سيستمر الوزير سليمان فرنجية في ترشحه لرئاسة الجمهورية، لكنه بات امام عائق كبير هو التحالف بين اكبر قوتين مسيحيتين هو التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية اللذان يمثلان اكبر قوة مسيحية تشكل 70 في المئة من المسيحيين في لبنان.
واذا كان حزب الله وحركة امل يشكلان 70 في المئة و 80 في المئة من الشيعة، ويلزمان الناس بانتخاب الرئيس نبيه بري، فان مبدأ الاكثرية المسيحية التي اصبحت عند العماد ميشال عون و الدكتور سمير جعجع يمنع على الوزير سليمان فرنجية اجتياز خط الرئاسة دون تسوية معينة غير موجودة.
لكن الوزير سليمان فرنجية سيستمر في ترشحه مؤيدا من تيار المستقبل والوزير وليد جنبلاط والمستقلين من المسيحيين حلفاء 14 اذار، ولن يتراجع عن خطوته خاصة ان ترشيح العماد ميشال عون جاء من معراب من مركز الدكتور سمير جعجع الذي له عداء كبير وتاريخي مع الوزير سليمان فرنجية. اما الدكتور سمير جعجع فالتقط الكرة ودرس الامور، ووجد انه لا يمكن ان يقبل الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، وما دام ان الرئيس الحريري لم يشاوره في ترشيح الوزير سليمان فرنجية، رد عليه بترشيح العماد ميشال عون، معتبرا ان العماد ميشال عون يلتقي مع القوات اللبنانية على قواسم مشتركة اكثر مما تلتقي القوات اللبنىانية مع الوزير سليمان فرنجية، ولذلك ايد الدكتور سمير جعجع في خطوة مفصلية وتاريخية العماد عون لرئاسة الجمهورية.
ومع تأييد الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون وتأييد الرئيس سعد الحريري للوزير فرنجية، فان خريطة سياسية جديدة قد تم رسمها في لبنان، وان كان المرشحان هما من حركة 8 اذار، وقاسمهما المشترك هو حزب الله وتقريبا سوريا.
الا ان وجودهما في 8 اذار لا ينفع بشيء، ذلك انهما متخاصمان على الرئاسة، ولن يتراجع اي منهما؛ فلا العماد ميشال عون مستعد للتراجع، خاصة بعد تأييد القوات اللبنانية له وحصوله على سد منيع من القوة المسيحية الكبرى ولا الوزير سليمان فرنجية سيتراجع، لانه يعتبر الامر يمس كرامته وتاريخه السياسي، وبالتالي سيستمر في ترشحه لرئاسة الجمهورية.
والان ينتظر الجميع موقف الاطراف من اعلان الدكتور سمير جعجع تأييده لترشيح العماد ميشال عون، فالوزير وليد جنبلاط دعا خلال 48 ساعة الى اجتماع كي يعلن الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي موقفه من ترشيح العماد ميشال عون، بعد تأييد الدكتور سمير جعجع له.
والرئيس نبيه بري قد يصدر بيان عنه في شأن تأييد الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون.
ولا نعرف اذا كان حزب الله سيصدر بيانا في شأن تأييد الدكتور سمير جعجع لترشيح العماد ميشال عون، مع ان قناة المنار لم تنقل من معراب مباشرة الخبر الا عند حضور العماد ميشال عون فقط. وقبل ذلك لم تشارك في نقل الاحداث وما يجري في معراب، بل نقلت لحظة وصول عون الى معراب والبيان الصحافي الذي اصدره العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وقرأه الدكتور سمير جعجع.
على ان بعض الاخبار تقول إن العماد ميشال عون سيكون وسيطاً بين الدكتور سمير جعجع والسيد حسن نصرالله، لتقريب وجهات نظر القوات وحزب الله في المرحلة المقبلة.
واذا قرأنا البيان الذي يتضمن وثيقة الـ 10 نقاط، فاننا نرى انه يجب دعم الجيش اللبناني معنويا وماديا وتمكينه مع سائر القوى الامنية من التعامل مع مختلف الحالات الامنية، بهدف بسط سلطة الدولة وحدها على كامل الاراضي وكلمة التعامل مع مختلف الحالات شيء وفرض الامن من قبل الجيش والقوى الامنية امر آخر، لذلك تم اعتماد كلمة التعامل مع مختلف الحالات كحل وسط ما بين سلاح حزب الله وما بين دور الجيش والقوى الامنية الشرعية.
