لا معنى للجدل الذي إستجدّ بين واشنطن وطهران، بعد ساعات مما إعتبره باراك أوباما وحسن روحاني "يوماً مجيداً"، اثر رفع العقوبات التي كانت مفروضة على ايران، لأن من الواضح ان إعلان واشنطن فرض عقوبات جديدة على طهران تتعلق ببرنامجها للصواريخ الباليستية، ليس أكثر من بيان إنتخابي ديموقراطي، يعلنه اوباما رداً على حملة الإنتقادات التي وجهها اليه المرشحون الجمهوريون في نهاية الاسبوع.
يعرف اوباما ان العقوبات الجديدة لن توقف البرنامج الصاروخي الايراني، وسبق له ان قرأ تصريح روحاني عن ان أي عقوبات جديدة ستقابل برد ملائم، بينما تقول طهران إنها عقوبات غير مشروعة لأن برنامجها الباليستي ليس مصمماً لتكون له القدرة على حمل رؤوس نووية، لكنها وقد إستوعبت مروحة العقوبات الخانقة والطويلة في الماضي وتجاوزتها الآن بعد الإتفاق النووي، تستطيع بالتالي ان تلتف على هذه العقوبات.
أهم من كل هذا ان طهران تستعجل قطع مراحل الإتفاق الاساسي بما يسمح لها بأن تعود باكراً الى نشاطها النووي، ولهذا لم يصل يوكيا أمانو الى طهران للمشاركة في الاحتفالات برفع العقوبات، بل بدعوة من حسن روحاني ولإجراء محادثات هدفها السعي الى تقليص مدة الاتفاق النووي.
لتوضيح هذة النقطة المهمة، يجب ان نعرف ان الإتفاق الذي توصلت اليه الدول الست مع طهران، يتضمن اصلاً ثلاث مراحل هي: مرحلة التبني أي بداية التنفيذسنة 2016، ثم مرحلة الإنتقال أي تقليص البرنامج النووي وتنتهي سنة 2023، ثم مرحلة النهاية سنة 2025. ولأن المرحلة الثانية تبدأ بعد ثماني سنوات وطهران تريد تقليصها منذ الآن، فإن المحادثات مع امانو تنطلق من بند ينص على أنه اذا أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إستمرار ايران في الطابع السلمي للنشاطات النووية، يمكن تقليص هذه المدة بما يسمح لها بأن تشرع باكراً في بعض هذه النشاطات. والهدف الأبعد ان هذا سيسمح برفع بعض العقوبات الاميركية والأوروبية الأخرى بشكل أسرع مثل منع إيران مثلاً من الحصول على المواد ذات الإستخدام المزدوج المدني والعسكري والبرمجيات ونقل التكنولوجيا المشمولة بقائمة الأسلحة والمواد العسكرية الاوروبية.
يعرف الإيرانيون ان إعلان وزارة المال الاميركية عن العقوبات الجديدة المتصلة بالصواريخ الباليستية، لن يفسد عرس رفع العقوبات وعودة المليارات، وان حسابات إنتخابية رئاسية للحزب الديموقراطي الاميركي تقف وراء هذا الاعلان المفاجىء. وفي المقابل يعرف البيت الأبيض انه عندما ترد وزارة الخارجية الإيرانية على إعلان العقوبات بالقول انه "مثلما أكدت ايران بحزم في الماضي فسوف تردّ على هذه الأفعال بالاسراع في برنامجها الباليستي وزيادة قدراتها الدفاعية"، فأن ذلك من المقتضيات الضرورية داخلياً لأنه يتناسق مع أدبيات الحرس الثوري!