مع استحكام الخلاف على تشكيلة وفد المعارضة السورية الى المفاوضات مع النظام في جنيف، صرّح وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال مؤتمر صحافي على هامش منتدى الاقتصاد العالمي في متنجع "دافوس" السويسري، أن الاجتماعات التمهيدية التي ستعقد في جنيف بين ممثلي الحكومة السورية وجماعات المعارضة ستكون غير مباشرة.
وقال: "الاجتماع الأول سيكون غير مباشر... لن تروا وضعاً يجلسون فيه الى طاولة يحدقون بعضهم الى البعض او يصرخون بعضهم في البعض".
وأشار الى أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دو ميستورا لن يوجه على الأرجح دعوات حتى الأحد المقبل. وأضاف: "ما سيحدث هو أنه سيكون هناك بعض المناقشات الاثنين ويمكن أن أقول إن المشاركين سيكونون قادرين على المجيء بحلول الثلثاء والأربعاء".
وفي وقت سابق، أفاد كيري الذي التقى دو ميستورا أن المحادثات قد تتأجل "يوماً أو يومين" لأسباب عملية، الا أن العملية ستبدأ في موعدها تقريباً. وأوضح قبل لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في المنتدى الاقتصادي أن اي تأخير في المحادثات سيكون سببه توجيه الدعوات الى المشاركين، و"عندما نقول تأخيراً، يمكن أن يكون ذلك ليوم أو يومين للدعوات، ولكن لن يكون ثمة تأخير أساسي".
ومن المتوقع أن يتوجه كيري الى الرياض السبت لمناقشة تشكيلة وفد المعارضة، مع تصريح الناطق باسمه جون كيربي بأن واشنطن تتوقع أن ترأس مجموعة الرياض المحادثات ، قائلاً: "كما قلنا بعد الرياض، المعارضة ستتمثل في الاجتماع بمبعوثين اختارتهم الهيئة العامة للمعارضة والهيئة العامة للمعارضة وحدها".
وقالت جيسي شاهين الناطقة باسم دو ميستورا انه "من المرجح ان يرجأ موعد 25 (من الجاري) بضعة ايام لاسباب سياسية" من غير ان يذكر ماهيتها.

موسكو
وفي المقابل، كشف ديبلوماسي روسي إن بلاده ستدعم وفداً بديلاً من المعارضة السورية للتفاوض مع الحكومة في محادثات السلام في جنيف إذا لم يعدل فريق المعارضة الحالي أو إذا قاطع المحادثات.
وقال: "ما نحاول تحقيقه هو إما توسيع وفد 'الرياض' ليضم المعارضة المعتدلة وإما أن يكون هناك وفد معارض منفصل". وفي حال مقاطعة المعارضة للمحادثات "سوف يأتي الوفد الثاني. سيتفاوضون مع الحكومة".
ولفت الى اتفاق روسيا وأميركا على إجراء المحادثات السورية قبل نهاية الشهر الجاري وإن يوم الجمعة 29 كانون الثاني هو آخر موعد محتمل.

داود أوغلو
واتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو روسيا بتعريض محادثات السلام في شأن سوريا للخطر بالإصرار على إشراك "جماعات إرهابية" مثل "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية ضمن وفد المعارضة.
وتخشى تركيا التأثير المتنامي لـ"وحدات حماية الشعب" التي تفرض سيطرتها على أراض تقع في الجهة المحاذية لحدودها مع سوريا، كما تخشى على الدعم الذي تتلقاه من واشنطن في قتالها مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية التي تدعمها السعودية قالت الأربعاء إنها لن تحضر المفاوضات التي تجري في رعاية دولية مع الحكومة السورية في 25 كانون الثاني إذا شارك فيها طرف ثالث.
ودعم داود أوغلو موقف الهيئة بالتأكيد أنها وحدها من يعود إليه اتخاذ قرار في شأن من يمثل المعارضة السورية في محادثات جنيف. وقال :"ستدعم تركيا أي مبادرة سياسية للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، لكن المعيار الوحيد الذي نريده هو أن تكون المعارضة المعتدلة ممثلة بإرادتها وبمبادرة منها. يجب ألا يكون هناك أي تمثيل لجماعات إرهابية الى الطاولة". وأضاف: "عدد من الدوائر ومنها روسيا تريد أن تخرب جانب المعارضة بفرض عناصر أخرى على المعارضة مثل وحدات حماية الشعب التي كانت تتعاون مع النظام وتهاجم المعارضة المعتدلة... إذا ما أراد آخرون أن يكونوا الى الطاولة فليشاركوا الى جانب ممثلي النظام".

باريس
واعتبر ديبلوماسي فرنسي كبير أن الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية التي تأسست في الرياض الشهر الماضي هي التي يجب أن تشكل وفد المعارضة.
وعارض وجود أي وفد جديد في المحادثات المزمع اجراؤها في 25 كانون الثاني، مكرراً وجهة نظر مماثلة لما أعلنته السعودية الأربعاء. وقال :"مجلس الأمن واضح. ينبغي لمبعوث الأمم المتحدة الخاص دو ميستورا العمل مع تجمع المعارضة الذي تشكل في الرياض. لا أستحسن وجود قوة ثالثة".

دو ميستورا
واوردت مجلة "فورين بوليسي" أمس أن دو ميستورا اتهم في ايجاز له أمام مجلس الامن الاثنين الماضي السعودية بتعقيد جهوده لايجاد حل ديبلوماسي للأزمة السورية، وذلك بمحاولتها تشديد قبضتها على اختيار الجماعات التي سيسمح لها بالمشاركة في المحادثات.
وأوضح أن الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية و"رعاتها يصرون على أولوية دورهم وتفردهم في تمثيل المعارضة". وقال: "الحقيقة أن الاطراف لا يزالون مصرين على مواقفهم... الاطراف مختلفون لا على الجوهر فحسب، وإنما ما يقلقني هو أنهم لا يقبلون بأن الامم المتحدة قادرة أو يجب أن تمارس تقديرها في "وضع اللمسات الاخيرة" على لائحة المعارضة".

دمشق شكلت وفدها
في غضون ذلك، شكلت دمشق وفدها المفاوض إلى لقاء جنيف التفاوضي. وقال مصدر رسمي سوري إن كلاً من نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد والمندوب السوري الدائم لدى الامم المتحدة السفير بشار الجعفري سيرأسان الوفد الحكومي الذي يضم أيضاً "ثلاثة ديبلوماسيين وثمانية من كبار المحامين".

مقتل 22 الف جهادي
من جهة أخرى، اعلن وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان ان الغارات التي يشنها الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) منذ صيف العام 2014 اسفرت عن مقتل نحو 22 الف جهادي.
وصرح لشبكة "فرانس 24" التلفزيونية الاخبارية بأن "التحالف لديه رقم ... انه 22 الف قتيل منذ بدء العمليات" في العراق وسوريا، مشيراً في الوقت عينه الى ان هذا الرقم "هو على الارجح تقريبي الى حد ما".
وقالت مصادر قريبة من الوزير الفرنسي إن نحو الف قتيل من هؤلاء الجهاديين أوقعتهم الغارات الفرنسية التي تناهز ما بين خمسة و15 في المئة من مجموع غارات التحالف، استناداً الى عدد الطائرات الفرنسية المشاركة في العمليات ضد التنظيم الجهادي.