27 كانون الثاني موعد جديد لطاولة الحوار. تلك الطاولة التي خصصت للبحث في الاستحقاق الرئاسي اولا، وها هي عبر جولات عدة اخيرة، تجنح عن مهمتها الاساسية لتتحول طاولة دعم او تعزيز للعمل الحكومي.

بعد مفاجأة معراب، بات السؤال اكثر من ملح عن مصير، او جدوى، تلك الطاولة. حتى الان، هناك مرشحان رسميان من 8 اذار هما رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجيه، لا بل ثلاثة، اذا اضفنا اليهما المرشح النائب هنري حلو، الذي لا يزال "اللقاء الديموقراطي" متمسكا به.
أليست مهزلة ان يتوافد المتحاورون الاربعاء المقبل، لاعادة البحث في مواصفات الرئيس، فيما "الطبخات" الرئاسية تكثر في الخارج، لا بل حلقات المناورة و"النكايات" السياسية هي التي تغلب العمل الجدّي؟
"باختصار الحوار لم ينتج شيئا": هكذا يبادر عضو كتلة "المستقبل" النائب احمد فتفت في تعليق اولي على جدوى استمرار الحوار. يقول لـ"النهار": "في الاساس، ويا للاسف، لم يحرز الحوار الوطني اي تقدم في السابق، فكيف ستكون الحال اليوم؟".
ويشرح: "حزب الله لم يلتزم مرة بنود الحوار، فلمَ تضييع الوقت؟".
يعود الى تجربة الـ2006، ليذكر كيف "نقض الحزب المحكمة الدولية، على رغم القول انه سيحترمها، وكيف قبل ترسيم الحدود مع سوريا، ثم عاد ونقضها، وكيف وافق على عدم تجاوز الخط الازرق، ثم عاد وخرق الخط. ولا ننسى كيف وعدنا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في 28 حزيران 2006، بان موسم الصيف سيكون ممتازا، فها نحن نتفاجأ بأسوا صيفية تمرّ علينا في تموز 2006".
كل تلك التجارب، في رأي فتفت، لا تشجع على ان نأمل خيرا من الحوار الحالي، أكان ثنائيا ام موسعا.
وما دامت الحال هكذا، لماذا لا تزال كتلة "المستقبل" تشارك في الحوار؟ يجيب فتفت بأن رأيه شخصي، الا ان الكتلة لا تزال تعطي الوقت لاي امكان للتلاقي، علما ان التجارب السابقة لا تشجع.
يتذكر فتفت جيدا كيف التزم "حزب الله" اتفاق الدوحة ثم عاد وأسقط الحكومة، وكيف اعلن تأييده لـ"اعلان بعبدا"، ثم عاد وتراجع. كل هذه الاخفاقات، يضعها فتفت في اساس سبب التعطيل الذي نعيشه في حياتنا السياسية.
ويرى ان "ما سيجري يوم الاربعاء من خلال استمرار طاولة الحوار هو اتقان لسياسة تضييع الوقت. باختصار، لا ضرورة له، ومعروف سلفا انه لن يؤدي الى اي نتيجة".
كل هذه "النقمة" لدى فتفت، لا يصبّها على "حزب الله" لمجرد الانتقاد او بسبب الخصومة السياسية، بل لانه يرى ان "الحزب لا يزال ينفذ شروطه على الدولة. هنا بيت القصيد، وما جرى اخيرا عبر تخلية سبيل الوزير السابق ميشال سماحة ابلغ دليل"، في رأيه. ويتدارك: "اي حوار يمكن ان يقدّم نتيجة، والحال هكذا. ما يجري مجرد محاولة الهاء وتسلية، او محاولة ايهام الرأي العام اننا نعمل، وان للسياسيين دورا. كل ما يحدث جدّيا هو خارج اطار الحوار".
ربما يكون كلام فتفت مجرد صرخة او حتى انتقاد ذاتي، لكن صورة طاولة الحوار الاربعاء المقبل، لا شك انها ستعطي اللبنانيين مزيدا من "القرف" والنقمة، والمفارقة ستكون اذا خرج المتحاورون وقالوا انهم لا يزالون يبحثون في مواصفات الرئيس المقبل.
هنا يعلق فتفت: "ماذا تعني المواصفات، الطول ام عرض الاكتاف؟ في كل الاحوال، هذه المواصفات "ما بتوفّي" مع الجنرال!".