح سليمان فرنجية حول موقفه من الأزمة السورية، للإجابة عن أسئلته حتى تاريخ انعقاد جلسة الانتخابات الرئاسية المقبلة في 8 شباط، مختتماً مؤتمر الصحافي بالقول: «احتراماً للشعب اللبناني واحتراماً للديموقراطية في لبنان نراكم في 8 شباط».
المستقبل : الحريري يرفض «تغريب لبنان»: الوضع الشاذ لن يطول
المستقبل : الحريري يرفض «تغريب لبنان»: الوضع الشاذ لن...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
560
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro