سمير جعجع يعلن ترشيح القوات اللبنانية العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بهذه العبارة التي لم يتوقعها الكثيرون، صارت حقيقة امس. فرئيس القوات اللبنانية لم يعمد في ترشيحه عون الى القيام بخطوة سياسية تكتيكية، بقدر ما يبدو انه في موقفه يتوج نفسه زعيما مسيحيا من موقع التنازل الى خصمه التقليدي، مظهرا في ذلك صورة القائد السياسي الراغب في الخروج من الحلقة المفرغة التي تدمر لبنان، بالذهاب الى فتح نافذة جدية لانتخاب رئيس. لم يكتف جعجع بالترشيح بل يمكن القول انه في ما قدمه من مطالعة مكتوبة (وافق عليها عون) هو برنامج سياسي يمكن القول بثقة انه برنامج مرشح 14 آذار الى حدّ كبير وربما محرج لحلفاء الجنرال.
بيد ان أكثر من سؤال يفرض نفسه على هذا المستوى، اوله عن جدوى ترشيح القوات العماد عون ما دام وصوله الى كرسي بعبدا ليس دربه مكللا بالورود في ضوء الـ"ستاتيكو " السياسي الداخلي المتحكم باللعبة الرئاسية ومواقف سائر الاطراف من هذا الترشيح الذي لم يتأمّن له ايضا الغطاء الدولي المطلوب، خلافا لترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وهل ان ما يجري من تفاهمات وترشيحات يخدم الاستحقاق الرئاسي ام يزيده تعقيدا، وهل ان وراء الاكّمة ما وراءها أم ان فعل التقارب المسيحي سيكرّس واقعا جديدا يفرض على الجميع القبول به؟

اسئلة ستكون اجوبتها برسم الساعات المقبلة لتحديد التوجهات ووقع "الاعلان" على المستويين المسيحي والوطني وامتداداتهما العربية وحتى الدولية.
وكان اللقاء جمع في معراب عون وجعجع ووزير الخارجية جبران باسيل وعرابي ورقة "اعلان النيات" النائب ابراهيم كنعان ومسؤول جهاز الاعلام والتواصل في القوات ملحم الرياشي اضافة الى النائب ستريدا جعجع وجورج عدوان، وكل اعضاء كتلة القوات اللبنانية و250 كادرا قواتيا.
من جهة اخرى، لا تزال تداعيات "صدمة" اخلاء سبيل سماحة حاضرة بقوة على الساحة الداخلية، خصوصاً على ضفة قوى "14 آذار" ومعها الحزب "التقدمي الاشتراكي". فبعد المواقف النارية لقيادات "14 آذار" والتحرّك الذي نفّذته المنظمات الشبابية مساء الجمعة في ساحة ساسين، وفي وقت يتحضر مجلس القضاء الأعلى لإبداء رأيه في قرار تخلية سبيل سماحة في ظل مطالبات متزايدة بإحالة القضية اليه لإعادة المحاكمة مع تسريب شريط جديد للتحقيقات يكشف فيه سماحة وقائع وإثباتات إضافية، وقّع وزير العدل اللواء اشرف ريفي مشروع مرسوم احالة ملف سماحة الى المجلس العدلي، باعتبار ان الجرائم التي ارتكبها تشكل اعتداء على امن الدولة.