اعتقد كثيرون انه بعد ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون ان الامور ستنفرج وتقترب معركة الرئاسة من حصولها ويجري الانتخاب في مجلس النواب، خلال شهر ورجحت انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، على اساس ان ينسحب الوزير سليمان فرنجية للعماد ميشال عون.
لكن الامور زادت تعقيدا وشكل ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون صدمة لدى الكتل كلها، مما جعلها تعيد النظر في قراراتها السابقة، وبدءا من الوزير وليد جنبلاط الذي كان قد استقبل الوزير سليمان فرنجية واعلن تأييده بترشيحه للرئاسة، اجتمع الحزب التقدمي الاشتراكي واتخذ قرارا بتأييد ترشيح النائب هنري حلو لرئاسة الجمهورية مع تثمين ترشيح الوزير سليمان فرنجية وتقدير البيان الذي صدر عن معراب.
اما حزب الكتائب فيتجه ايضا إما الى تأييد الوزير سليمان فرنجية بنسبة ضئيلة وإما الى الحياد وترشيح الرئيس امين الجميل مرشح تسوية، او وضع اوراق بيضاء.
وهنالك 6 مستقلين من النواب سيضعون اوراقا بيضاء مما يرفع عدد المحايدين بين هنري حلو والكتائب والـ 6 اصوات من النواب المستقلين الى 22 نائبا، وهذا يجعل الانتخاب صعباً للحصول على 65 نائبا - اي الاكثرية زائد واحد لانتخاب رئيس للجمهورية.
لكن بدلا من ان تطلق مبادرة الدكتور سمير جعجع لترشيح العماد ميشال عون ديناميكية جديدة لرئاسة الجمهورية، اصابت الجميع بالجمود، فعادت الكتل الى مواقفها السابقة من ترشيح النائب هنري حلو، الى تردد حزب الكتائب، الى الاوراق البيضاء لدى المستقلين، الى عدم صدور اي بيان عن الرئيس نبيه بري وعدم جمع كتلته لاتخاذ موقف ما بين المرشح العماد ميشال عون والمرشح الوزير سليمان فرنجية.
كذلك لم يصدر عن حزب الله اي بيان جديد سوى انهم ذكروا بأنهم يؤيدون منذ الاساس العماد ميشال عون.
اما الدكتور سمير جعجع ففي حلقة تلفزيونية على برنامج «بموضوعية» مع الزميل وليد عبود، فاعتبر ان الكرة اصبحت في مرمى حزب الله، وبالتالي على حزب لله ان يجمع الـ 57 نائبا الذين يشكلون 8 اذار واضافة 8 نواب من القوات فيصبح العدد 65 نائبا مع 4 نواب مستقلين وفق معلومات الدكتور سمير جعجع سيؤيدون العماد ميشال عون وهذا يعني 69 نائبا يؤيدون العماد ميشال عون، ولذلك فهو ينتظر بسرعة من حزب الله اتخاذ الموقف.
واعتبر الدكتور سمير جعجع ان حزب الله ما لم يتخذ موقفا بجمع 8 اذار كلها، فان حزب الله لا يريد انتخابات رئاسية.
ـ حزب الله يدرس الوضع الرئاسي ـ
اما حزب الله فليس له موقف جديد اعلنه امس، لكن المطلعين على موقفه هو انه يدرس الوضع الرئاسي وانتخابات رئاسة الجمهورية، في ضوء وجود مرشحين من 8 اذار، وبال تالي، فانه يؤيد العماد ميشال عون لكن لا يعتبر ان الاطراف الحليفة معه هي في جيبه، وانها رهن اشارته، وان حدود العلاقة مع الوزير سليمان فرنجية هي التمني عليه وليس لاعطائه اوامر، وكذلك مع الرئيس نبيه بري، فهنالك تنسيق مع الرئيس نبيه بري، لكن ليس هنالك اوامر من حزب الله للرئيس نبيه بري، وللرئيس نبيه بري حيثيات هامة في صفوف الطائفة الشيعية ولدى حزب الله، لذلك فان حزب الله سيقوم بمشاورات ضمن 8 اذار مع الاطراف، لكن نظرية ان اطراف 8 اذار هي في جيب حزب الله هي نظرية خاطئة لا تنطبق على الواقع الحقيقي لحزب الله، وان هنالك عدة مرات حصلت احداث كانت 8 اذار ليست على موقف واحد بل كانت منقسمة حول مواقف تشريعية او نيابية او وزارية، وكان كل طرف يصوّت وفق قناعاته، حتى ان حزب الله مع التيار الوطني الحر لم يكن دائما على وفاق كامل مئة في المئة، بل كان هنالك خلاف عدة مرات وتمايز في الرأي بين التيار الوطني الحر وحزب الله وهذا لا يعني ان خلافا كبيرا قد حصل، لكنه تمايز في الرأي، وهو يعتبر ان التيار الوطني الحر ليس حزبا في جيب حزب الله يأمره كما يريد وهذا ينطبق على مكونات 8 اذار، والدليل على ذلك ان ما يحصل في 8 اذار يحصل في 14 اذار، فـ 14 اذار التي يرأسها الرئيس سعد الحريري رئيس الحكومة الاسبق، اختلف مع الدكتور سمير جعجع حول رئاسة الجمهورية، وتسمية المرشح للرئاسة رغم انهما في 14 اذار وفي تكتل واحد، وفي تحالف استراتيجي.
