يعتبر الصدق المعيار الأهم في العلاقات الإنسانيّة التي تحكم طرق التواصل بين البشر، وخصوصاً العلاقة بين الأصدقاء والزملاء. وفي حال تمتّع الشخص بشخصيّة استفزازيّة أقرب الى التملّق والكذب واختراع الأساطير حول شخصه، فتكون الكارثة قد وقعت بالفعل. لذلك من المستحسن اختبار الشخص الآخر قبل الشروع في تحبيذ اقامة علاقة صداقة معه واختياره شخصًا محطّ ثقة.
البداية تكمن من خلال التقصي عن المعلومات الشخصيّة للفرد. ويحصل ذلك من خلال مراقبة حسابات مواقع التواصل الاجتماعيّ الخاصّة به. في حال عرّف عن نفسه بأنه تلميذٌ جامعيّ، من المستحسن زيارة قائمة أصدقائه لمعرفة ما إذا كان على صلة بحسابات أخرى من الجامعة نفسها. وفي حال كانت قائمة الأصدقاء مخفيّة، يتوجّب عليك إذًا السؤال عن أسماء أساتذته الجامعيين تذرّعًا في إمكان معرفتك بأحدهم. كما يتوجّب عليك التقصّي عن مكان السكن شخصيًّا. يترجم ذلك من خلال سؤالك عن مواصفات قريته أو الحيّ الذي يسكن فيه في المدينة، لأن اختيار عنوان سكنٍ افتراضيّ من شأنه أن يوجد ملابسات حول السبب الذي دفعه الى القيام بذلك. وغالبًا ما يلجأ البعض الى الخداع الالكتروني في زمن التواصل الافتراضي لغاياتٍ مشبوهة.
وقبل الشروع في الحديث عن تفاصيل حياتك الخاصّة، خذ منه الكثير من الكلام واطرح أسئلة عدة حول السبب الذي أراد من أجله التعرّف إليك، وهو في حال لم يعلن عن الهدف المباشر لعمليّة تواصله معك، الّا أنه سيلمّح لك عن غايته كي تفهم ما يريده ويقيس مفعول ردّك. وعادةً ما يلجأ بعض الشبان الى تحبيذ طلبات الصداقة بفتيات لا تربطهم بهنّ أي صلة، لأجل التسلية أو التعارف بهدف الجنس الافتراضي. إذا وجدت أن الحوار يندرج في منزلقات غير مقنعة انسحب فورًا ولا تستخف. وإذا شعرت أن هدف التعارف لا زال شائكًا، تحدّث بمواضيع حساسة واطرح أسئلة قاسية ومربكة ولا تعود عليك بالسوء، كالقول مثلًا: "هل تهدف الى تمضية وقتك الضائع معي الكترونيًّا بطريقة جميلة، أجب بصراحة أرجوك". مضمون الإجابة سيعكس نيّة واضحة حول سبب التواصل المفاجئ. إذا امتعض الطرف الآخر فهذا يعني أنه يبحث عن علاقة ايجابيّة. أما إذا تماثل مع السؤال فهو بالتالي يبحث عن مضمون علاقة ملتبس، وبادر(ي) إذًا الى انهاء الحديث.
أما الجزء الأخير من الاختبار فيتمثّل بالتقصي عمّا اذا كان هذا الشخص يريد التوسّط الى شخصٍ آخر للتقرّب منك، أو في رغبة أحدهم باختبارك حيال موضوع معيّن. تستخدم هذه الاستراتيجيّة حين لا يثق أحدهم بك أو يرغب في معرفة تفاصيل إضافيّة عنك لا يستطيع معرفتها بنفسه. وفي هذه الحالة، الإجراء الأخير الذي تتخذه يكمن في القول أنك مضطر لإنهاء التواصل لأنك لم تجد منفعة منه وليس لديك الوقت أو الرغبة في علاقات كهذه. وبذلك تكون قد ضمنت أنك لم تعطِ أي تفصيل عنك من شأنه أن يعود عليك بالسلبيّة، وعلمت أنك لم تضيّع فرصة صداقة حقيقيّة أو على الأقل أنك وفّرت عليك عناء التحسر مستقبلًا حيال إعطاء فرصة تعارف لشخصٍ خطأ.