اما في شأن البند الاساسي وهو اعتبار اسرائيل دولة عدوة، فانه يعطي المقاومة حق تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وعندما تعلن الوثيقة التمسك بحق الفلسطينيين في العودة الى ارضهم، فمعنى ذلك ان لا سبيل لاعتماد مبادرة بيروت 2002، التي اعلنها الملك عبد الله الراحل، لان اعلان العودة الى ارضهم لم تتضمنها مبادرة بيروت 2002 بل قالت بانسحاب اسرائيل الى حدود 1967 مقابل التطبيع الكامل والتسوية بين العرب واسرائيل، وهذا تناقض بحد ذاته من جهة يرضي حزب الله ومن جهة اخرى يرضي السعودية.
حظوظ العماد ميشال عون ارتفعت لرئاسة الجمهورية، ولم يعد احد يستطيع ان يتجاوزه مسيحيا، لانه بات يؤيده حوالى 33 نائبا مسيحيا، وهذا العدد لم يتوافر لاي مرشح ماروني من قاعدته الا في ايام الشهابية، مع انه في ايام الشهابية كان النواب المسلمون يؤيدون المرشح الذي يسميه الرئيس الراحل فؤاد شهاب، الا انه هذه المرة، ينطلق العماد عون من 33 نائبا مسيحيا لا يمتلكهم اي مرشح للرئاسة، لا الرئيس امين الجميل ولا الوزير سليمان فرنجية.
اما في شأن البند العاشر ففيه ازدواجية، فهو يبتعد عن الكلام عن النسبية ولا يتحدث عن النسبية، بل يقول بالمناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين، وصحة هذا التمثيل على اساس اقرار قانون جديد للانتخابات يراعي المناصفة الفعلية وصحة التمثيل. ويعني ذلك قانون انتخاب يقسم المناطق الى مناطق لا ينتخب فيها المسلمون بأكثريتهم نوابا مسيحيين كي لا يمتلك تيار المستقبل او حزب الله او الرئيس بري نوابا مسيحيين ضمن لوائحهم، بل يأتي النواب المسيحيون بأصوات مسيحيين تقريبا والمسلمون بأصوات مسلمين. فلا هو اعتمد النسبية ولا هو اعتمد القانون الارثوذكسي ولا هو قال صراحة بتقسيم المناطق كي تكون صحة التمثيل المسيحي حقيقية وليس عند الرئيس الحريري او وليد جنبلاط او الرئيس نبيه بري.
وثيقة البنود الـ 10 هي حل الحد الادنى بقرار اتخذه الدكتور سمير جعجع بتأييد العماد ميشال عون، وتم وضع البنود الـ 10 كاخراج لديكور تأييد الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون، لان الدكتور سمير جعجع ارسل مندوبا الى السعودية وسألهم عن الضغط الذي يمارسونه على القوات اللبنانية في شأن، عدم تأييد الدكتور سمير جعجع للوزير سليمان فرنجية. فعاد المندوب من السعودية بضوء اخضر ان السعودية تعطي ضوءاً اخضر للدكتور سمير جعجع كي يتخذ القرار الذي يريده. والرئيس سعد الحريري حر في قراره، وان المملكة لا تضغط على الدكتور سمير جعجع في هذا المجال، واذ ذاك وبعد مناقشة الدكتور سمير جعجع مع السفير الاميركي جونز في بيروت قضية ترشيح العماد ميشال عون لم تمانع الولايات المتحدة في ترشيح العماد ميشال عون.
وفي هذه اللحظة، اتخذ الدكتور سمير جعجع قراره بعد تشاوره مع الاميركيين والسعوديين واخذ ضوءاً اخضر منهما، لان الدكتور سمير جعجع متحالف منذ ايام الطائف مع الاميركيين ومتحالف مع السعودية منذ فترة 2005.
الان آن اوان كلام الرئيس سعد الحريري وموقفه الرسمي واعلانه عن ترشيح الوزير سليمان فرنجية. وآن الاوان لكل الاطراف كي يعلنوا موقفهم من انتختابات رئاسة الجمهورية. وستجري جلسة 2 شباط بعد اسبوعين على قاعدة ان في الدورة الاولى تجري الانتخابات، واذا لم تكن لمصلحة فريق من الفرقاء، يتم تعطيل النصاب في الدورة الثانية. وهكذا لن تجري الانتخابات الرئاسية في الافق المنظور، وستكون بعيدة ولن تأتي قبل الربيع او الصيف المقبل، الا اذا انسحب الوزير سليمان فرنجية او العماد ميشال عون من معركة ترشيح رئاسة الجمهورية وهذا امر مستبعد كليا.