ـ تباينات داخل الطرف الواحد ـ
كما ان هنالك تمايزاً في الرأي بين تيار المستقبل واطراف من المسيحيين المستقلين او غيرهم، داخل 14 اذار، حتى ان امانة 14 اذار بوجود الدكتور فارس سعيد اختلفت مع الدكتور سمير جعجع في شأن النظرة الى التحالف مع العماد ميشال عون، وتميل امانة 14 اذار الى تأييد الوزير سليمان فرنجية وتأييد خيار الرئيس سعد الحريري باختيار الوزير سليمان فرنجية، على عكس ما ذهب اليه الدكتور سمير جعجع وأيد العماد ميشال عون، واصبح في مواجهة مع الرئيس سعد الحريري عبر مرشحين يتخاصمان احدهما مدعوم من الرئيس سعد الحريري وهو الوزير سليمان فرنجية واحدهما مدعوم من الدكتور سمير جعجع وهو العماد ميشال عون.
ـ الانتخابات الرئاسية ليست سريعة ـ
لذلك فانتخابات الرئاسة ليست سريعة، والصدمة كبيرة والتريث سيد الموقف وسنبقى كل يوم نقول ان التريث سيد الموقف الى ان تحصل مفاجأة تلعبها احدى الدول واهمها فرنسا، لان الرئيس الفرنسي هولاند اعلن ان الفراغ الرئاسي خطر على لبنان، وانه سيقوم بتحريك الموضوع عند زيارته الى المنطقة، وهو سيزور الشرق الاوسط قريباً لبحث موضوع داعش والحرب في سوريا والعراق والعلاقة مع ايران والسعودية، اضافة الى الوضع اللبناني والفراغ الرئاسي الحاصل ومعركة الرئاسة.
ـ هولاند وتحريك الملف الرئاسي ـ
وقال هولاند انه سيسعى بكل طاقته عند زيارته الى المنطقة الى ايجاد حل للفراغ الرئاسي في لبنان من اجل انتخاب رئيس جديد، ووفق «موقع ليبانون فايل» فقد نقل عن مصدر مأذون في الخارجية الفرنسية رفض اعطاء اسمه ان فرنسا لا تؤيد مرشحا معينا، مع العلم ان الرئيس الفرنسي هولاند كان قد اعطى اشارة الى انه يؤيد الوزير سليمان فرنجية عندما اتصل به لمدة ربع ساعة وتحادث معه اثر ترشيح الوزير سليمان فرنجية.
لكن يبدو ان فرنسا عندما وجدت معارضة مسيحية قوية مؤلفة من الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون لانتخاب الوزير سليمان فرنجية، فانها ستبحث عن حل لملء الفراغ الرئاسي وعدم بقاء لبنان دون رئيس جمهورية.
هذا على صعيد الموقف الفرنسي، اما على صعيد بكركي والبطريرك بشارة الراعي، فان البطريرك بشارة الراعي سيقابل يوم السبت البابا فرنسيس الاول ويبحث معه الوضع اللبناني ووضع مسيحيي الشرق وخاصة الانتخابات الرئاسية في لبنان، وسيطلب البطريرك بشارة الراعي من البابا فرنسيس الاول التدخل لدى واشنطن ودول اوروبا وروسيا من اجل انتخاب رئيس جديد في لبنان، وانه بالثقل الذي لدى الفاتيكان ولدى دول العالم فان البابا سيرسل كرادلة الى عواصم هذه الدول طالبا منهم التدخل بقوة لانتخاب رئيس مسيحي للبنان وهو الرئيس العربي الوحيد بين الدول العربية من الطائفة المسيحية.
ويعتقد البطريرك بشارة الراعي ان بكركي لا يمكن ان تؤيد العماد عون او الوزير فرنجية او مرشح معين، بل هي في امكانها الدفع نحو انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهذا ما سيفعله البطريرك بشارة الراعي مع البابا فرنسيس الاول للضغط على الدول الكبرى كي تضغط على الاطراف والدول الاقليمية لانتخاب رئيس للجمهورية، بأسرع وقت ممكن.