لم يكن ترشيح رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع لرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رسميًا للانتخابات الرئاسية، بالحدث البسيط، بل قلب كلّ المعايير وغيّر كلّ التوقعات. في هذا السياق، اعتبرت مصادر في "8 آذار" مقربة من "حزب الله" في حديث لـ"الشرق الأوسط"، أن ما جرى "تصرف انتقامي" من قبل جعجع بحق رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري كردّ على ترشيحه النائب سليمان فرنجية من دون مراعاة خاطر "القوات".
في هذا الصدد، علــّق مصدر في "14 آذار" عللى الترشيح لـ "الأنباء" قائلا: "إن هذا اللقاء لا يعني أن عون أصبح رئيسًا للجمهورية، فالبلوك النيابي الآخر مازال قادرًا على توجيه المعادلة إن لم يكن لمصلحة النائب فرنجية فلمرشح توافقي، إلا أن تلاقي المتحاربين المارونيين يشكل محطة توحيد للصف المسيحي، بمعزل عن رئاسة الجمهورية".
"المستقبل": ترشيح عون ليس ضدنا
في المقابل، رأت مصادر بارزة في تيار المستقبل لـ"الجمهورية": "أن ما حصل هو تطوّر في الملف الرئاسي، لكنه لم يقلب المشهد الذي ما زال مفتوحاً على كل الإحتمالات. وما جرى سيخضع للدرس لدينا ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولسنا في موقع ردة الفعل، ولا نعتبر ترشيح جعجع للعماد عون موجّهاً ضدّنا".
في سياق متصّل، لم تستبعد مصادر مقربة من "تيار المستقبل" لـ"الجريدة" الكويتية أن يؤيد الرئيس الحريري ترشيح عون، خصوصاً أن جعجع دعا كل قوى 14 آذار إلى تبني ترشيح "الجنرال".
إلا أن مصادر "المستقبل" قالت لـ "الجريدة" إن التيار يعتبر ما جرى طعنة في الظهر، مذكراً بكلام رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة بعد لقاء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أمس بأن الانتخابات الرئاسية ليست شأناً مسيحياً فقط بل وطني.
بكركي كانت تنتظر هذه الخطوة
أما مصادر بكركي فأكدت لـ"الجمهورية" أن "البطريرك الراعي ينظر بإيجابية الى خطوة جعجع ويباركها، وهي خطوة يُبنى عليها لتحريك عجلة الرئاسة، وهو مع أي تقارب ماروني ومسيحي ووطني"، لافتة الى أن "الراعي سيكمل إتصالاته مع القيادات المارونية والوطنية لتفعيل المبادرات التي تؤدي الى انتخاب رئيس".
وقال النائب البطريركي العام المطران بولس صياح لـ"الجمهورية" إن "ما حصل في معراب هو ما كنا ننتظره منذ زمن، فالوحدة المسيحية هي مطلب بكركي وبالتأكيد هي مع كل الخطوات التي تؤدي الى التقارب وانتخاب رئيس للجمهورية".
واضاف: "علينا بعد هذه الخطوة ان ننتظر كيف سيتعامل الشركاء في الوطن الذين كانوا يقولون ان الكرة في الملعب المسيحي، فالمسيحيون اتفقوا وعندها ستتكشّف نياتهم الحقيقية".
"حزب الله": المستقبل" سيرضخ
توازيًا، أكدت مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار لـ"الأخبار" أن "حزب الله" يرى عون أقرب من أي وقت مضى إلى قصر بعبدا، رغم أن المخاض الرئاسي سيطول. كذلك، يرى الحزب أن تيار المستقبل سيرضخ في النهاية، وسيؤيد ترشيح عون.
وأفادت معلومات "الجمهورية" أن "حزب الله" كان في جوّ التحضيرات والخطوات التي سجلتها الساعات الاخيرة. وهو يصف خطوة تبنّي جعجع ترشيح العماد عون بالأمر الجيد والخطوة الإيجابية في اتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي من خلال مشروع إجماع مسيحي، حيث أن كل الاطراف السياسية قالت أنه اذا اتفق المسيحيون فإنها توافق على ما يتفقون عليه، كما أن المرشح النائب سليمان فرنجية اعلن مراراً أن جعجع اذا رشّح عون فهو سيكون مع عون وكذلك فعل النائب سامي الجميل. فاذا التزم هؤلاء جميعاً بما قالوه وأعلنوه، نستطيع عندئذ القول ان الاستحقاق الرئاسي اصبح على وشك الإنجاز الجدّي.
وإذ يُذكّر "الحزب" الجميع بأنه أول من دعم ترشيح عون للرئاسة وأول من وقف الى جانبه حتى آخر المطاف، يؤكد انه سيبقى مع عون وسينتخبه رئيساً للجمهورية عندما ينزل الجميع الى مجلس النواب. ويشدّد "الحزب" على ان موقفه واضح ويلتزم بما يعلنه، حتى عندما اعلن حليفه الإستراتيجي فرنجية ترشيحه، ظل "الحزب" على التزامه مع عون ولم يخلّ بوعده له.
في المقابل، يحرص "الحزب" على التأكيد ان ما ورد في وثيقة التفاهم بينه وبين "التيار الوطني الحر" ثابت ومؤكد ولن يتغيّر فيه شيء، بل سيكون دعامة أساسية للمرحلة المقبلة.
(الشرق الاوسط - الأخبار - الجمهورية - الجريدة)